الـ17 من يوليو 1978... يوم إرساء دعائم الديمقراطية اليمنية... قراءة في المسار السياسي والفلسفي للزعامة والتحول

     
المنتصف نت             عدد المشاهدات : 102 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
الـ17 من يوليو 1978... يوم إرساء دعائم الديمقراطية اليمنية... قراءة في المسار السياسي والفلسفي للزعامة والتحول

الـ17 من يوليو 1978... يوم إرساء دعائم الديمقراطية اليمنية... قراءة في المسار السياسي والفلسفي للزعامة والتحول

قبل 10 دقيقة

في سياق تاريخي بالغ التعقيد ومناخ سياسي اتسم بالاضطراب والانقسامات، برز يوم الـ17 من يوليو عام 1978م، كعلامة فارقة في التاريخ اليمني الحديث، حين تولى الزعيم الشهيد علي عبد الله صالح مقاليد السلطة في شمال اليمن، حيث لم يكن هذا التاريخ مجرد انتقال لسلطة في بنية الحكم، بل مثل نقطة تحول عميقة أعادت تشكيل الهوية الوطنية ووضعت اللبنات الأولى لما يمكن تسميته بالمشروع السياسي اليمني الحديث، الذي بلغ ذروته في تحقيق الوحدة اليمنية في الـ22 مايو عام 1990م.

فلسفة السلطة والمسؤولية في السياق اليمني

ومن منظور فلسفي يمكن اعتبار تولي الرئيس الشهيد علي عبد الله صالح للسلطة استجابة لفراغ سياسي كانت تعيشه الجمهورية العربية اليمنية آنذاك، بعد سلسلة من الاغتيالات والانقلابات التي أوصلت البلاد إلى حافة الانهيار، وهنا تبرز فكرة الشرعية المنقذة، وهي فلسفة ترى في بروز زعيم قوي في لحظة ضعف عام ضرورة تاريخية لاستعادة التوازن.

ولذا اعتمد الرئيس صالح منذ لحظاته الأولى في الحكم على مبدأ السلطة كوسيلة للاستقرار أولاً، ثم الإصلاح ثانياً، حيث لم تكن الديمقراطية شعاراً أجوف، بقدر ما كانت تُطرح كهدف استراتيجي بعيد المدى، ليس كشكل بل كأداة لإدارة التعدد والتنوع اليمني المعقد.

البناء المؤسسي وبذور التعددية السياسية

ومن أبرز إنجازات المرحلة المبكرة للرئيس صالح كانت محاولاته الدؤوبة لتأسيس شكل من الحكم المؤسسي، رغم التحديات البنيوية التي واجهته، خصوصاً في ظل هشاشة مؤسسات الدولة آنذاك، ومع  مرور الوقت تم تكريس مبادئ الشورى والمشاركة من خلال إنشاء مجالس محلية وهيئات تمثيلية وتطوير آليات العمل داخل أجهزة الدولة.

وفي مطلع التسعينيات ومع انتهاء الحرب الباردة وتزايد الضغوط الدولية على الأنظمة الشمولية، جاء إعلان التعددية السياسية كواحد من أكثر القرارات جرأة في المنطقة العربية آنذاك، فقد سمح النظام بتأسيس الأحزاب والصحف الحرة، وخاض اليمن أول تجربة انتخابية تعددية حقيقية عام 1993م، ضمن إطار دولة موحدة.

الوحدة اليمنية... من الحلم إلى الإنجاز

تُعد الوحدة اليمنية المشروع الأبرز في سجل الرئيس الشهيد علي عبد الله صالح، وهو إنجاز وطني توافقت حوله معظم الأطياف السياسية والاجتماعية اليمنية، ولطالما كانت الوحدة في المخيل الجمعي اليمني حلماً مؤجلاً منذ عشرات السنين، إلا أن الظروف الداخلية والإقليمية في أواخر الثمانينيات ومطلع التسعينيات مهدت الطريق لتحقيقها.

ورغم التحديات السياسية التي رافقت مرحلة ما بعد الوحدة، بما في ذلك الصراعات المسلحة والحروب الأهلية، فإن ما تحقق في الـ 22 من مايو عام 1990م، كان لحظة تأسيسية مفصلية في تاريخ اليمن، عبر فيها النظام بقيادة الرئيس صالح عن قدرة نادرة على الدمج بين السياسة والحلم القومي.

الديمقراطية كعملية لا كغاية

ومن الشائعات التي روجعتها بعض القوى الرجعية المتخلفة وقوى العمالة والارتزاق، قولهم الديمقراطية حالة نهائية تصلها الدولة بمجرد إصدار بعض القوانين أو إجراء الانتخابات، إلا أن الرئيس صالح أدرك أن الديمقراطية في اليمن لا يمكن استيرادها بنموذج غربي جاهز، بل يجب أن تتجذر من بيئة يمنية واجتماعية خاصة، ولذلك كان مشروعه الديمقراطي يتقدم بسرعة حتى ضمن الجميع حق المواطنة المتساوية وحرية التعبير والمعارضة.

ورغم الانتقادات التي طالت تجربته من بعض القوى العميلة، خاصة في العقد الأخير من حكمه، إلا أنه لا يمكن إنكار أنه رسخ مفاهيم مثل التعدد والتداول والحوار وتوازن القوى، وهي مفاهيم لم تكن مألوفة في الحياة السياسية اليمنية من قبل.

الزعامة بين الشخصنة والتاريخ

من زاوية فلسفية سياسية يمكن تحليل تجربة الرئيس علي عبد الله صالح كحالة لافتة لما يُعرف بالزعيم البنيوي، أي القائد الذي يصوغ الظروف بقدر ما تصوغه، حيث أنه لم يكن مجرد حاكم فحسب، بل بنى شبكة معقدة من التحالفات، وأعاد هندسة العلاقات القبلية والسياسية، وأدخل اليمن إلى المحافل الإقليمية والدولية من موقع الشريك لا التابع، وهو ما عجز عن فعله جميع من حكموا اليمن.

وقد مكنه حُسن قيادته وبُعد نظره من ترسيخ الاستقرار لعقود، حتى غدا حجر الزاوية في معادلة سياسية وطنية لا تستقيم دون حضوره، وهو ما تجلى بوضوح بعد مغادرته السلطة عام 2012م.

ختاماً:

إن يوم الـ17 من  يوليو 1978م، لا يمكن قراءته خارج السياق التاريخي والسياسي الأوسع، إنه يوم ولادة مشروع سياسي متكامل، أرخ لبداية انتقال اليمن من حكم الفرد إلى بناء دولة المؤسسات، ومن العزلة إلى الانفتاح، ومن الانقسام إلى الوحدة، وإذا كان الرئيس صالح قد رحل عن المشهد، فإن الإرث السياسي الذي بدأ يتشكل في ذلك اليوم ما زال فاعلاً في وجدان اليمنيين، وما زالت تجربته محل فخر واعتزاز لدى شريحة كبيرة من اليمنيين، الذين يرون فيها نموذجاً فريداً في الحنكة السياسية، والقدرة على إدارة التنوع وتحقيق التوازن بين الممكن والمأمول في ظرف تاريخي استثنائي، ونقطة مرجعية لا يمكن تجاهلها في أي محاولة لفهم اليمن الحديث.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

عاجل : احمد علي عبدالله صالح يخرج عن صمته ويصدر هذا البيان " النص"

جهينة يمن | 1447 قراءة 

الإفراج عن هذا الشيخ المحتجز في المهرة

كريتر سكاي | 747 قراءة 

تصعيد حوثي ضد السعودية.. صنعاء تشكو الرياض دولياً

نافذة اليمن | 684 قراءة 

أقوى ضربة عسكرية وأمنية ضد الحوثيين في الساحل الغربي.. وطارق ينشر الفيديو

المشهد اليمني | 513 قراءة 

تحليل أمريكي يكشف عن الاستراتيجية الوحيدة لهزيمة الحوثيين في اليمن؟

مأرب برس | 461 قراءة 

الإفراج عن هذا الشيخ المحتجز في المهرة

جهينة يمن | 448 قراءة 

بعد غارات عنيفة ...أول رد سوري رسمي بعد قصف إسرائيل للقصر الرئاسي ومؤسسات الدولة

جهينة يمن | 346 قراءة 

الجندي اليمني الأمين.. يعيد 15 مليون ريال صُرفت له بالخطأ ويرفض الاستفادة من خطا بشري

المشهد اليمني | 291 قراءة 

إضرابات واحتجاجات تضرب عدن وشبوة وحضرموت

قشن برس | 281 قراءة 

انفراجة مرتقبة في هذه الأزمة

كريتر سكاي | 271 قراءة