في الوقت الذي تعيش فيه العاصمة عدن واحدة من أسوأ مراحل التدهور الخدمي والانهيار الاقتصادي، أعادت عودة الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي إليها شيئًا من الأمل في أوساط المواطنين، الذين باتوا يتشبثون بأي بارقة تغيير وسط واقع يتجه نحو مزيد من التأزم.
ورغم الترحاب الشعبي اللافت بعودة الزُبيدي، إلا أن المزاج العام في الشارع العدني لم يعد يحتمل مزيدًا من الوعود، خصوصًا مع استمرار تدهور الخدمات الأساسية التي تمس حياة المواطنين بشكل يومي.
الكهرباء.. عنوان المعاناة اليومي
لا يزال ملف الكهرباء يتصدر واجهة المطالب الشعبية في عدن، خاصة مع دخول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة بشكل مرهق.. ساعات الانطفاء الطويلة التي تتجاوز 18 ساعة يوميًا جعلت من الحياة اليومية عبئًا لا يُحتمل، وزادت من معاناة الأسر التي لا تملك وسائل بديلة للتبريد أو الإنارة.
ووفقًا لتقارير محلية، فإن منظومة الكهرباء تعاني من إهمال مزمن، وسط غياب رؤية استراتيجية واضحة لإنقاذ هذا القطاع الحيوي.. ويخشى مراقبون من أن استمرار هذا الوضع قد يدفع بالمواطنين إلى الانفجار في أي لحظة، ما لم تحدث استجابة جادة وسريعة من الجهات المعنية.
عدن تغرق في أزمة بنى تحتية متهالكة
إلى جانب ملف الكهرباء، تواجه عدن أزمات حادة في شبكات المياه والصرف الصحي، حيث تنتشر المستنقعات ومياه الصرف المكشوفة في العديد من الأحياء، ما ينذر بكوارث بيئية وصحية على المدى القريب.
وترى "العين الثالثة" إن سكان مناطق مثل المنصورة والشيخ عثمان والمعلا والتواهي يعانون من تكرار انقطاعات المياه، فضلًا عن طفح المجاري الذي بات مشهدًا مألوفًا في شوارع المدينة، دون تحرك ملموس من الجهات المعنية رغم المناشدات المتكررة.
طرق متهالكة وخدمات اتصالات باهتة
البنية التحتية للطرق في عدن لم تسلم هي الأخرى من الإهمال، حيث تنتشر الحفر والتشققات، ما يتسبب في حوادث متكررة ويزيد من استهلاك الوقود وقطع غيار المركبات.. ويرى المواطنون أن تحسين شبكة الطرق يجب أن يكون أولوية في أي خطة إنقاذ مستقبلية.
أما خدمات الاتصالات والإنترنت، فتعيش في أسوأ حالاتها، وتلقت "العين الثالثة" شكاوى عديدة من مستخدمي خدمة "عدن نت" الذين عبّروا عن استيائهم من تراجع الأداء وغياب التوسعة، وهو ما يعوق العملية التعليمية ويؤثر على قطاعات العمل الحر والتجارة الإلكترونية.
الزُبيدي في عدن.. الرهانات والتحديات
عودة الرئيس الزُبيدي جاءت في لحظة مفصلية، حيث تتصاعد الضغوط الشعبية وتزداد الحاجة إلى قرارات حاسمة، وخلال الأيام الأولى من وصوله، التقى الزُبيدي بعدد من المسؤولين الحكوميين، في خطوات وُصفت بأنها تمهيد لتحريك المياه الراكدة.
لكن المراقبين الذين تحدثت إليهم "العين الثالثة" يرون أن الرهانات على الزُبيدي لا يمكن فصلها عن تعقيدات الواقع السياسي والأمني في العاصمة، فضلًا عن التحديات المرتبطة بتعثر أداء مجلس القيادة الرئاسي، الذي لم يعقد أي اجتماع منذ أكثر من شهرين، ما يعكس عمق الخلافات داخله.
الشارع العدني ينتظر الفعل لا الأقوال
في المحصلة، تبدو عدن اليوم في مفترق طرق، المواطنون سئموا التصريحات المكررة، ويبحثون عن من يُحدث فرقًا حقيقيًا في حياتهم.
وفي هذا السياق، يحمل كثيرون آمالهم على أكتاف الزُبيدي، لكنه في المقابل يواجه مهمة شاقة تحتاج إلى إرادة سياسية، ورؤية تنفيذية، وتحرك فوري.
وترى "العين الثالثة" أن أي تأخير إضافي في انتشال العاصمة عدن من مستنقع الأزمات سيقود حتمًا إلى انفجار شعبي، وأن الحفاظ على ما تبقى من الثقة بالقيادة يتطلب أفعالًا ملموسة، لا مزيدًا من الوعود.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news