كشف تقرير صادر عن التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان بعنوان "القتل والقنص"، تفاصيل مروعة حول مقتل الشيخ صالح أحمد عبدالله حنتوس، أحد أبرز علماء ومدرّسي القرآن الكريم في محافظة ريمة، على يد مسلحي جماعة الحوثي، بعد حصار دام لساعات وقصف عنيف لمنزله ومسجده الواقع في مديرية السلفية مساء الثلاثاء 1 يوليو 2025.
ووفقًا للتقرير، شنت جماعة الحوثي عملية عسكرية مكتملة الأركان استهدفت الشيخ البالغ من العمر 70 عامًا، رغم كبر سنه ومرضه وابتعاده التام عن أي نشاط سياسي، مستخدمة أكثر من 20 آلية عسكرية وأسلحة ثقيلة، بينها قذائف "RPG"، ما أدى إلى مقتله على سطح منزله أثناء مقاومته للهجوم بسلاحه الشخصي، إضافة إلى مقتل حفيده وإصابة زوجته بجروح خطيرة، وتدمير منزله ومسجده.
تفاصيل الحادثة: من الحصار إلى التصفية
الهجوم، الذي جاء بعد حصار فُرض على منزل الشيخ، سبقه اتصال من محافظ ريمة المعين من قبل الحوثيين فارس الحباري، هدده فيه بالقول: "لقد وجهت يجيبوك حي أو ميت"، وهو ما وثقته تسجيلات صوتية تم تداولها لاحقًا. الشيخ بدوره رد بقوله: "دمي خصمك يوم القيامة"، وطلب تأجيل تسليم نفسه لأسباب صحية، وهو ما رُفض تمامًا.
وبحسب شهود عيان، بدأ الهجوم في ساعات المساء، واستُخدمت فيه قوة مهام خاصة قدمت من صعدة. امتد القصف إلى خزانات المياه وأجزاء من المسجد، بينما حاولت زوجته ووالدتها المسنة سحب جثمانه من السطح بعد مقتله، دون جدوى بسبب كثافة النيران.
جنازة تحت التهديد
في تصعيد صادم، منعت جماعة الحوثي أي تشييع للشيخ، وأجبرت أسرته على دفنه سرًا عند الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، تحت تهديد بمصادرة الجثمان إن تأخر الدفن. كما تم نقل الجثة إلى جهة مجهولة بعد مقتله، ولم تُسلم للعائلة إلا في مساء اليوم التالي.
الضحايا والاعتقالات
الهجوم خلف إصابات واعتقالات في صفوف أسرة الشيخ، بينهم زوجته المصابة، وطفلان من أبناء أخيه: أسامة (15 عامًا) وحمزة (13 عامًا)، إضافة إلى عدد من أقاربه، حيث تم نقلهم وهم ينزفون من موقع الجريمة. ووفقًا للتقرير، تم اعتقال 11 شخصًا من أفراد الأسرة، كما تم نهب المنزل والعبث بمحتوياته.
أبعاد ودوافع الحملة
الشيخ حنتوس كان معروفًا بموقفه الرافض لتطييف التعليم والخطاب الديني، ورفضه إدخال ملازم حسين الحوثي إلى مسجده. وقد سبق أن تعرض لمضايقات متكررة منذ عام 2022، بما في ذلك إغلاق دار القرآن الذي كان يديره، واتهامات كيدية بالتعاون مع الخارج و"تثبيط الجهود لدعم غزة"، بحسب وصف الجماعة.
التقرير اعتبر أن تصفية الشيخ حنتوس تأتي ضمن استراتيجية حوثية ممنهجة لفرض الهيمنة الأيديولوجية في محافظة ريمة، التي تتمتع بتركيبة سكانية محافظة ترفض التطييف، وسط تقارير سابقة عن إغلاق جماعة الحوثي لجميع مدارس التحفيظ في المحافظة وتحويلها إلى مساكن لمشرفي الجماعة.
الرواية الحوثية والرد عليها
زعمت جماعة الحوثي أن الشيخ حنتوس كان "مطلوبًا أمنيًا" بتهم غير مثبتة قانونيًا، وقالت إن العملية الأمنية جاءت نتيجة مقاومته للاعتقال. فيما اعتبر التقرير الحقوقي أن تلك الادعاءات تفتقر إلى أي سند قانوني رسمي أو أمر ضبط قضائي، مشيرًا إلى تناقض واضح بين مزاعم الاستدعاء وشن حملة عسكرية بهذا الحجم ضد رجل مسن ومريض.
كما أشار التقرير إلى استخدام غير أخلاقي للقضية الفلسطينية لتجريم معارضي الجماعة، معتبرًا أن الزج بمزاعم "العداء لغزة" ضد رجل ديني مسالم يُعد توظيفًا سياسيًا دعائيًا غير مقبول.
ردود فعل محلية ودولية
لقيت الجريمة إدانات واسعة من الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، ووزارة الأوقاف والإرشاد، وأحزاب سياسية ومكونات قبلية ودينية. ووُصفت الجريمة بأنها "اغتيال بدم بارد"، و"انتهاك جسيم للقانون الدولي الإنساني".
وطالبت الحكومة اليمنية المجتمع الدولي بتصنيف جماعة الحوثي "منظمة إرهابية"، والتحرك العاجل لإدانة الحادثة ومحاسبة المسؤولين عنها.
في المقابل، لم يصدر أي تعليق من المبعوث الأممي إلى اليمن، ما اعتبره ناشطون ومراقبون "صمتًا مريبًا يهدد الثقة في آليات المساءلة الدولية".
تحليل قانوني للجريمة
اعتبر التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان أن ما حدث يعد انتهاكًا صارخًا للحق في الحياة، ومخالفة للمادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمادة 3 المشتركة من اتفاقيات جنيف، ويشكل نمطًا من أنماط جرائم الحرب والقتل العمد خارج نطاق القضاء، وانتهاكًا للقانون الدولي الإنساني.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news