في خضمّ العتمة التي تُخيّم على المشهد السياسي الجنوبي، حيث تتحكّم "الأدوات العميقة" بمفاصل الدولة وتُحوّل مؤسساتها إلى ساحات للمناكفات والعقبات المُفتعلة، يبرز اسمٌ كسر جدار الصمت برصانة الأكاديمي وحزم الإداري: بدرجة وزير مخضرم اسمه عبد الناصر الوالي، وزير الخدمة المدنية والتأمينات، الذي حوّل منصبه إلى منصة للكشف عن خفايا المستور، لا إلى منبر للتبريرات الفارغة.
ليس الوزير الوالي من النمط التقليدي للوزراء الذين يكتفون بالتصريحات الاحتفالية أو يلوذون بالصمت أمام الفساد،بل إنه رجل الملفات، يعرف أين تُخبأ الأوراق، ومن يقف خلف تعطيل الخدمات، ومن يلعَب بورقة المضاربة بالعملة، وكيف تُعطّل شاحنات النفط في طرقات مأرب وحضرموت وكأنها ساحة حرب، بينما الشعب يئنّ تحت وطأة الندرة. إ
وائمًا يطل علينا بمنشورات نابعة من ضمير حي يرفض أن تكون الحكومة رهينة لـ"لوبيات الإعاقة" التي تدفع بالبلاد نحو الهاوية، وهو يعرف جيداً أن بعض المحافظات تُحارب إيرادات الدولة، وأن مكوناتٍ معينة تُعلّق عمل الحكومة وكأنها تُمارس سياسة "الإفلاس المُراقَب"!
ويسعى الوزر الوالي إلى أن يتخذ الشفافية سلاحه.. والوضوح استراتيجيته لأنه يشغل منصب وزير في حكومةٍ يكتنفها الضباب، يُصرّ الوزير الوالي على أن تكون الشمس هي سقف عمله وأن لا يتحدث من فراغ، بل من واقع أرشيف وثائقي يمتلكه كرئيس لكتلة وزراء الانتقالي، يعرف تفاصيل ما يدور في أروقة مجلس الوزراء، ويعي تماماً أن بعض الزملاء في الحكومة هم لا يساعدون من تشخيص المشكلة، لا صناعة الحل. لكنه، بالمقابل، لا يختار طريق التصادم العبثي، بل طريق الإصلاح العملي، حيث نجح في حلّ ملفات شائكة مثل مشكلات التسويات والمسرحين والمبعدين"، بإدارةٍ تذكرنا أن الإرادة السياسية لا تزال حيةً رغم كل شيء.
سؤال يحتاج إلى إجابة من القارئ لماذا يعد الوزبر الوالي استثناءً؟
لأنه يجمع بين ثلاثية نادرة:
1. لعقلية الأكاديمية التي تبحث عن الجذور لا الأعراض.
2. الخبرة الإداريةالتي تعرف الفرق بين "الحل الترقيعي" و"الإصلاح الهيكلي".
3. الشجاعة السياسية التي ترفض أن تكون جزءاً من دائرة الفساد، حتى لو كان الثمن عزلةً داخل أروقة السلطة.
وهنا يأتي السؤال الآخر هل يُسمَع صوته الوزير الوالي ؟.
المأساة ليست في وجود رجال مثل الوزير الوالي، بل في أن النظام السياسي قد يحوّلهم إلى أصوات منفردة في صحراء اللامبالاة.؛ فهل تستطيع حكومةٌ تعاني من اختراقات داخلية أن تحتضن مشروعه الإصلاحي؟ وهل سيكون كشفه المستمر للفساد مجرد صرخة في واد، أم أن وعي الشارع سيتحول إلى ضغطٍ كافٍ لتحويل أقواله إلى أفعال؟
؛ وفي الختام وردًا على تلك الأصوات التي هاجمت الوزير الوالي فأننا نقول إنه وزير لا يُشبه أحداً
لأن الوزير عبد الناصر الوالي ليس مجرد وزير، بل ظاهرة تستحق الدراسة. إنه دليلٌ على أن السياسة ليست بالضرورة فن الممكن، بل قد تكون فن تحدي المستحيل. ورغم أن المعركة أمامه شاقة، إلا أنه يثبت يومياً أن الأمل لا يزال ممكناً، طالما وُجد رجالٌ يرفضون أن يكونوا أدوات في لعبة الآخرين.
السؤال الآن: هل سيكون الوالي صوتاً يقتصر على فضح الفساد، أم أن الظروف ستسمح له بأن يكون يداً تُصلح ما أفسده الدهر؟ التاريخ سيجيب، لكن الأكيد أنه دخل كتبه كواحدٍ من القلائل الذين فضّلوا المصلحة العامة على الصمت الآمن.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news