تعز تموت عطشاً.. وقادة الفوضى يرتوون من خزانات المال والنسيان

     
المنتصف نت             عدد المشاهدات : 30 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
 تعز تموت عطشاً.. وقادة الفوضى يرتوون من خزانات المال والنسيان

تعز تموت عطشاً.. وقادة الفوضى يرتوون من خزانات المال والنسيان

قبل 9 دقيقة

ما يحدث في مدينة تعز اليوم ليس مجرد أزمة مياه، بل فضيحة أخلاقية وإنسانية وسياسية بكل ما تعنيه الكلمة، مدينة بأكملها تُركت تموت عطشاً، فيما يتنعم قادتها وخُطباؤها السابقون الذين باعوا للناس وعودًا وردية بخزانات ماء باردة وأموال لا تنضب

.

تعز تحولت اليوم إلى مسرح للخذلان، الأهالي يصرخون والأمهات يستغثن والأطفال يذبلون تحت لهيب العطش، والمدينة التي بشروها بالنهضة أصبحت بلا ماء ولا كهرباء ولا حتى رحمة.

اتصلت بوالدتي مؤخراً أطمئن على حالهم، فكان صوتها يخرج مكسوراً كمن يستنجد في صحراء مهجورة، أخبرتني أنهم منذ ثلاثة أيام لم يجدوا قطرة ماء كوثر واحدة، وأنهم اضطروا لشرب مياه "الوايتات" الملوثة، تلك التي باتت تُباع في السوق السوداء بسعر يصل إلى مائة ألف ريال وكأن الماء أصبح رفاهية لا يستحقها الفقراء.

أولئك الذين وعدوا بتحويل اليمن إلى ماليزيا الشرق الأوسط، لم يصنعوا إلا صحراء من الجوع والعطش، لا خدمات، لا بنية تحتية، لا إنسانية، فقط فساد منظم وشعارات خاوية وشعب مكسور فقد حق المواطنة والعيش الكريم.

في الوقت نفسه نسمع عن قادة الإخوان في تعز وقادة فبراير الذين يعيشون في برجهم العاجي داخل اليمن وخارجه، بخزانات مياه صافية، ومنازل مكيفة لا تطالها أزمات المواطن العادي، أولئك الذين باعوا للشعب الوهم، وحين نزلت لعنة الواقع اختفوا في قصورهم أو غادروا ليغتسلوا في ينابيع الخارج، تاركين خلفهم شعباً يُعاني ويئن ويبكي من ذُل المعاناة.

أما الشرعية التي يُفترض بها أن تكون حاضنة للناس، فليست أكثر من طيف سياسي غائب، يكتفي بإصدار البيانات وحضور المؤتمرات، بينما يتقاطر سكان تعز يومياً نحو جدران الجفاف والموت، لا تدخل حقيقي، لا حلول مستدامة، ولا حتى اعتراف بحجم الكارثة.

هذه ليست أزمة مياه فقط، بل أزمة ضمير، ومأساة وطن اختطفته الشعارات وسُرقت أحلامه تحت ستار الدين والثورة، فمن سرق الوطن بإسم فبراير، واعتلى منابرها، لا يعيش الآن مثل أبناء تعز، بل يعيش على حسابهم بعد أن استنفد كل طاقتهم.

ما يحدث في تعز ليست أزمة عابرة، بل جريمة مستمرة، جريمة يرتكبها الإهمال السياسي، ويشارك فيها المنتفعون من الفوضى، ويصمت عنها من يفترض بهم أن يكونوا صوت الشعب، وإذا كانت الثورات تُقاس بنتائجها، فإن فبراير في تعز انتهى إلى خيبة وعار، وقياداته باتت عبء على جبين المدينة التي آمنت بهم يوماً.

تعز لم تكن يوماً في حاجة إلى خُطب تصعد على أكتاف مآسيها، ولا إلى حناجر مجلجلة تتغذى على آلامها لتصنع المجد الزائف، تعز كانت وما تزال تحتاج إلى قطرة ماء أنظف من ضمائر أولئك الذين باعوها، تحتاج إلى رجال أنقياء لا يبيعون الوهم بلهجة المؤمنين، ولا يراكمون الثروة باسم الوطن.

فكل أولئك الذين ملأوا الساحات صخباً، واحتشدوا في شوارعها يوماً كما تحتشد الذئاب حول فريسة، لم يكونوا إلا سماسرة للفوضى، باعوا لها الوعد، ثم انسحبوا إلى بيوتهم يُنظرون على العطاشى من وراء النوافذ المغلقة.

لقد انسحبوا إلى الظل، إلى حيث لا يصل أنين الأمهات ولا عطش الأطفال، هناك حيث الماء متوفر والذاكرة غائبة، حيث الثورة تحولت إلى امتياز، والشعب إلى رقم على ورقة مهملة، أما تعز فبقيت تنزف بصمت، تنظر نحو السماء لا رجاءً بالمطر، بل بحثاً عن سحابة تمطر عليهم لتغسل عار فبراير وتروي عطش المغلوبين.

تعز لا تحتاج إلى من يكتب عنها، لا تريد خطابات جديدة، بل قطرة ماء نقية تُعيد شيئاً من الحياة إلى قلوب أبنائها التي جففها الخذلان، تعز المدينة التي حملت فوضى فبراير على أكتافها، باتت اليوم تُحمل كجنازة في نعش طويل من النسيان، يمر به الصامتون من أمامها كأنهم لا يعرفون اسمها.

في تعز لا تنكسر الأنابيب فقط، بل تنكسر الكرامة، ويتحول الماء من حق إلى حلم، ومن حاجة يومية إلى أمنية مؤجلة، فيما الأطفال هناك ينظرون إلى صهاريج الماء كمن ينظر إلى سفينة نوح، ربما هذا أسوأ واقع عرفته البشرية وتعيشه تعز اليوم.

ختاماً:

وحدها تعز تقف عارية في وجه العاصفة، بلا غطاء ولا سند، تُقاوم وتُكابر، ثم يُدفن أبناءها في صمت، لكنها تحفظ الأسماء جيداً، وتعرف الوجوه التي كانت معها ثم انقلبت عليها، ستكتب أسماءهم على جدران العطش، وستبصق عليهم حين يعود المطر، لأن تعز وإن انكسر ظهرها، لا تنكسر ذاكرتها.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

عاجل.. غارات إسرائيلية عنيفة على الحديدة

بوابتي | 849 قراءة 

40 مليون يمني يقبلون رأس هذه السيدة الكويتية الشجاعة

المشهد اليمني | 733 قراءة 

غارات إسرائيلية عنيفة على منشآت حيوية في الحديدة بإستدعاء عبدالملك الحوثي

المنارة نت | 639 قراءة 

عاجل:تعرف على المناطق التي استهدفها الطيران قبل قليل

كريتر سكاي | 530 قراءة 

تصفيات داخلية تهز الجماعة: مصرع قائد الأمن المركزي الحوثي وسط اشتباكات قبلية دامية

نافذة اليمن | 394 قراءة 

بأوامر من عبدالملك الحوثي.. تفاصيل جديدة عن اغتيال معلم القرآن الشيخ صالح حنتوس داخل منزله

المشهد اليمني | 347 قراءة 

عاجل:اول صورة للقصف الذي حول ليل الحديدة الى نهار(مرعب)

كريتر سكاي | 322 قراءة 

البنك المركزي بصنعاء يثبت أسعار الصرف عند هذه الحدود

يمن إيكو | 311 قراءة 

مواجهة شرسة بين يمنيين وكفيلهم السعودي والنهاية مدهشة

نيوز لاين | 282 قراءة 

جدل واسع بعد بيع منتجات غير لائقة داخل مدرسة للبنات… وأولياء الأمور يطالبون بالتحقيق

نيوز لاين | 234 قراءة