بالتزامن مع إعلان القوات المشتركة في الساحل الغربي – تعز عن ضبط شحنة أسلحة إيرانية كانت في طريقها إلى جماعة الحوثي، أجرى فريق منصة مُسند تحليلًا دقيقًا للتحركات الجوية والبحرية في محيط العملية. وقد تبيّن من خلال التتبع الزمني أن طائرة الأميركية MQ-4C Triton استطلاعية غير مأهولة، الحاملة للنداء العملياتي OVRLD01، انطلقت عند الساعة 02:30:51 فجرًا بتاريخ 14 يوليو 2025 بتوقيت اليمن من موقع ملحق بقاعدة الظفرة الجوية جنوب أبوظبي. في الامارات العربية المتحدة.
بتحليل أنماط الحركة، ظهرت مؤشرات على تحركات غير اعتيادية لطيران أميركي مسير في نطاق البحر الأحمر المقابل لجزر حنيش والساحل الغربي. ورغم تزامن هذه التحركات مع عملية احباط شحنة الاسلحة، إلا أن التحركات الامريكية المصاحبة لم يُكشف عنها. ما يترك الباب مفتوحًا أمام تساؤلات عدة حول طبيعة الدور الأميركي في العملية، ومدى مشاركة أطراف إقليمية أو دولية في تأمين نجاحها.
نقطة الإقلاع – قاعدة الظفرة الجوية
وقد استخدمت الطائرة نداء العمليات "OVRLD01"، والذي يُحتمل أنه اختصار لعبارة:
أي "مراقبة واستطلاع لرصد الأجهزة ومنصات الإطلاق"، ما يوحي بطبيعة المهمة التي تحمل طابعًا استخباراتيًا بحريًا عالي الحساسية، دون أن يُعد ذلك تعريفًا رسميًا للنداء
الدخول إلى المجال العملياتي فوق البحر الأحمر
وعند الساعة 04:15:57 UTC (07:15:57 صباحاً بتوقيت اليمن) من صباح 15 يوليو 2025 ، دخلت الطائرة MQ-4C Triton المجال البحري قبالة جزر حنيش غرب اليمن، بارتفاع شاهق بلغ 46,000 قدم. بعد دقائق، فعّلت الطائرة أنظمة التتبع العلني عند الساعة 04:24:58 UTC (07:24:58 صباحاً بتوقيت اليمن)، في نقطة حساسة تبعد 40–50 كم غرب المخا.
هذه المرحلة مثلت التحول من التخفي إلى الرصد النشط، فوق منطقة بحرية تُعرف بكونها ممرًا محتملًا لتهريب شحنات من إيران، ويرجّح أن من بينها الشحنة التي أُعلن لاحقًا عن ضبطها من قِبل قوات المقاومة الوطنية
التحوّل من التحليق إلى المراقبة
تمت المهمة الجوية للطائرة الأمريكية MQ-4C Triton في صباح يوم 15 يوليو 2025، دخلت الطائرة الأمريكية MQ-4C Triton مرحلة المراقبة الجوية الفعلية فوق منطقة باب المندب، حيث بدأت تنفيذ دورات استطلاعية بيضاوية عند الساعة 07:54 صباحًا بتوقيت اليمن.
امتدت هذه المرحلة عبر ثلاث دورات متفرقة ضمن نطاق العمليات البحرية، وهو ما يشير إلى نمط مراقبة ميدانية دقيق.
في تمام الساعة 08:43:08 UTC (11:43 صباحًا بتوقيت اليمن) يوم 15 يوليو 2025، رصد فريق منصة مُسند توقفًا مفاجئًا لبث الطائرة MQ-4C Triton أثناء تحليقها على ارتفاع 46,025 قدم قبالة ميناء المخا، وذلك عقب تنفيذ ثلاث دورات استطلاعية جنوب باب المندب، في نمط مراقبة ميدانية بحري.
استمر الانقطاع 41 دقيقة و37 ثانية، في أطول فترة تخفٍّ خلال المهمة، قبل أن تعاود الطائرة البث عند الساعة 09:24:45 UTC (12:24 ظهرًا) دون مغادرة المجال البحري. وقد تزامن هذا الانقطاع مع المنطقة التي أعلنت فيها قوات المقاومة الوطنية لاحقًا ضبط شحنة أسلحة بحرية، ما يُرجّح وجود رصد استخباراتي مشبوه دون تأكيد نهائي لهوية الهدف أو طبيعة التنسيق.
الانسحاب من مسرح العمليات
وتُعد لحظة الانسحاب هذه مؤشّرًا على إتمام مرحلة عملياتية متكاملة، خاصة وأنها جاءت عقب أطول فترة توقف للطائرة في نطاق ضيّق، دون أي تحرك استكشافي إضافي.
اللافت أن هذا الانسحاب سبق الإعلان الرسمي عن اعتراض الشحنة بعدة ساعات، ما يُعزّز احتمال أن مهمة الطائرة اكتملت بعد رصد تحركات بحرية مشبوهة، دون الجزم بارتباط مباشر أو توقيت تنسيقي مع الإعلان لاحقًا.
بعد نحو سبع ساعات من مغادرة الطائرة الأميركية لمسرح العمليات، وقبل إعلان ضبط شحنة الأسلحة الإيرانية، رصد فريق مُسند طائرة نقل عسكري إماراتية من طراز C-130H Hercules، تحمل اسمًا وهميًا (xxxxxxxx)، أثناء تحليقها فوق مضيق باب المندب بمحاذاة جزيرة ميون، صباح 15 يوليو 2025، على ارتفاع 12,525 قدمًا وبوضع هبوط تدريجي.
انقطع التتبع فجأة بعد دقائق، ويُرجّح أن الطائرة أوقفت إشارات ADS-B يدويًا، في إجراء معتاد عند الاقتراب من قواعد غير معلنة، مثل قاعدة ميون الجوية التي تُستخدم لعمليات إماراتية استراتيجية في البحر الأحمر.
إعلان القوات المشتركة
في أعقاب انتهاء هذه المهمة الجوية، أعلن العميد طارق صالح عند الساعة 03:25 UTC (06:25 صباحاً بتوقيت اليمن) يوم 16 يوليو، عن ضبط شحنة أسلحة إيرانية كانت على متن سفينة خشبية. لكن التحليل الزمني لمسار Triton يشير بوضوح إلى أن العملية لم تكن اكتشافًا ميدانيًا عشوائيًا، بل نتيجة تنسيق استخباراتي عالي بين الولايات المتحدة والإمارات، مع منح القوات المحلية دورًا علنيًا محدودًا في الإعلان.
التدخل الأمريكي غير المعلن
يُعد الفيديو المنشور على منصة DVIDS Hub بتاريخ 16 يوليو 2025، أحد أهم الأدلة البصرية الرسمية التي توثق لحظة اعتراض شحنة أسلحة بحرية، كانت في طريقها إلى الحوثيين.
تم تصوير الفيديو بتاريخ 15 يوليو 2025، أي في نفس يوم تنفيذ الطائرة الأميركية MQ-4C Triton مهمتها الاستخباراتية في البحر الأحمر، وتحديدًا في الموقع الذي وثّقته بيانات التتبع عند باب المندب – قبالة سواحل المخا. يُظهر الفيديو زورقًا خشبيًا تقليديًا تم اعتراضه، وتواجدًا ميدانيًا لعناصر مسلّحة.
يحمل الفيديو رمز التوثيق العسكري VIRIN: 250715-D-D0477-2022، وهو نظام معتمد من البنتاغون يشير إلى:
25: سنة 2025
0715: التاريخ (15 يوليو)
D-D0477: كود الفريق الإعلامي
2022: الرقم التسلسلي للمادة
يُعد هذا الفيديو، عند ربطه ببيانات تتبع الطائرة Triton، دليلاً قويًا على أن الولايات المتحدة كانت تتابع الشحنة وشاركت في توثيق مصادرتها، رغم عدم إعلانها ذلك صراحة.
تحليل الصور المنشورة
الصور تُظهر الزورق الخشبي ذاته ومكوّنات الشحنة المصادرة، بما في ذلك الصواريخ، محركات الدرون، أجهزة التوجيه والرادار.
هذه الصور، إلى جانب الفيديو الذي يحمل توقيع نفس المصوّر، تُكوّن مجموعة بصرية موثّقة، تؤرخ لحظة التدخل البحري وتُعزز الاستنتاج بأن العملية كانت منسّقة استخباراتيًا ومؤرشفة أميركيًا بكافة مراحلها.
استنتاج بيانات الصور
كما تتشارك الصور رمز التوثيق العسكري الرسمي VIRIN، والذي يبدأ بجذر موحّد (250715-D-00477)، ما يثبت أنها جُمعت ضمن مهمة واحدة بتاريخ 15 يوليو 2025.
وجود هذا القدر من التوثيق المنظم، المرتبط بشخصية عسكرية ومُرقم ضمن نظام VIRIN، يجعل من الصور والفيديو بمثابة أدلة ميدانية موثّقة من وزارة الدفاع الأميركية
تأكيد الشكوك
المثير للانتباه أن القيادة المركزية الأميركية (CENTCOM) نشرت في اليوم التالي فيديوً رسميًا , يوثق عملية ضبط شحنة الأسلحة، تحت الرمز العسكري VIRIN: 250715-D-D0477-2022، وهو رمز يدل على أرشفة رسمية ضمن نظام وزارة الدفاع الأميركية. الفيديو، الذي التُقط بتاريخ 15 يوليو، يتطابق في توقيته مع فترة تحليق الطائرة Triton، ويُظهر ذات القارب الخشبي الذي ظهر لاحقًا في تسجيلات المقاومة الوطنية.
هذا الترابط الزمني بين المسار الجوي، والانقطاع المؤقت، والموقع البحري، مع التوثيق البصري والبيان العسكري الرسمي، يُعزز فرضية أن عملية الاعتراض جرت بتنسيق استخباراتي مشترك، اعتمد على المراقبة الجوية الدقيقة، وليس على الصدفة أو معلومات ميدانية فقط.
ويُعزّز هذا الترابط الزمني والميداني ما أكده المتحدث باسم المقاومة الوطنية، وضاح الدبيش، في تصريحه لـ"العربي الجديد"، إذ أشار إلى أن التصعيد الحوثي في البحر الأحمر "عزّز من مستوى التعاون الاستخباراتي وتنسيق العمليات بين قواتنا والقوات الدولية والتحالف العربي"، مؤكدًا امتلاك المقاومة طاقمًا استخباراتيًا بإمكانيات متقدمة، وأن "التعاون مع الشركاء يشمل تبادل المعلومات، وتنفيذ عمليات مشتركة لتعقب وضبط شحنات التهريب".
ويُعد هذا التصريح دليل مباشرة على أن عملية الضبط جرت فعليًا يوم 15 يوليو 2025، أي في نفس توقيت مهمة الطائرة MQ-4C Triton.
كما أن جميع المواد البصرية المنشورة من القيادة المركزية الأميركية (CENTCOM)، بما في ذلك الفيديو والصور، تحمل الرمز العسكري VIRIN المؤرَّخ بـ15 يوليو، ما يعزّز فرضية التزامن الكامل بين الرصد الجوي والعملية الميدانية البحرية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news