كشفت مصادر استخبارية متطابقة أن جريمة اغتيال الشيخ صالح حنتوس، معلم القرآن الكريم وأحد أبرز الشخصيات الدينية والاجتماعية في محافظة ريمة، لم تكن نتيجة قرار ميداني أو تصرف فردي، بل جاءت بأوامر مباشرة من زعيم ميليشيا الحوثي الإرهابية عبدالملك الحوثي، الذي أصدر تعليمات صريحة بتصفية الشيخ ومنع أي وساطات قبلية للتدخل، في جريمة تعكس مدى التوحش الذي تمارسه الجماعة بحق معارضيها.
وبحسب ما أوردته صحيفة الثورة الرسمية، فإن المسلحين الذين نفذوا الهجوم على منزل الشيخ حنتوس تلقوا تعليماتهم من مكتب ما يُعرف بـ"السيد" التابع لعبدالملك الحوثي، وهو ما ينسف أي ادعاءات حول استقلال القرار الميداني، ويضع المسؤولية الكاملة على القيادة العليا للميليشيا.
تنسيق مباشر مع الحرس الثوري الإيراني
وذكرت المصادر أن القيادي الحوثي المدعو أبو الكرار المداني، وهو المسؤول عن ملف التصفيات الجسدية في الجماعة، قام بالتنسيق المباشر مع مكتب عبدالملك الحوثي، وأرسل رسالة سرية يطلب فيها التأكيد النهائي على تنفيذ الاغتيال، ليأتيه الرد القاطع بالتنفيذ الفوري، دون اعتبار لأي أعراف قبلية.
وتؤكد المصادر أن محاولة بعض الأجنحة الحوثية تحميل المسؤولية لمدير ميليشيا الجماعة في مديرية السلفية ما هي إلا محاولة مكشوفة لتضليل الرأي العام وتبييض وجه القيادة، التي كانت خلف القرار وخطته المسبقة.
اعتراف رسمي وتعهد بالقتل
في تطور لافت، أقر القيادي الحوثي وعضو المكتب السياسي للجماعة عبدالله النعمي خلال مقابلة مع قناة المستقلة التي تبث من لندن، أن عملية اغتيال الشيخ حنتوس تمت بأوامر من أعلى مستويات قيادة الجماعة، في اعتراف علني يعزز من حجم الانكشاف الأخلاقي والسياسي للميليشيا، ويُحمّل عبدالملك الحوثي شخصيًا المسؤولية المباشرة عن هذه الجريمة.
وفي سياق متصل، تم تداول تسجيل صوتي مؤثر نُشر عقب الجريمة، يُعتقد أنه من آخر كلمات الشيخ الشهيد حنتوس، قال فيه:
"من معه عليّ دعوى يتحرك النيابة ويعمل لي دعوة، وأنا أعين لي محامي.. خصمي أنا وأنتم أمام الله.. تعتدوا عليّ وأنا داخل بيتي وفي الشهر الحرام.. أنا اليوم شهيد إن شاء الله."
ويُظهر التسجيل أن الشيخ كان يوجّه حديثه لمجموعة من مشايخ القبائل الموالين للحوثيين، الذين أُرسلوا لتهديده وإرغامه على تسليم نفسه. وقد وجه إليهم تحذيرًا صارخًا: "اليوم عندي، وبكرة عندكم"، في مشهد يجسد ثباته وشجاعته أمام آلة القمع الحوثية.
وفي لفتة إنسانية، أجرى رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد محمد العليمي اتصالًا هاتفيًا مع الشيخ سعد حنتوس، شقيق الشهيد، قدّم خلاله تعازيه الحارة، وأشاد بموقف الأسرة وصمودها.
وأوضح شقيق الشهيد أن عشرة من أفراد الأسرة ما زالوا في قبضة الحوثيين، بينهم عدد من أبناء الشيخ المغدور، مضيفًا أن الأسرة تعاني آثارًا جسيمة من هذه الجريمة الوحشية.
وتأتي هذه الجريمة ضمن سياق تصعيدي تنفذه ميليشيا الحوثي بحق الشخصيات الدينية والاجتماعية، خاصة أولئك الرافضين للانخراط في مشاريعها الطائفية أو التجنيد القسري. وتشير تقارير حقوقية إلى تصاعد وتيرة الانتهاكات بحق شيوخ القبائل، الدعاة، والمعلمين، ضمن سياسة تهدف إلى تفكيك المجتمع وإقصاء الرموز المستقلة.
وتُعد محافظة ريمة، التي اشتهرت بموقف شعبي رافض للحوثيين، هدفًا متكررًا لهذه الانتهاكات، في إطار محاولات الجماعة فرض سيطرتها بالقوة بعد فشلها في كسب الحاضنة الاجتماعية هناك.
ويعيد اغتيال الشيخ صالح حنتوس إلى الواجهة ملف التصفيات الجسدية الحوثية بحق من يرفضون الانصياع لمشروعها الطائفي المدعوم من إيران.
ورغم بشاعة الجريمة، تظل المأساة الأكبر في صمت المجتمع الدولي والمنظمات الأممية، إزاء ما وصفه حقوقيون بـ"القتل الممنهج لشخصيات مدنية ودينية تمثل صوت الاعتدال والقرآن".
المصدر: يمن باب
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news