بين الترحيب والتشكيك، توالت ردود الفعل بشأن ضبط ما تسمى بـ "قوات المقاومة الوطنية" بالساحل الغربي، سفينة على متنها 750 طناً من الأسلحة النوعية كانت في طريقها إلى جماعة الحوثي.
وأعلن عضو مجلس القيادة الرئاسي، طارق صالح، اليوم الأربعاء، عن نجاح قواته في الساحل الغربي في ضبط شحنة ضخمة من الأسلحة الإيرانية كانت في طريقها إلى الحوثيين، في واحدة من أكبر عمليات الاعتراض في مسار تهريب الأسلحة إلى اليمن.
وقال صالح -في منشور على منصة "إكس"- إن قوات المقاومة الوطنية سيطرت على "750 طناً من الأسلحة تتوزع بين منظومات صاروخية بحرية وجوية، ومنظومات دفاع جوي، ورادارات حديثة، وطائرات مسيّرة، وأجهزة تصنت"، إضافة إلى "صواريخ مضادة للدروع، ومدافع بي10، وعدسات تتبع، وقناصات، وذخائر، ومعدات حربية".
وذكرت وسائل إعلام محلية أن السفينة تحركت من أحد الموانئ الجيبوتية باتجاه السواحل اليمنية، موضحة أن طاقم السفينة يتكون من بحارة يمنيين يتبعون الحوثيين، وأن العملية لم تكن عشوائية بل جاءت بناءً على معلومات استخبارية دقيقة رصدت تحركات السفينة قبل اعتراضها.
واشادت القيادة المركزية الأمريكية "سنتكوم" بنجاح قوات المقاومة الوطنية، في عملية إحباط وضبط أكبر شحنة أسلحة إيرانية متطورة كانت في طريقها إلى الحوثيين، بحمولة تزن أكثر من 750 طناً من الذخائر والمعدات.
وأكدت "سنتكوم" في بيان أن تصرفات قوات التحالف تدعم قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وتشكل انعكاسا مباشرا لالتزامها باليمن الآمن والبحر الأحمر وخليج عدن.
وأشاد الجنرال مايكل إريك كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية، بأعمال قوة الرد السريع، قائلاً: "نشيد بقوات الحكومة الشرعية في اليمن التي تواصل اعتراض تدفق الذخائر الإيرانية المتجهة إلى الحوثيين.
وتابع "يُظهر اعتراض هذه الشحنة الإيرانية الضخمة أن إيران لا تزال الطرف الأكثر زعزعة للاستقرار في المنطقة"، مؤكدا أن الحد من التدفق الحر للدعم الإيراني للحوثيين أمر بالغ الأهمية للأمن والاستقرار الإقليمي وحرية الملاحة.
وبشأن كمية الأسلحة وحجم السفينة، يسود جدل واسع بين أوساط اليمنيين، البعض اعتبرها إنجازا أمنيا مشيدا بكفاءة تلك القوات المدعومة إماراتيا، بينما آخرون يشككون في العملية ويرون أنها تأتي في سياق الترويج لقوات طارق صالح، كشريك بديل هي الأقوى بمزاعم أنها ليست قوة دفاعية فقط، بل هي قوة ردع استراتيجية، قادرة على قراءة الحاضر، واستشراف المستقبل.
مسرحية سياسية عسكرية
وفي السياق اعتبر الناشط السياسي منير المحجري
تلك العملية بالمسرحية، مبدياً استغرابه
من كمية السلاح 750 طن فوق قارب"، معرجا في الوقت ذاته على معلومات تحدثت عن تحرّك طائرة شحن عسكرية إماراتية باتجاه مطار عسكري في المخا أو جزيرة ميون، قبيل إعلان طارق صالح عن "ضبط" شحنة أسلحة إيرانية كانت مرسلة إلى الحوثيين، من خلال طرح فرضية أن الشحنة لم تكن موجهة للحوثيين ابتداءً، بل كانت منحة اماراتية لتصل إلى قوات طارق، ويتم إخراجها كـ"إنجاز أمني" يحقق جملة من الأهداف.
ومن ضمن تلك الأهداف يقول المحجري "تضخيم طارق كذراع أمنية متمكنة بإظهاره وكأنه الجدار الأخير في وجه التهريب الإيراني يصب في تعزيز موقعه كـ"كلب حراسة" حصري، مسلّح ومموّل إماراتيًا، وتقديم ذلك للغرب بما يقطع الطريق على أي ضغوط سعودية تدفعه للخروج من الفلك الإماراتي، أو تستبدله بأحمد علي في المشهد".
ويرى أن ذلك تبرئة مسبقة للإمارات من دعم مليشيات خارج الشرعية في حال حصل خلاف إماراتي-سعودي، ستكون الإمارات متهمة بتسليح مليشيات خارج اطار اجهزة الدولة الرسمية، وهي بهذه الحركة في حلّ من أي اتهام مستقبلا بأنها تسلح طرفًا متمردًا، فها هو طارق يكشف تهريب سلاح إيراني، لا يتلقاه منها.
وبشأن الهدف الثالث يضيف "تريد الامارات إيصال رسالة إلى الغرب بأن حليفها "معتدل" في الداخل اليمني ولديه القدرة والرغبة في مكافحة النفوذ الإيراني، وبالتالي يجب دعمه كقوة مناهضة للحوثيين، وإنْ خارج الشرعية الرسمية".
ويحمل الإعلان بنظر المحجري إيحاءً لتعز ومقاومتها – خاصة بعد تصاعد التوتر بين طارق ومكونات المقاومة وابناء تعز – بأن من يسيطر على الساحل ليس فقط مليشياويًا بل أيضًا خبيرًا ومتسلحًا ومغطى استخباراتياً ومدعوم دولياً وعليكم القبول به.
وقال "ربما تكون العملية أكثر من مجرد "ضبط تهريب سلاح" أي مسرحية سياسية/عسكرية منضبطة الإخراج، يُراد منها إرسال رسائل متعددة الاتجاهات: طمأنة، ترويع، تحجيم، وتثبيت توازنات القوى".
إنجاز مغلف بالأسئلة الكثيرة
الكاتب الصحفي عامر الدميني
تساءل بالقول:
750 طن مرة واحدة، كمية مهولة، فكيف يتم تهريبها واخفائها وادخالها لليمن؟
وقال "كيف فشلت البحرية الأمريكية عن هذي الكمية، وهي التي تلمح حبوب المخدر الصفير وأشرطته، ناهيك عن خزائن السلاح الشخصي على متن القوارب؟ وتصادرها وتعلن عنها".
وأضاف "هو إنجاز وفق المعلن، ولكنه مغلف بالأسئلة الكثيرة، ثم ماذا سيكون مصيره؟ هل سيتم تسليمه لوزارة الدفاع بالحكومة، وتقرر اتلافه أو استخدامه؟
أم تغير المستلمون فقط، كان سيصل لجماعة ووصل لبنت عمها؟
الإعلامي عبدالله دوبلة كتب "حسب معلومات ميدانية من المخا فان السفينة (البوم) التي قبض عليها محملة ب 750 طن من الاسلحة صناعة عمانية من مادة الفيبر جلاس، مشيرا إلى أن البوم تحرك من الموانئ الجيبوتية، وطاقم بحارته يمنيين حوثيين.
وقال إن "القبض عليه لم يكن بالصدفة وانما وفق معلومات استخبارية مسبقة".
توجه أمريكي لتجفيف مصادر التهريب للحوثيين
أما المحلل السياسي ياسين
التميمي
فسلط الضوء على أهمية
توقيف واحتجاز شحنة أسلحة كبيرة مهربة من إيران، مشيرا إلى أن هناك العديد من المعطيات التي يمكن الوقوف عليها بعد توقيف واحتجاز سفينة تحمل على متنها نحو 725 طناً من الأسلحة المتنوعة والنوعية القادمة من إيران بواسطة قوة يمنية لأول مرة.
وفق المعطى الأول يرى التميمي أن إحكام الحصار على تدفق الأسلحة إلى الحوثة يزداد وسوف يزداد خلال المرحلة المقبلة، ضمن توجه أمريكي واضح لتجفيف المنابع التي بقيت تتدفق صوب آلة الحرب الحوثية طيلة السنوات الماضية.
وقال إن القيادة المركزية الأمريكية التي احتفت بهذا الإنجاز، وفق المعطى الثاني سهلت بخبراتها التقنية في التتبع على القوات التابعة للعميد طارق في المخا إنجاز مهمة توقيف واحتجاز السفينة المحملة بالأسلحة المهربة.
المعطى الثالث: أن مهمة تضييق الخناق قد رسيت بشكل رئيسي على قوات طارق، في جنوب البحر الأحمر، وقد نرى أدواراً لبقية القوى والوحدات العسكرية الأخرى في بحر العرب وفي الطرق والمنافذ البرية، وفق التميمي.
وأكد أن وضع اليد على السفينة والأسلحة كشف عن تطورات مهمة فيما يتعلق بشبكة التهريب والضالعين فيها من دول وكيانات وأفراد، وما من شك أن هذا سيُحدث فارقاً في الانسيابية التي ضمن بها الحوثة وصول احتياجاتهم التسليحية دون عناء، مستفيدين من الصراعات والمنافسة والنكايات المنظورة وغير المنظورة بين الدول التي لها مصلحة في توظيف الحرب الدائرة على الساحة اليمنية لمصلحتها الأمنية أو الجيوسياسية أو حتى الاقتصادية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news