كشف خبير عسكري أمريكي عن استراتيجية مبتكرة للتعامل مع تهديدات مليشيا الحوثي، تقوم على نهج استنزافي ذكي يعتمد على الطائرات المسيّرة منخفضة الكلفة، كبديل أكثر فعالية وأقل تكلفة من الضربات الجوية التقليدية، التي أثبتت محدودية أثرها في تحقيق نتائج حاسمة على الأرض.
وأوضح إريك نافارو، وهو باحث وخبير استراتيجي في الأمن القومي يشغل منصب مدير مبادرة أمن البحر الأحمر في منتدى الشرق الأوسط، أن الضربات الانتقامية المتقطعة ضد الحوثيين لم تُفضِ إلى نتائج حاسمة، بل منحت الجماعة مساحة لإعادة الانتشار، مستفيدة من تضاريس اليمن المعقدة وتكتيكات حرب العصابات.
ولهذا، فإن التحول إلى استراتيجية جوية قائمة على تكثيف استخدام الطائرات المسيّرة يشكل خيارًا أكثر كفاءة وفاعلية على المدى الطويل.
وفي تحليل نشره عبر منتدى الشرق الأوسط، شدد نافارو على أن الحرب الحديثة لم تعد تُحسم بتفوق جوي كلاسيكي أو انتشار بري واسع، بل بإدارة الموارد الذكية والتكتيك التكنولوجي، حيث يمكن للطائرات المسيّرة الرخيصة أن تفرض واقعًا عملياتيًا خانقًا على العدو، يشل حركته ويستنزف قدراته تدريجيًا.
وأشار إلى أن النموذج الأوكراني في مواجهة روسيا مثّل مثالًا واضحًا على فعالية هذا التوجه، إذ تمكنت كييف من إحداث خلل في ميزان الكلفة العسكرية عبر استخدام أسراب مسيّرات زهيدة الثمن لتدمير معدات روسية باهظة.
هذا النمط، بحسب نافارو، يمكن نقله إلى اليمن وتحقيق نتائج مماثلة ضد الحوثيين، خصوصًا في ظل محدودية مواردهم وتقييد قدراتهم التسليحية.
واعتبر أن الهدف لم يعد يتمثل في تدمير مواقع حوثية محددة، بل في تحويل كل حركة لهم إلى مخاطرة، من خلال إغراق الأجواء اليمنية بأسراب مسيّرة ترصد وتضرب باستمرار، ما يُفقد المليشيات حرية المناورة ويجعل البقاء فوق الأرض عبئًا عسكريًا.
ويرى نافارو أن هذه المقاربة توفّر أيضًا ميزة سياسية للولايات المتحدة، في وقت تتجه فيه واشنطن نحو تقليص انخراطها المباشر في النزاعات الخارجية بعد تجربتي العراق وأفغانستان.
فإستراتيجية “الرد البعيد منخفض الكلفة” تتيح لصنّاع القرار الأميركيين تنفيذ أهداف أمنية دون التورط في مواجهات برية مُكلفة وغير شعبية.
كما تسمح هذه المنهجية للولايات المتحدة وحلفائها، وفي مقدمتهم إسرائيل، بالحفاظ على قدراتهم العسكرية الكبرى لاستخدامها في ساحات أكثر تعقيدًا، كالمحيط الهادئ أو الخليج، دون استنزافها في معركة استنزاف تقليدية في اليمن.
وفي ضوء هذه الرؤية، يُصبح التفوق في ميدان المعركة مرهونًا بقدرة الأطراف على توظيف الكم وليس النوع فقط، وإحداث بيئة عملياتية مُربكة للخصم. كل مسيّرة إضافية تحلّق في سماء اليمن تُقلّص من فرص الحركة للحوثيين، وتجعل كل قرار بالتحرك مغامرة باهظة الثمن.
ويخلص نافارو إلى أن الانتصار على مليشيا الحوثي لن يكون بضربة مفاجئة أو حسم تقليدي، بل عبر تحوّل إستراتيجي طويل الأمد، يعتمد على تطويق الجماعة بطوق جوي لا يترك لها فرصة للهروب أو المفاجأة، ويُحوّل كل بقعة في اليمن إلى أرض مكشوفة، وكل لحظة تحرّك إلى تهديد دائم.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news