يمن إيكو|قصة خبرية:
في واقعة تبدو للوهلة الأولى كأنها مقتبسة من روايات الخيال، تحوّلت منطقة سيلة العامري في مديرية الحصين بمحافظة الضالع، إلى ما يشبه معسكراً ميدانياً للتنقيب، ليس بناءً على مسح أثري أو توجيهات هيئة المساحة الجيولوجية والمعدنية، بل استناداً إلى رؤيا منامية ادعى صاحبها أن “كنزاً أثرياً” مدفون في المكان.
الشاب، الذي لم يُكشف عن هويته، قال لسكان القرية: “رأيت في منامي موقع الكنز واضحاً، وجئت أبحث عنه وأقاسِمكم ما سنجده”، ومع تصاعد الحماس، بادر الأهالي بالحفر، واتفقوا معه على نسبة تقاسم، لكن الأمور انقلبت بشكل مفاجئ.
لم تدم الشراكة طويلاً، في احتمالات حلم غير مؤكد، فبعد أن بدأت معدات الحفر تنغمس في الأرض، دبّ الخلاف بين الرجل والقرية، التي قررت الاستغناء عنه والاحتفاظ بكل شيء لنفسها.
يقول أحد السكان المشاركين في الحفر بلغته الدارجة: “في البداية صدقناه، وقلنا ما نخسر شيء، بس بعدين حسّينا إننا ممكن نحصل حاجة كبيرة، وقلنا ليش نقاسمه؟”.
هذه “الأنانية الجماعية”، كما وصفها أحد شباب المنطقة، دفعت بصاحب الرؤيا إلى اللجوء للسلطات المحلية، وهو ما أدى إلى تدخل عاجل بعشرة أطقم عسكرية وصلت إلى الموقع فوراً لحمايته.. أو ربما للمشاركة!
لكن المفاجأة لم تتوقف عند هذا الحد. فحين وصلت تفاصيل الواقعة إلى القيادات في عدن، قوبلت بدهشة بالغة، ودُعّمت القوات بـ15 طقماً إضافياً، ليتحوّل موقع “الحُلم” إلى منطقة مغلقة عسكرياً بالكامل.
أمام هذا المشهد، يعلّق شاهد عيان من أبناء المنطقة: “المكان صار أشبه بثكنة.. الناس يحفرون بجنون، والجنود يراقبون! ما أحد قادر يفهم هل هذا كنز حقيقي، ولّا إحنا نعيش في فيلم!”. حسب تعبيره.
هذه الواقعة الغريبة تفتح باباً كبيراً للتساؤلات حول هشاشة الوعي المجتمعي، وتغول الخرافة في وقت تغيب سلطة القانون والتخطيط المؤسساتي. وفي بلد يعاني من أزمات اقتصادية ومعيشية خانقة، تحوّل “حلم فرد” إلى مشروع قومي مدعوم بالسلاح، في حين تتراكم المشاريع التنموية المؤجلة بلا أحلام ولا أطقم.
والأغرب من كل ذلك أن الحفر لا يزال مستمراً، حتى لحظة كتابة هذه السطور، التي كتبها محرر “يمن إيكو”، اعتماداً على معلومات خاطفة نشرها الصحافي المعروف فتحي بن لزرق على حسابه في فيسبوك.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news