يمن إيكو|ترجمة:
قال موقع “ديسكفري أليرت” الاقتصادي الأسترالي إن إغلاق ميناء إيلات بسبب الحصار البحري الذي فرضته قوات صنعاء في البحر الأحمر يشكل تأثيراً استراتيجياً كبيراً على إسرائيل التي اضطرت إلى إعادة هيكلة شبكتها التجارية مع آسيا، وتواجه الآن خيارات صعبة للتعامل مع هذا التأثير.
ونشر الموقع، اليوم الأحد، تقريراً مطولاً رصده وترجمه “يمن إيكو”، جاء فيه أن “ميناء إيلات الجنوبي الاستراتيجي، بوابة إسرائيل للتجارة مع آسيا وشرق أفريقيا، توقف عن العمل فعلياً وسط تصاعد هجمات الحوثيين المسلحة في منطقة البحر الأحمر، ويُمثل هذا تطوراً هاماً في الصراع البحري الإقليمي الذي بدأ أواخر عام ٢٠٢٣، والذي أحدث تأثيرات واسعة النطاق على طرق الشحن وعلى الاقتصاد الإسرائيلي”.
وذكر التقرير أن محللي الأمن البحري يرون أن “إغلاق الميناء يمثل أحد أكبر التأثيرات الاقتصادية الملموسة لحملة الحوثيين خارج حدود اليمن، حيث أثر على ما يقرب من 5-7% من إجمالي التجارة البحرية لإسرائيل التي كانت تتدفق في السابق عبر هذه البوابة الجنوبية الحيوية”.
ونقل التقرير عن خبير الأمن البحري، الكابتن جوناثان هيلمان، قوله: “إن إغلاق ميناء إيلات يوضح كيف يمكن لتكتيكات الحرب غير المتكافئة أن تحقق تأثيراً اقتصادياً استراتيجياً على الرغم من وجود قوات بحرية دولية في المنطقة”.
وأشار التقرير إلى أنه “في حين يُمثل التهديد الحوثي العامل المُحفِّز المباشر، فإن إغلاق ميناء إيلات ينبع أيضاً من صعوبات مالية جسيمة سبقت الأزمة الأمنية الحالية، فقد تراكمت على الميناء ديون مستحقة تُقدَّر بنحو 8.7 مليون دولار لمُقدِّمي الخدمات ومُورِّدي المعدات ومقاولي الصيانة، وفقاً للمنشورات المالية الإسرائيلية”.
وأوضح أن “عدم الاستقرار المالي للميناء أدى إلى تأخير صيانة البنية التحتية الحيوية، وتوقف مشاريع التحديث، وأصبحت مستويات التوظيف غير كافية للعمليات الآمنة، كما تدهور الوضع التنافسي مع الموانئ المجاورة”.
وأضاف: “لقد أدى الجمع بين التهديدات الأمنية والضائقة المالية إلى خلق بيئة تشغيلية غير مستدامة، مما أدى فعلياً إلى إغلاق المشروع في منتصف عام 2024”.
واعتبر التقرير أن “موقع إيلات الجغرافي يجعلها عرضة بشكل فريد لتهديد الحوثيين، فعلى عكس موانئ إسرائيل المطلة على البحر الأبيض المتوسط، يتعين على السفن القادمة من إيلات المرور عبر، مضيق باب المندب (نقطة اختناق ضيقة بعرض 29 كيلومتراً)، وطول البحر الأحمر (حوالي 2000 كم)، وخليج العقبة (مدخل ضيق بعرض 16 كم) وتقع كل من هذه الممرات المائية الضيقة ضمن النطاق الواضح لأنظمة الصواريخ والطائرات بدون طيار التابعة للحوثيين، مما يخلق ما يسميه الاستراتيجيون البحريون (منطقة حظر مثالية) حيث تكون قدرة السفن على المناورة وخياراتها الدفاعية محدودة”.
وذكر التقرير أنه “في ديسمبر 2023، صُنف البحر الأحمر بأكمله كمنطقة عالية الخطورة، مما أدى إلى زيادات تلقائية في أقساط التأمين جعلت الشحن التجاري إلى إيلات غير مجدٍ اقتصادياً بغض النظر عن تكرار الهجمات”.
وقال التقرير إن “إغلاق ميناء إيلات أدى إلى إعادة هيكلة شبكات التجارة الإسرائيلية في آسيا وشرق أفريقيا بالكامل، فقبل الإغلاق، كان ميناء إيلات يتعامل مع ما يقارب 450 ألف حاوية سنوياً، و1.2 مليون طن من البضائع السائبة، و300 ألف مركبة مستوردة من مصنعين آسيويين، والآن يتعين إعادة توجيه هذه البضائع عبر موانئ أشدود وحيفا على البحر الأبيض المتوسط، مما يخلق مشاكل ازدحام ويتطلب نقلاً برياً مكثفاً للوصول إلى الوجهات الجنوبية”.
وأوضح أنه: “بالنسبة للسلع الحساسة للوقت مثل المنتجات الزراعية القابلة للتلف والمكونات التكنولوجية العالية، فإن وقت العبور الإضافي يمثل عيباً تنافسياً كبيراً للمصدرين الإسرائيليين في الأسواق الآسيوية”.
وأكد التقرير أن “اقتصاد إيلات تضرر بشدة جراء إغلاق الميناء، حيث كان المرفأ يوظف بشكل مباشر حوالي 350 عاملاً، ويدعم ما يُقدر بنحو 2000 وظيفة إضافية في الخدمات ذات الصلة، بما في ذلك: التخليص الجمركي والشحن، وخدمات النقل والخدمات اللوجستية، وتجهيز السفن وصيانتها، والخدمات الإدارية والأمنية”.
وأضاف: “مع انخفاض السياحة بشكل كبير بسبب الصراع الإقليمي، أفادت التقارير أن معدل البطالة في إيلات ارتفع إلى 18%، مما خلق صعوبات اقتصادية خطيرة في المدينة الواقعة في أقصى جنوب إسرائيل”.
ونقل التقرير عن غرفة التجارة في إيلات قولها إن “الضربة المزدوجة المتمثلة في تراجع السياحة وإغلاق الميناء خلقت أزمة اقتصادية غير مسبوقة في المدينة، وبدون تدخل حكومي كبير، نواجه نزوحاً سكانياً محتملاً من هذه المنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية”.
ووفقاً للتقرير فإنه “من خلال استهداف ميناء إيلات، حقق الحوثيون أهدافاً استراتيجية متعددة، منها التأثير الاقتصادي المباشر والمتمثل في تعطيل طرق التجارة الإسرائيلية وزيادة تكاليف الاستيراد والتصدير، بالإضافة إلى إظهار القدرة من خلال إثبات قدرتهم على فرض قوتهم إلى ما هو أبعد من حدود اليمن، وكذلك فرض الاعتراف العالمي بحركتهم كقوة إقليمية، إلى جانب الضغط التجاري من خلال إجبار شركات الشحن على تجنب الموانئ الإسرائيلية بشكل كامل”.
وأوضح أنه “مع تصاعد التوترات أيضاً على الحدود الشمالية مع لبنان، أدى التهديد البحري الجنوبي إلى استنزاف موارد الدفاع الإسرائيلية بشكل كبير”، لافتاً إلى أن “الجيش الإسرائيلي يواجه الآن تحدياً معقداً يتمثل في الحفاظ على الدوريات البحرية في البحر الأحمر، والدفاع ضد الهجمات البحرية المحتملة، وحماية طرق الشحن في البحر الأبيض المتوسط، ومعالجة التهديدات من الجبهات الإقليمية الأخرى”.
وأشار إلى أن “هذه البيئة الأمنية المتعددة الأبعاد أدت إلى تعقيد الحسابات الاستراتيجية الإسرائيلية إلى حد كبير”.
وذكر التقرير أن “إسرائيل تواجه خيارات صعبة بشأن كيفية التعامل مع التهديد الحوثي، وقد درس المخططون العسكريون عدة مناهج، لكل منها عيوب كبيرة، فالضربات المباشرة على مواقع الحوثيين قد تدفع إلى تصعيد إقليمي أوسع، والمرافقات البحرية المحسنة تتطلب موارد مكثفة ولا تزال عرضة للهجمات المكثفة، وأنظمة الدفاع البحري مكلفة في النشر والصيانة عبر ممرات الشحن، والعمليات السيبرانية فعالة بشكل محتمل ولكن من الصعب استدامتها”.
ووفقاً للتقرير فإن “المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تبدو منقسمة بشأن النهج الأمثل، حيث يؤيد البعض العمل المباشر بينما يفضل آخرون الاستمرار في الاعتماد على قوات الحماية الدولية”.
وأوضح التقرير أن الخيارات الدبلوماسية للتعامل مع الأمر “تواجه تحديات كبيرة”.
ووفقاً للتقرير فقد “حدد المحللون الأمنيون والاقتصاديون أربعة سيناريوهات رئيسية يمكن أن تؤدي إلى إعادة فتح إيلات، الأول هو اتفاق وقف إطلاق النار الشامل في غزة يتضمن خفض التصعيد الحوثي (والذي يعتبر غير مرجح في المدى القريب)، والثاني تعزيز الردع العسكري من خلال عمليات دولية منسقة تعمل على تحييد التهديدات البحرية بشكل فعال (وهو أمر ممكن من الناحية الفنية ولكنه معقد سياسياً)، والثالث هو إعادة الهيكلة المالية مع ضمانات أمنية دولية (وهو حل متوسط الأجل)، والرابع هو ترتيبات شحن آمنة بديلة عبر الدول المجاورة مثل الأردن أو مصر (وهو قيد الاستكشاف بشكل نشط)”.
وأشار التقرير إلى أن “إسرائيل نفذت عدة استراتيجيات للتكيف مع إغلاق ميناء إيلات، منها توسيع الموانئ في أشدود وحيفا، وتعزيز الربط بالطرق والسكك الحديدية مع ميناء العقبة الأردني، والتفاوض مع مصر على ترتيبات إعادة الشحن عبر العريش، وتوسيع سعة الشحن الجوي عبر زيادة مرافق مناولة البضائع في مطار بن غوريون”.
ونقل التقرير عن سارة ليفينسون، الخبيرة الاقتصادية البحرية، قولها إن “أزمة ميناء إيلات تُظهر مدى سرعة تغير أنماط التجارة البحرية عند توافق العوامل الأمنية والاقتصادية”.
وأكد التقرير أنه “برغم صغر حجم ميناء إيلات مقارنةً بموانئ إسرائيل المطلة على البحر الأبيض المتوسط، إلا أنه كان يُمثل بوابة تجارية ذات أهمية استراتيجية”.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news