طفل يمني في تعز يحمل هم الأسرة على كتفيه: من عربة موز إلى درب الكفاح بدل مقاعد الدراسة

     
المشهد اليمني             عدد المشاهدات : 135 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
طفل يمني في تعز يحمل هم الأسرة على كتفيه: من عربة موز إلى درب الكفاح بدل مقاعد الدراسة

في أحد شوارع مدينة تعز، وسط زحام الحياة اليومية وصخب المارة، يقف طفل لا يتجاوز عمره الثانية عشرة ربيعاً، يحمل على كتفيه أعباء لم تكن من نصيب من هم في عمره، بل من مسؤوليات الرجال الكبار.

إنه لا يلهو، ولا يلعب، ولا يرتاد المدرسة كما ينبغي لكل طفل في مقتبل العمر، بل يقف خلف عربة قديمة تُباع منها حبات الموز، يوزع الابتسامات رغم الألم، ويقاسِم الأمل مع من يمرّ بجانبه، في محاولة يائسة لسدّ رمق أسرة باتت تعتمد عليه بعد أن فقدت معيلها الوحيد.

الطفل، الذي لم يُفصح عن اسمه، أصبح وجهًا بارزًا من وجوه المعاناة الإنسانية التي تُخيّم على ملايين الأطفال في اليمن، بعد أن توفي والده إثر ظروف الحرب والانهيار الاقتصادي المتسارع.

في لحظة واحدة، تحوّل من طفل يبحث عن لعبته المفضلة إلى رجل صغير يبحث عن لقمة العيش لأمه وإخوته الصغار، الذين لم يعد في مقدورهم الاعتماد سوى عليه.

في تقرير مؤثر، أشار الكاتب والناشط الاجتماعي فاروق السامعي إلى أن هذا الطفل لم يجد أمامه سوى عربة الموز التي كان والده يتاجر بها قبل وفاته، فتبنّاها كمصدر وحيد للدخل، ووقف خلفها كل يوم، باكراً، يتحدى البرد، والتعب، والنظرة التي قد تكون مشفقة أو قاسية، لكنه يواصل مشواره بعزيمة لا تليق بسنه.

"لقد سُلبت منه طفولته، مثلما سُلبت من آلاف الأطفال في اليمن"، يقول السامعي، مضيفًا: "بينما يعيش أطفال العالم حياة مليئة باللعب، والتعليم، والرعاية، يُجبر أطفال اليمن على النزول إلى الشوارع، وتحمل أعباء الأسر، والعمل في ظروف لا إنسانية، فقط من أجل البقاء".

وأكد أن هذا الطفل ليس حالة فردية، بل هو نموذج يمثّل مئات الآلاف من الأطفال في مختلف محافظات اليمن، الذين اضطروا إلى ترك مقاعد الدراسة والانخراط في سوق العمل، سواء في البيع في الشوارع، أو جمع البلاستيك، أو العمل في ورش الميكانيكا، أو حمل البضائع في الأسواق، كلٌّ في سبيله يبحث عن لقمة تُسند أسرة منهكة، لم يعد لديها ما تقدمه لأبنائها.

فهناك من يعمل لساعات طويلة لإعالة والده الذي انقطع راتبه منذ سنوات بسبب توقف مؤسسات الدولة، وهناك من يبيع المناديل الورقية أو الماء في الإشارات الضوئية، ليُطعم إخوته بعد أن توفي والدهم في جبهة القتال، أو بسبب الأمراض التي لم تعد الأدوية تُعالجها في ظل انهيار القطاع الصحي.

تفاصيل مؤلمة، تكاد تكون يومية، لكنها تُغيب عن واجهة الإعلام، ليس لعدم أهميتها، بل لأنها باتت "طبيعيّة" في واقع اليمن، حيث صار العمل القسري للأطفال ظاهرة متفشية، تُستَهان بها، رغم خطورتها البالغة على مستقبل جيل كامل.

منظمات دولية محلية ودولية، كاليونيسف، حذّرت مرارًا من "كارثة إنسانية صامتة" تتمثل في تشغيل الأطفال، مشيرة إلى أن اليمن بات من بين الدول التي تسجّل أعلى معدلات عمل الأطفال في العالم، خاصة في ظل الفقر المدقع الذي يعاني منه أكثر من 80% من السكان.

لكن في ظل تعدد الأزمات، وانشغال وسائل الإعلام بتغطية المعارك والانفجارات، تبقى قصص هؤلاء الأطفال المجهولين في الشوارع، بلا صوت، بلا صورة، بلا عدالة.

الطفل في تعز، وآلاف مثله، لا يطلبون سوى أن يعيشوا طفولتهم، أن يذهبوا إلى المدرسة، أن يضحكوا دون أن يفكروا في الغد. لكن في بلدٍ منهار، يُصبح الحلم بسيطاً جداً: لقمة عيش، وسقف آمن، وفرصة للعودة إلى الحياة.

في النهاية، لا يمكن تجاهل أن هؤلاء الأطفال ليسوا مجرد ضحايا للحرب، بل شهود على فشل المجتمع الدولي والمحلي في حماية أبسط حقوق الإنسان: حق الطفل في الطفولة.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

توجيهات رئاسية عاجلة إلى رئيس الحكومة بسرعة العودة إلى عدن وقطع زياراته الخارجية

مراقبون برس | 724 قراءة 

مصر.. فتوى بعد اعتداء فرد أمن سعودي على معتمر مصري في المسجد الحرام

الوطن العدنية | 649 قراءة 

تقرير أممي: مليشيا الحوثي تزود الأطفال بالحبوب المخدرة لضمان الطاعة

حشد نت | 588 قراءة 

تقرير خبراء مجلس الأمن يسرد تفاصيل “صادمة” عن فرقة “الزينبيات” التابعة للحوثيين ودورها الإستخباراتي “الخطير”

بران برس | 525 قراءة 

اشتباكات وقصف متبادل بين مليشيا الحوثي و‘‘دفاع شبوة’’ والطيران يتدخل

المشهد اليمني | 500 قراءة 

حلقة جديدة من "بودكاست بران" | صراع الحراك الجنوبي والسقوط الوشيك للمجلس الانتقالي (فيديو + صوت)

بران برس | 478 قراءة 

صحيفة لبنانية: السعودية تضغط لتعديل "خارطة الطريق" وفرض شرط جديد على الحوثيين

اليوم برس | 460 قراءة 

صعدة تشتعل من الداخل.. اندلاع اشتباكات دامية بين الحوثيين ومجندينهم وتمرد على أوامر المشرفين

المشهد اليمني | 374 قراءة 

وزير الأوقاف السابق: مطار المخا إنجاز وطني يخدم ملايين اليمنيين ولا يجوز حشر السياسة في مشاريع التنمية

حشد نت | 371 قراءة 

تقرير الخبراء يكشف سبب هجوم الحوثيين على مطاري عدن والمخا

المرسى الاخباري | 345 قراءة