لم تعد الصين مجرد متفرج في قطاع التكنولوجيا الحيوية، بل أصبحت لاعبًا رئيسيًا يعيد تشكيل مستقبل صناعة الدواء عالميًا.
وتشهد صناعة التكنولوجيا الحيوية في الصين تحولًا كبيرًا، جعلها منافسًا حقيقيًا للولايات المتحدة وأوروبا في مجال تطوير الأدوية المبتكرة. وبعد أن كانت تُعرف بإنتاج الأدوية المنسوخة، أصبحت الشركات الصينية الآن رائدة في الابتكار الدوائي والأبحاث المتقدمة.
وبحسب تحليل من وكالة بلومبرغ، تجاوز عدد الأدوية الصينية المبتكرة قيد التطوير في عام 2024 حاجز 1250، متخطية الاتحاد الأوروبي، واقتربت من الولايات المتحدة التي بلغ عددها نحو 1440. وهذه القفزة جاءت مقارنة بـ160 دواءً فقط في 2015، ما يعكس تغيرًا جذريًا في موقع الصين عالميًا.
وبدأ التحول بإصلاحات تنظيمية في 2015، حيث حسّنت الحكومة الصينية من نظام الموافقات الدوائية ورفعت معايير الجودة، ضمن استراتيجية "صُنع في الصين 2025" لدعم الصناعات عالية التقنية. تزامن ذلك مع ضخ استثمارات ضخمة، وعودة علماء صينيين تلقوا تعليمهم في الخارج، ما أنتج جيلًا جديدًا من الشركات المبتكرة.
ثمار الهدنة الهشة.. قفزة بصادرات الصين إلى الولايات المتحدة
وبحسب بلومبرغ، فإن اللافت ليس فقط في الكم، بل في تحسّن نوعية الابتكارات. فقد بدأت الجهات التنظيمية العالمية، مثل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) ووكالة الأدوية الأوروبية، في منح الأدوية الصينية تصنيفات تسريع مراجعة مثل "علاج مبتكر"، وهو مؤشر على الجودة والقيمة العلاجية. وبحلول 2024، تجاوزت الصين الاتحاد الأوروبي في عدد هذه التصنيفات.
علاجات ناجحة
حوافز استثمارية
وواحدة من ميزات الصين هي خفض تكلفة البحث والتطوير مقارنة بالغرب. فالتجارب السريرية أسرع بسبب قاعدة مرضى كبيرة وشبكة مستشفيات مركزية، مما يختصر وقت التوظيف في التجارب إلى النصف مقارنة بالولايات المتحدة. ووفقًا لبيانات GlobalData، أصبحت الصين منذ عام 2021 الأولى عالميًا في عدد التجارب السريرية الجديدة.
لكن رغم التقدم، تواجه الصين تحديًا كبيرًا يتمثل في القبول العالمي. فنتائج التجارب داخل الصين لا تكفي وحدها لإقناع الجهات التنظيمية الغربية، التي تطالب بدراسات على مرضى من خلفيات متنوعة. لذلك، تحتاج الشركات الصينية إلى إجراء تجارب عالمية لتسويق أدويتها في الخارج.
وهذا التقدم الصيني أثار قلقًا في واشنطن. فقد حذر تقرير للكونغرس الأمريكي من فقدان الريادة في مجال حساس استراتيجيًا، مشيرًا إلى أن سيطرة الصين على علاجات أساسية قد تشكل ورقة ضغط في أي نزاع جيوسياسي. بالمقابل، تعالت الدعوات في الولايات المتحدة لدعم قطاع التكنولوجيا الحيوية المحلي وتسريع إجراءات التطوير والاعتماد.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news