وجّه وزير الخارجية الأمريكي الأسبق ومدير وكالة الاستخبارات المركزية السابق، مايك بومبيو، تحذيرًا شديد اللهجة من استمرار ميليشيا الحوثي في تهديد الملاحة الدولية دون رد رادع، وذلك عقب هجوم مروّع استمر 48 ساعة استهدفت خلاله الجماعة المدعومة من إيران سفينتين تجاريتين في البحر الأحمر، وأدى إلى غرقهما وسقوط قتلى، وسط غياب أي استجابة من القوات البحرية الدولية.
وفي تعليق عبر حسابه الرسمي على منصة “X”، نشر بومبيو تقريرًا لصحيفة وول ستريت جورنال يوثّق تفاصيل الهجوم، وكتب قائلاً: “تذكير: قد يكون رعاتهم في إيران في وضع حرج، لكن التهديد الذي يشكله الحوثيون لم يختفِ بعد”، مشددًا على أن أمريكا “لا يمكن أن تسمح” باستمرار هذه الهجمات دون عقاب.
أعنف هجوم حوثي على الملاحة
ووصفت الصحيفة الأمريكية الهجوم بأنه “الأعقد والأعنف” منذ بدء الاعتداءات الحوثية على حركة الملاحة في البحر الأحمر. وبيّنت أن سفينتي الشحن “ماجيك سيز” و”إتيرنيتي سي” تعرضتا لسلسلة من الهجمات المكثفة بالصواريخ والطائرات المسيرة، ما أدى إلى غرق السفينتين ومقتل ثلاثة من طاقمهما على الأقل، بينما اُحتُجز آخرون كرهائن.
التقرير كشف أن محاولات يائسة أُجريت للحصول على دعم من البحرية البريطانية وقوات أوروبية، إلا أن الرد كان واضحًا: لا توجد قطع بحرية متاحة في المنطقة. وأكد مسؤولون من البحرية الأمريكية والبريطانية والاتحاد الأوروبي هذه المعلومة، ما ألقى الضوء على ثغرات حادة في الوجود العسكري الدولي في أحد أكثر ممرات التجارة البحرية حيوية في العالم.
تفاصيل مرعبة من قلب الهجوم
بدأ الهجوم على “ماجيك سيز” بهجوم بزوارق سريعة تبعه قصف صاروخي وضربات بطائرات مسيّرة. وبعد مغادرة الطاقم، سيطر الحوثيون على السفينة وفجروها، وفق فيديو نشرته الجماعة.
أما “إتيرنيتي سي”، فتعرضت لهجمات مماثلة أدت إلى إعطابها، ومع نفاد ذخيرة فريق الأمن، اضطر الطاقم لترك السفينة تغرق. ونشرت الصحيفة تسجيل نداء استغاثة يُسمع فيه مشغّل السفينة وهو يصرخ: “ماي داي، ماي داي، نحن نتعرض لهجوم”.
موقف أمريكي يثير الجدل
الحادثة أثارت تساؤلات حول استراتيجية الولايات المتحدة، لا سيما بعد تأكيد مسؤول أمريكي أن وقف إطلاق النار لا يزال ساريًا ما دام الحوثيون لا يستهدفون سفنًا أمريكية. كما صرحت وزارة الدفاع بأن “الموقف العسكري الأمريكي لم يتغير”، ما فُسّر كإشارة إلى تقاعس واشنطن عن حماية السفن التجارية غير الأمريكية.
الضابط البحري البريطاني السابق، كريستوفر لونج، قال للصحيفة إن السفن باتت تواجه الخطر وحيدة: “بينما نتحدث اليوم، أنتم وحدكم”.
دلالات ورسائل سياسية
ويحمل تحذير بومبيو انتقادًا ضمنيًا للإدارة الأمريكية الحالية، إذ يعارض بشكل مباشر نهجها القائم على عدم الرد طالما لم تُمس المصالح الأمريكية المباشرة. ويطرح تساؤلاً استراتيجيًا: هل يجب على واشنطن وحلفائها لعب دور شرطي العالم في البحار، أم أن حماية المصالح الوطنية يجب أن تبقى الأولوية القصوى؟
كما تُبرز الهجمات تطور قدرات الحوثيين، الذين أظهروا استعدادًا وفعالية في تنفيذ عمليات معقدة تطال الملاحة العالمية. ورغم ما يقال عن ضعف إيران، الراعي الرئيسي للحوثيين، إلا أن وكلاءها لا يزالون يمتلكون القوة والإرادة لفرض واقع ميداني جديد، دون أن يتطلب الأمر تنسيقًا مباشرًا مع طهران.
تهديد مستمر وشعور بالتخلي
الهجمات الأخيرة، التي استهدفت سفنًا في البحر الأحمر وفقًا للتقرير، تمثل أول نجاح حوثي منذ نوفمبر الماضي، وتأتي بعد شهرين فقط من اتفاق وقف إطلاق نار غير رسمي. في ظل ذلك، يشعر العديد من العاملين في قطاع الشحن بالتخلي عنهم في واحدة من أخطر مناطق العالم.
وما بين التصعيد الحوثي الغادر، وغياب الرد الدولي الصارم، تتجه الأنظار إلى واشنطن والعواصم الغربية لمعرفة ما إذا كانت ستبقى في موقع المتفرج، أم أنها ستعيد النظر في أولوياتها الأمنية وموقعها من أمن الملاحة الدولية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news