قضية شعب الجنوب .. اختبار لمصداقية التحالف العربي

     
عدن تايم             عدد المشاهدات : 139 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
قضية شعب الجنوب .. اختبار لمصداقية التحالف العربي

في ظلِّ تعاقب الأزمات وتشابك المصائر، تبرز قضية شعب الجنوب كواحدة من أكثر القضايا العادلة إلحاحًا في المنطقة العربية، والتي تتطلب وقفةً جادّةً من الأشقاء والأحلاف، ورعاة الحرب في التحالف العربي لا سيما المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، اللتين تمثلان الحضن الأمني والقوة الضامنة لتطلعات الشعوب العربية المكافحة والمظلومة؛ فما زال شعب الجنوب يعاني من ويلات الاحتلال والإقصاء والتهميش، ومن حروبٍ ظالمةٍ طالت أبنائه ودمّرت بنيته التحتية، حتى بات وضعه الاقتصادي والخدمي على حافة الانهيار، يُهدّد وجوده الاجتماعي ويُفقد أبناءه الأمل في غدٍ أفضل ومستقبل واعد.

إنَّ الموقف الأخوي والعروبي الذي يتوقعه شعب الجنوب من قيادتي الرياض وأبوظبي هو واجبٌ تاريخي وأخلاقي وإنساني وسياسي ووطني وعروبي، ينبع من عمق الروابط الأخوية والجغرافية والأمن الإقليمي، ومن التضحيات الجسام التي قدّمها هذا الشعب في معارك الدفاع عن الأمن العربي المشترك؛ فكما وقف شعب الجنوب قيادة وشعبًا صفًّا واحدًا مع أشقائهم بالتحالف العربي في أحلك الظروف، فإنَّ الوقت قد حان ليقف أشقاء العروبة وحماتها معهم في معركتهم المصيرية من أجل استعادة دولتهم الشرعية، وإنهاء عقودٍ من المعاناة تحت وطأة الاحتلال والهيمنة الشمالية اليمنية.

ومن هنا لا يمكن لقضية شعب بهذا العمق التاريخي والوطني أن تُحلَّ بغير إطار تفاوضي عادل وفاعل ومستقل، تتضح مساراته وتعبّر عن تطلعات شعبه وتترجم حقوقه السياسية والاقتصادية؛ فالجنوب ليس مجرد طرفٍ ضمن أطراف متصارعة في الحرب، بل هو شعبٌ له كيانه وهويته، وله الحق في تقرير مصيره بعيدًا عن الوصاية والاستغلال الذي تمارسه قوى الشمال اليمني المتخادمة (حوثية وإخوانية ومؤتمرية وقبلية)في إبقاء الجنوب تحت هيمنتهم واحتلالهم وابتزازهم البغيض.

ولتحقيق ذلك، فإنَّ السياسة العربية الواقعية التي تنتهجها دول التحالف العربي والمبنية على المصالح المشتركة يجب أن تتحوّل إلى خطوات عملية، تبدأ بـ:

1. تمكين شعب الجنوب عبر ممثله المجلس الانتقالي الجنوبي المفوض من الشعب من إدارة ملفه الاقتصادي عبر تشكيل حكومة جنوبية كفؤة، تُعنى بإصلاح الخدمات ورفع المعاناة المعيشية، وإعادة إعمار ما دمّره الإهمال والحروب.

2. إسناد الملف الحربي إلى حكومة شمالية متخصّصة، تركّز على مواجهة الحوثيين والقضاء على تهديداتهم، بما يضمن عودة الأمن والاستقرار إلى عموم محافظات الشمال اليمنية.

3. وبعد انهاء الانقلاب الحوثي يتم إفساح المجال للحوار الجنوبي-الشمالي تحت رعاية عربية ودولية، لبحث جذور الأزمة ووضع حلول دائمة تمنع تكرار الحروب وتُنهي هيمنة الشمال على الجنوب، لضمان الأمن الإقليمي العربي.

إنَّ استمرار التردّد في اتخاذ موقف حاسم تجاه قضية الجنوب لن يزيد الأوضاع إلاّ تعقيدًا؛ فالمعاناة الاقتصادية التي يعيشها شعب الجنوب اليوم ليست مجرد أزمة مؤقتة، بل هي قنبلة موقوتة تهدّد الاستقرار الإقليمي برمّته إذا ما دعمها التحالف العربي برؤيته الواقعية والمبنية على المصالح المشتركة من جهة وتفهمها قوى الشمال اليمني من جهة أخرى؛ فالبطء في التعاطي مع مطالب هذا الشعب العروبي الأصيل سيدفع نحو مزيدٍ من التدهور، قد تُفقد معه آخر فرص السلام العادل.

فإلى متى يظلُّ الجنوبُ يُدفع ثمن حروبٍ لم يبدأها؟ وإلى متى تبقى قضيته السياسية العادلة رهينة المماطلات والمصالح الضيقة؟ إنَّ العدالة التاريخية تقتضي أن يكون للجنوب دولته، وأن يُرفع الظلم عن أبنائه، وأن يُمنحوا الحق في بناء مستقبلهم بأيديهم.

فاليوم دول التحالف برئاسة المملكة العربية السعودية ومعها دولة الإمارات العربية المتحدة بموقعهما القيادي وثِقلهما السياسي، قادرتان على حلحلة المسارات السياسية والاقتصادية في المتوجهات الضامنة والعادلة؛ فدورهما يجب أن يبنّي على دعم قضية شعب الجنوب سياسيًّا وعسكريًّا، والسعي نحو إقرار حلٍّ عادلٍ تحت مظلة الأمم المتحدة والشرعية الدولية وبتوافقات إقليمية التي هي من تقول الكلمة الفصل.

فكما وقفتا سدًّا منيعًا في وجه المشاريع التخريبية، التي مولتها إيران في المنطقة عليهما اليوم أن تكونا حاميتي الحق الجنوبي، وعدالة قضية شعبه وأن تقودا مسارًا سياسيًّا يُعيد للجنوب كرامته، ويُنهي معاناته، ويُحقق طموحه في دولةٍ عادلةٍ، تكون شريكًا فاعلًا في استقرار المنطقة، لا ضحيّةً لمشاريع الآخرين.

فالجنوب اليوم شعبًا وقيادةً يستحقُّ أكثر من مجرد وعود، وهو ينتظر من أشقائه العرب ورعاة التحالف مواقفَ تُترجم إلى أفعال، لأنَّ في إنصافه إنصافًا لكلِّ مبادئ العدالة والحرية التي تنادي بها الأمة العربية. والوقت، يا رعاة الأمة العربية وبناة مشروعها العربي المشترك، ليس صديقَ المنتظرين.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

خالد سلمان يكشف عن زلزال عسكري قادم نحو تعز والبيضاء.. وساعات لحسم مصير محور الجبولي

نافذة اليمن | 707 قراءة 

اليمن مات. وهذا ما سيحلّ مكانه!

الوطن العدنية | 654 قراءة 

عودة علي سالم البيض إلى عدن بعد سنوات من الغياب.. ورسالة برلمانية حول الوحدة اليمنية

نيوز لاين | 619 قراءة 

عملية استباقية نوعية لشرطة مأرب.. اعتقال قيادي حوثي كُلف بإدارة الخلايا الإرهابية خلفاً للقيادي المعتقل “أحمد قطران”

بران برس | 510 قراءة 

اول ضربة جوية على قوات الانتقالي بوادي حضرموت (تفاصيل)

مراقبون برس | 499 قراءة 

إعلان رسمي: أول مدينة في اليمن تحظر السلاح وتتوعد المخالفين بالعقوبات

نيوز لاين | 478 قراءة 

هل تستخدم السعودية القوة لإخراج قوات الانتقالي من حضرموت والمهرة؟

الوطن العدنية | 469 قراءة 

منفذ الوديعة يفرض شرطاً جديداً على المغتربين اليمنيين

المشهد اليمني | 393 قراءة 

هل اكتشفت الرياض أن قوات الدرع التي بنتها غير جاهزة للمواجهة؟

الوطن العدنية | 349 قراءة 

باسندوة: أتمنى الموت قبل أن أرى تقسيم اليمن

قناة المهرية | 285 قراءة