خطة رفح.. من "مدينة إنسانية" إلى "معسكر تهجير"

     
العين الثالثة             عدد المشاهدات : 73 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
خطة رفح.. من "مدينة إنسانية" إلى "معسكر تهجير"

وسط ركام الحرب المتواصلة في غزة، تبرز "المدينة الإنسانية" التي تنوي إسرائيل إقامتها في رفح كعنوان جديد لأزمة أعمق من مجرد إغاثة طارئة.

ففي الوقت الذي يروَّج فيه للمشروع بصفته حلا إنسانيا مؤقتا، تحذر أصوات عديدة من أنه قد يكون غطاء لعملية تهجير قسري منظمة، تهدد ليس فقط الوجود الفلسطيني في القطاع، بل الأمن القومي المصري أيضا.

فهل نحن أمام تكرار لنكبة بصيغة جديدة؟ وما أبعاد هذا المشروع؟ وهل ستسمح مصر بتمرير ما يعتبره كثيرون "خطة خنق" تدفع الفلسطينيين نحو الهجرة الجماعية؟

الاسم المضلل

خطة "المدينة الإنسانية" التي كشف عنها وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ويدعمها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تقوم على حشر ما لا يقل عن 700 ألف فلسطيني، وربما يصل العدد إلى مليون، في رقعة ضيقة جنوبي قطاع غزة بمحاذاة الحدود المصرية، تحت ذريعة حمايتهم من المعارك، في ظل دمار شبه كامل للبنية التحتية في الشمال والوسط.

لكن رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية سمير غطاس، يرى في تصريحاته لـ"ستوديو وان مع فضيلة" على "سكاي نيوز عربية"، أن الأمر أخطر من مجرد إيواء نازحين، فـ"الخطة تتجاوز الإغاثة الإنسانية، وتهدف إلى خلق واقع ديموغرافي جديد عبر الضغط على مصر لقبول تدفق سكان غزة إلى أراضيها".

ويصف غطاس المشروع بأنه "تمهيد لتهجير طوعي يتحول إلى تهجير قسري"، محذرا من أن "منع الغذاء لفترة بسيطة يمكن أن يجبر السكان على المغادرة".

غطاس يرى في التسمية نفسها "مدينة إنسانية" أو "مدينة خيام" محاولة للتمويه، ويستشهد بتصريحات من الداخل الإسرائيلي، مثل أفيغدور ليبرمان وإيتمار بن غفير، اللذين اعتبراها "خدعة إعلامية كبرى"، وبتحذيرات من الجيش الإسرائيلي نفسه، الرافض للخطة.

مصر بين الجغرافيا والسيادة

ما يضفي تعقيدا على المشروع الإسرائيلي قربه من الحدود المصرية، مما يعني عمليا استحالة فصله عن الأمن القومي لمصر.

ويشدد غطاس على أن مصر تعتبر هذا المخطط "تجاوزا خطيرا لاتفاق رفح 2005"، ويرى فيه انتهاكا صريحا للبروتوكولات الأمنية بين القاهرة وتل أبيب.

بلغة مباشرة، يؤكد غطاس أن الرأي العام المصري بكل أطيافه يرفض هذا التهجير، مشيرا إلى أن "الغالبية الساحقة من المصريين تعتبر أي محاولة لاقتلاع الفلسطينيين من أرضهم تهديدا للأمن القومي المصري ونسفا لقضية فلسطين".

ويذكر بمشروع إسرائيلي سابق منسوب إلى مستشار رئيس الوزراء السابق أرييل شارون في 2005، يدعو إلى توسيع قطاع غزة على حساب سيناء، وهو ما يفسر الحذر المصري العميق، خاصة أن المخطط الحالي يبدو وكأنه عودة ناعمة لذلك السيناريو القديم، وإن كان بمسميات جديدة.

المثير في هذا الملف هو الانقسام داخل إسرائيل نفسها، فبينما يدفع اليمين المتطرف بالخطة إلى الأمام يبرز اعتراض الجيش الإسرائيلي، ممثلا برئيس أركانه إيال زامير، الذي يرى أن هذه الخطة ليست من مهام الجيش ولا تتوافق مع المعايير الأخلاقية ولا مع الاستراتيجية العسكرية.

الرواية الإسرائيلية المقابلة

في المقابل، يرى موشيه العاد المحاضر الإسرائيلي في أكاديمية الجليل الغربي، أن الغالبية الساحقة من الإسرائيليين تعارض إقامة هذه المدينة، لما تحمله من دلالات نفسية ثقيلة مرتبطة بمعسكرات الاعتقال النازية، خاصة خلال الهولوكوست.

ويقول إن الدافع الرئيسي للخطة، من وجهة نظر داعميها، هو القدرة على ضبط الأمن وتوزيع الغذاء على السكان في منطقة محددة، نافيا نية إسرائيل في دفع الفلسطينيين للهجرة إلى مصر.

العاد يربط المسألة بالموازنة، معتبرا أن تكلفة المشروع (بين 10 إلى 15 مليار دولار) تفوق قدرات إسرائيل المالية الحالية، ويستبعد أن ترى الخطة النور عمليا، كما ينفي وجود نية للانتقام من سكان غزة، ويصف الإجراءات بأنها "محافظة على الحياة وليس على جودة الحياة".

لكن تصريحات العاد لم تكن خالية من التناقض، فقد أقر بأن الخطة تهدف إلى إبقاء مليون شخص في نقطة يمكن التحكم بها غذائيا، مما يعني ضمنيا إمكانية استخدام الغذاء كوسيلة ضغط، وهو ما حذر منه غطاس صراحة.

الأبعاد الإنسانية والسياسية للمخطط

ينطلق غطاس في تحليله من زاوية إنسانية وأخلاقية تتجاوز السياسة، إذ يؤكد أن الفلسطينيين والعرب عموما لم يكونوا طرفا في معاناة اليهود عبر التاريخ، من سبي بابل إلى الهولوكوست، بل تضامنوا معهم كقضية إنسانية.

أما ما يجري في غزة اليوم، فهو وفق غطاس "سياسة انتقامية بحتة"، تفرض على مئات الآلاف من المدنيين تنقلا قسريا من منطقة إلى أخرى داخل القطاع، وصولا إلى حشرهم على الحدود.

ويصف غزة الآن بأنها "معسكر اعتقال كبير، تفرض فيه شروط حياة مستحيلة على السكان من دون اعتبار للقانون الدولي أو المبادئ الأخلاقية".

ويؤكد أن "ما يجري ليس له علاقة لا بالسياسة ولا بالحرب، بل بالانتقام"، حيث يتم قتل الفلسطينيين واستهدافهم بالهوية، مع تغاض دولي وصمت أمريكي يثير القلق.

واحدة من أكثر النقاط إثارة للقلق في تصريحات غطاس كانت غياب أي موقف أميركي وأضح من المشروع، رغم إدراك واشنطن لحجم الخطر الذي تمثله هذه الخطة على استقرار المنطقة.

ويذكّر غطاس بأن إسرائيل قد تلجأ إلى تسويق المشروع باعتباره حلا إنسانيا مؤقتا، في حين أنه في الحقيقة مقدمة لتغيير ديموغرافي واسع النطاق، يفتح الباب أمام فصل غزة بالكامل عن الجغرافيا الفلسطينية.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

ميكرفون بران | معاناة جرحى الجيش اليمني وتجاهل الحكومة لمطالبهم.. رسائل لاذعة للحكومة ومجلس القيادة الرئاسي (فيديو)

بران برس | 1743 قراءة 

تصاعد التوتر في حضرموت بعد اشتباكات مسلحة بين “الدعم الأمني” والقبائل المحلية

موقع الجنوب اليمني | 1412 قراءة 

إحياء ذكرى رحيل خالد كلشات في المهرة بحضور قيادات الانتقالي

المشهد العربي | 681 قراءة 

انفراج أزمة الرواتب… بشرى سارة للموظفين

نيوز لاين | 607 قراءة 

عاجل:تدشين صرف المرتبات(اسماء)

كريتر سكاي | 496 قراءة 

مؤشرات على تجدد المعـ.ـارك .. مليشـ.ـيا الحـ.ـوثي تدفع بتعـ.ـزيزات كبيرة وغير مسبوقة باتجاه هذه المحافظة!

صوت العاصمة | 429 قراءة 

إنجاز طبي غير مسبوق في المخا.. المستشفى السعودي ينجح في استئصال ورم نادر لطفل

حشد نت | 406 قراءة 

إب تهتز على وقع جريمة مروعة.. عريس يُقتل أمام منزله بعد يوم من زفافه

حشد نت | 312 قراءة 

تطور مفاجئ يقلب نتيجة انتخابات ‘‘هامترامك’’ ويحسم مصير المرشح ‘‘اليمني الأمريكي آدم الحربي’’

المشهد اليمني | 311 قراءة 

مجلس القيادة يوافق على جميع قرارات الرئيس عيدروس الزبيدي

صوت العاصمة | 265 قراءة