أعاد اعتراض قوات المقاومة الوطنية اليمنية شحنة الأسلحة الإيرانية الضخمة، البالغة 750 طناً، والتي كانت في طريقها إلى ميناء الصليف الخاضع لسيطرة الحوثيين، فتح النقاش حول الأبعاد الاستراتيجية للصراع في اليمن. فالحادثة لا تقتصر على كونها عملية نوعية ناجحة، بل تمثل دليلاً جديداً على استمرار إيران في توظيف وكلائها كأدوات نفوذ إقليمية، رغم الضغوط التي تكبدتها مؤخراً خلال المواجهات مع الولايات المتحدة وإسرائيل.
محور المقاومة كأداة استراتيجية
يرى الباحثان برجيت تومي وبهنام بن طالبلو، من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD)، أن “محور المقاومة” الذي تقوده طهران يتجاوز كونه تحالفاً عسكرياً إلى كونه مشروعاً أيديولوجياً يعمل على إعادة تشكيل موازين القوى الإقليمية عبر رعاية ميليشيات مسلحة عابرة للحدود.
ويعتبر الحوثيون أحد أبرز مكاسب هذا المشروع منذ سيطرتهم على صنعاء عام 2014، حيث ساهم الدعم الإيراني في نقلهم من جماعة محلية إلى قوة عسكرية تهدد أمن الملاحة الإقليمية والدولية.
رسائل شحنة الصليف
تمثل الشحنة الأخيرة تحدياً مباشراً للعقوبات الدولية، خصوصاً قرار مجلس الأمن رقم 2624 لعام 2022 الذي يفرض حظراً شاملاً على تسليح الحوثيين. ويكشف حجم الشحنة ونوعيتها عن إصرار طهران على الحفاظ على نفوذها في اليمن، واستخدامه كورقة مساومة في صراعها مع خصومها الإقليميين والدوليين.
تطور نوعي في ترسانة الحوثيين
كشفت عملية الاعتراض عن احتواء الشحنة على أسلحة نوعية، منها صواريخ كروز متطورة، وطائرات مسيّرة هجومية من طراز “شاهد-107″، وصواريخ مضادة للطائرات المسيّرة من نوع “قائم-118″، إلى جانب صواريخ كروز بحرية من طراز “قدير” و”سجّيل”. هذا التطور النوعي يعكس انتقال الحوثيين إلى مرحلة جديدة من القدرات العسكرية، رغم محاولاتهم إنتاج بعض المكونات محلياً، إذ لا تزال خطوط إمدادهم الأساسية مرتبطة بشكل مباشر بطهران.
الحاجة إلى استراتيجية أميركية شاملة
يؤكد تومي وبن طالبلو أن الاعتراضات البحرية، رغم أهميتها، ليست كافية لردع الحوثيين أو كبح النفوذ الإيراني، وأن الوضع الراهن يتطلب استراتيجية متكاملة تشمل:
تجفيف مصادر التمويل الحوثية عبر مراقبة شبكات التحويلات المالية والمصارف المرتبطة بهم.
تكثيف عمليات الاعتراض البحرية بالتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين.
تعزيز قدرات القوات البحرية اليمنية، بما في ذلك دعم المقاومة الوطنية التي أثبتت فاعليتها في إحباط عمليات التهريب.
استهداف البنية العسكرية للحوثيين ومراكز القيادة لردع الهجمات المتكررة على الملاحة الدولية.
خاتمة تحليلية
عملية الاعتراض الأخيرة، بقيادة المقاومة الوطنية، تكشف عن اتساع ساحة الصراع لتشمل ليس فقط المواجهة مع الحوثيين، بل أيضاً كبح مشروع إيران الإقليمي القائم على حروب الوكالة. ومع استمرار طهران في ضخ الأسلحة، تبقى الحاجة ملحّة لاستراتيجية دولية أكثر صرامة، تجمع بين الضغط العسكري والاقتصادي والسياسي، لضمان أمن المنطقة والممرات البحرية الحيوية.
التلغراف: أكبر شحنة أسلحة إيرانية في قبضة اليمن.. طهران تعود لتسليح حلفائها
محلل سياسي: شحنة الأسلحة الأخيرة تكشف ما تحاول إيران إخفاءه في اليمن
إعلام المقاومة الوطنية يكشف تفاصيل إحباط تهريب أضخم شحنة أسلحة إيرانية في البحر الأحمر
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news