طفل يمني في تعز يحمل هم الأسرة على كتفيه: من عربة موز إلى درب الكفاح بدل مقاعد الدراسة

     
المشهد اليمني             عدد المشاهدات : 151 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
طفل يمني في تعز يحمل هم الأسرة على كتفيه: من عربة موز إلى درب الكفاح بدل مقاعد الدراسة

في أحد شوارع مدينة تعز، وسط زحام الحياة اليومية وصخب المارة، يقف طفل لا يتجاوز عمره الثانية عشرة ربيعاً، يحمل على كتفيه أعباء لم تكن من نصيب من هم في عمره، بل من مسؤوليات الرجال الكبار.

إنه لا يلهو، ولا يلعب، ولا يرتاد المدرسة كما ينبغي لكل طفل في مقتبل العمر، بل يقف خلف عربة قديمة تُباع منها حبات الموز، يوزع الابتسامات رغم الألم، ويقاسِم الأمل مع من يمرّ بجانبه، في محاولة يائسة لسدّ رمق أسرة باتت تعتمد عليه بعد أن فقدت معيلها الوحيد.

الطفل، الذي لم يُفصح عن اسمه، أصبح وجهًا بارزًا من وجوه المعاناة الإنسانية التي تُخيّم على ملايين الأطفال في اليمن، بعد أن توفي والده إثر ظروف الحرب والانهيار الاقتصادي المتسارع.

في لحظة واحدة، تحوّل من طفل يبحث عن لعبته المفضلة إلى رجل صغير يبحث عن لقمة العيش لأمه وإخوته الصغار، الذين لم يعد في مقدورهم الاعتماد سوى عليه.

في تقرير مؤثر، أشار الكاتب والناشط الاجتماعي فاروق السامعي إلى أن هذا الطفل لم يجد أمامه سوى عربة الموز التي كان والده يتاجر بها قبل وفاته، فتبنّاها كمصدر وحيد للدخل، ووقف خلفها كل يوم، باكراً، يتحدى البرد، والتعب، والنظرة التي قد تكون مشفقة أو قاسية، لكنه يواصل مشواره بعزيمة لا تليق بسنه.

"لقد سُلبت منه طفولته، مثلما سُلبت من آلاف الأطفال في اليمن"، يقول السامعي، مضيفًا: "بينما يعيش أطفال العالم حياة مليئة باللعب، والتعليم، والرعاية، يُجبر أطفال اليمن على النزول إلى الشوارع، وتحمل أعباء الأسر، والعمل في ظروف لا إنسانية، فقط من أجل البقاء".

وأكد أن هذا الطفل ليس حالة فردية، بل هو نموذج يمثّل مئات الآلاف من الأطفال في مختلف محافظات اليمن، الذين اضطروا إلى ترك مقاعد الدراسة والانخراط في سوق العمل، سواء في البيع في الشوارع، أو جمع البلاستيك، أو العمل في ورش الميكانيكا، أو حمل البضائع في الأسواق، كلٌّ في سبيله يبحث عن لقمة تُسند أسرة منهكة، لم يعد لديها ما تقدمه لأبنائها.

فهناك من يعمل لساعات طويلة لإعالة والده الذي انقطع راتبه منذ سنوات بسبب توقف مؤسسات الدولة، وهناك من يبيع المناديل الورقية أو الماء في الإشارات الضوئية، ليُطعم إخوته بعد أن توفي والدهم في جبهة القتال، أو بسبب الأمراض التي لم تعد الأدوية تُعالجها في ظل انهيار القطاع الصحي.

تفاصيل مؤلمة، تكاد تكون يومية، لكنها تُغيب عن واجهة الإعلام، ليس لعدم أهميتها، بل لأنها باتت "طبيعيّة" في واقع اليمن، حيث صار العمل القسري للأطفال ظاهرة متفشية، تُستَهان بها، رغم خطورتها البالغة على مستقبل جيل كامل.

منظمات دولية محلية ودولية، كاليونيسف، حذّرت مرارًا من "كارثة إنسانية صامتة" تتمثل في تشغيل الأطفال، مشيرة إلى أن اليمن بات من بين الدول التي تسجّل أعلى معدلات عمل الأطفال في العالم، خاصة في ظل الفقر المدقع الذي يعاني منه أكثر من 80% من السكان.

لكن في ظل تعدد الأزمات، وانشغال وسائل الإعلام بتغطية المعارك والانفجارات، تبقى قصص هؤلاء الأطفال المجهولين في الشوارع، بلا صوت، بلا صورة، بلا عدالة.

الطفل في تعز، وآلاف مثله، لا يطلبون سوى أن يعيشوا طفولتهم، أن يذهبوا إلى المدرسة، أن يضحكوا دون أن يفكروا في الغد. لكن في بلدٍ منهار، يُصبح الحلم بسيطاً جداً: لقمة عيش، وسقف آمن، وفرصة للعودة إلى الحياة.

في النهاية، لا يمكن تجاهل أن هؤلاء الأطفال ليسوا مجرد ضحايا للحرب، بل شهود على فشل المجتمع الدولي والمحلي في حماية أبسط حقوق الإنسان: حق الطفل في الطفولة.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

فيديو | موقف اليمنيين من تحركات الانتقالي في حضرموت والمهرة وتحشيد أنصاره للمطالبة بإعلان دولة الجنوب؟

بران برس | 862 قراءة 

عاجل:معارك عسكرية بمختلف الأسلحة بهذه المحافظة الجنوبية

كريتر سكاي | 839 قراءة 

ضمن خطة هيكلة الجيش.. الرئيس العليمي يعين قيادة جديدة لهيئة الركن بالعمليات المشتركة

موقع الأول | 612 قراءة 

عودة علي سالم البيض إلى عدن بعد سنوات من الغياب.. ورسالة برلمانية حول الوحدة اليمنية

نيوز لاين | 578 قراءة 

خالد سلمان يكشف عن زلزال عسكري قادم نحو تعز والبيضاء.. وساعات لحسم مصير محور الجبولي

نافذة اليمن | 559 قراءة 

اليمن مات. وهذا ما سيحلّ مكانه!

الوطن العدنية | 554 قراءة 

عملية استباقية نوعية لشرطة مأرب.. اعتقال قيادي حوثي كُلف بإدارة الخلايا الإرهابية خلفاً للقيادي المعتقل “أحمد قطران”

بران برس | 494 قراءة 

هل تستخدم السعودية القوة لإخراج قوات الانتقالي من حضرموت والمهرة؟

الوطن العدنية | 435 قراءة 

اول ضربة جوية على قوات الانتقالي بوادي حضرموت (تفاصيل)

مراقبون برس | 427 قراءة 

إعلان رسمي: أول مدينة في اليمن تحظر السلاح وتتوعد المخالفين بالعقوبات

نيوز لاين | 363 قراءة