في مشهد يعكس خطورة تفشي الفوضى وتنامي نفوذ المليشيات خارج الرقابة، كشف تقرير دولي عن تحوّل منصات التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها "إكس" و"واتساب"، إلى سوق سوداء مفتوحة لتجارة السلاح تديرها عناصر مرتبطة بمليشيا الحوثي، التي تستخدم هذه الوسائل الحديثة لترويج أسلحة فتاكة، بعضها أمريكي وغربي الصنع، في تحدٍ صارخ للأنظمة الدولية وقوانين مكافحة الإرهاب.
التقرير الصادر عن "مشروع الشفافية التقنية" (TTP) في العاصمة الأمريكية واشنطن، رصد أكثر من 130 حسابًا على منصة "إكس" و67 على "واتساب"، تروج لبيع أسلحة تشمل بنادق هجومية، وقاذفات قنابل، بل وحتى أسلحة تحمل أختامًا رسمية لمؤسسات حكومية وقعت تحت سيطرة الحوثيين منذ انقلابهم في 2014. وتُعرض هذه الأسلحة بأسعار باهظة، ما يرجّح أنها مخصصة لمجموعات متشددة عابرة للحدود.
ويشير التقرير إلى أن العديد من هذه الحسابات تستخدم ميزات مدفوعة مثل "إكس بريميوم" و"واتساب بيزنس" لزيادة الوصول والتفاعل، وهو ما يُعد انتهاكًا لسياسات الشركتين. وتم رصد بعض التجار وهم يتفاعلون بشكل علني مع منشورات إيلون ماسك، مالك "إكس"، بالإعلان عن بنادق من طراز M249 وAR-15، دون أي تدخّل فوري من المنصة.
المثير للقلق أكثر، هو استخدام ميزة "كتالوج المنتجات" على واتساب لعرض الأسلحة، وكأنها سلع استهلاكية، في ظل تراجع واضح في قدرة المنصات على مراقبة المحتوى الأمني الحساس، خاصة مع تقليص شركات التكنولوجيا الكبرى لأعداد فرق السلامة والمراجعة.
وعلّق متحدث باسم "واتساب" بأن بعض الحسابات تم حظرها بعد الإبلاغ عنها، إلا أنه لم يوضح لماذا فشلت أدوات الشركة في اكتشاف هذه الأنشطة في وقت مبكر، خصوصًا وأنها تعود لحسابات نشطة منذ أشهر وتُظهر بوضوح محتوى مخالفًا.
بدوره، أوضح "تيمور خان" من مركز أبحاث تسليح النزاعات، أن تتبع مصادر هذه الأسلحة معقّد للغاية، مرجحًا أن بعضها يعود لمخزونات حكومية سابقة استولت عليها جماعة الحوثي، في حين أن جزءًا آخر يتم تهريبه عبر طرق إيرانية تمتد إلى مناطق الصراع.
في الوقت الذي تغرق فيه البلاد في دوامة حرب طويلة الأمد، تتحوّل المنصات الرقمية إلى أدوات في أيدي المليشيات، لتوسيع تجارتها غير المشروعة ونشر السلاح في منطقة تعاني أصلًا من هشاشة أمنية وانفلات غير مسبوق، وسط صمت دولي يثير الكثير من التساؤلات حول جدّية العالم في محاربة الإرهاب العابر للفضاء الإلكتروني.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news