عثمان أبو ماهر.. من الذاكرة النضالية والغنائية

     
بيس هورايزونس             عدد المشاهدات : 115 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
عثمان أبو ماهر.. من الذاكرة النضالية والغنائية

لم يكن النضال الذي خاضه ثوّار اليمن في مسيرتهم الوطنية مكلّلًا بالورود، ولا ممتدًا في آفاق السلامة؛ بل كان النضال هو الحامل الموضوعي للشهادة.

(عثمان أبو ماهر) أحد طلائع الثورة اليمنية، عانقت حروف عشقه نيران بندقيته، فذابا معًا، كلٌّ في حنايا الآخر، ثم امتزجا في النغم الثائر الذي عُرف به، وهو يعلن للملأ:

أنا الثائرُ الحرُّ رمزُ النضالْ

وجنديُّ بلادي ليوم القتالْ

شربتُ المنايا كشرب الزلالْ

وتوَّجتُ بالنصر هامَ الجبالْ

وحدَّثني الصخرُ عند الصمودْ

لك الله فاصمدْ صمودَ الرجالْ

يمينًا يمينًا يمينًا بمجدِك يا موطني

وهكذا يأخذه القسمُ بمجد موطنه إلى مناجاة النسيم العابق بأنفاس الزهر، وهو في أوجِ بهائه وانتشاره في سَحَر النضال. وكأنه جلالُ الحق، وصوتُ القدر، لوثوبِ الشعب في سبتمبر:

يا نسيمًا عابقًا كالزهر

طيّبَ الأنفاسِ عند السَّحَر

يا جلالَ الحقِّ صوتَ القدر

يا وثوبَ الشعبِ في سبتمبر

الخطاب لأيلول لم يغب عن خاطر وكينونة الشاعر عثمان أبو ماهر، وما زال تاريخه مسجَّلًا بدماء الشاعر، الحقيقية منها والشعرية:

أنتَ يا أيلولُ فجري

بدمي سجَّلتُ تاريخي وفخري

فاخْصبي يا أمُّ يا خضراء

ها أنا فجَّرتُ نهري

ولا تزال ثورة سبتمبر سطورًا متدفقة من دماء الشهداء، ونشيدًا حيًّا في قلوب الشرفاء، فهي – أي الثورة – تراب الأرض وسناؤها:

يا سطورًا من دماءِ الشهداء

يا ضياءً في طريقِ الأوفياء

يا نشيدًا في قلوبِ الشرفاء

يا ترابَ الأرضِ، يا كلَّ سنائي

لم يتوقف الشاعر (أبو ماهر) عند هذا الحد، ولم يطلب، كما طالب غيره، منصبًا يدور في كراسيه، كما دار آخرون؛ بل مضى متوغّلًا في أعماق التراب اليمني ألحانًا عذبة، متسائلًا بقلبه: لماذا لم يرتوِ من الحب؟.

يا قلبُ، مالك ما ارتويتَ من الحب؟

وأنتَ الذي بكلِّ عِرقٍ تَسكبُ!

ويوضح موقفه من هذا الهوى بقوله:

مشتيش هوى يحرق شموعَ عمري

أشتي هوى يروي الغصونَ واللبَّ

الحبّ هو خِصبُ الدنيا وتجددها الدائم، وبغير هذا الحب تصبح الدنيا قاحلة، يرفضها الشاعر، موضحًا أن مطلوبه هو “هوى منها وفيها، ينسكب كالنهر الممتد بين ضفّتي الحياة”:

مشتيش دنيا قافرة بلا حب

أشتي هوى كالنهرِ حينَ يَسكب

روحي هوى، قلبي هوانا حب

يا دهرُ سجِّل، يا زمانُ اكتب!

وعاش جزءًا من حياته شلّالاتٍ عابرةً للحدود الشطرية، متغنّيًا بالوحدة، كسيولٍ وحقولٍ وتراب أرضه:

شلالُ وادي بَنا شلّ العقول

وشلّ لا بين زغاريدِ الغيول

وحدةُ بلادي، غنّي يا حقول

غنّي لها، عانقيها يا سيول

ومنقّبًا عن معبد الشمس، الذي داهمته الرياح بأتربة المطامع البشرية، وعبث الغبار التاريخي المتراكم على صدره:

يا معبدَ الشمس، كم لك محتجبْ

واحبيبْ!

ومسافرًا على هيئة الطير الذي تمنّى لو كانه، لينزل بجناحيه عدنَ فجرًا، ويمسي في حَجور (في أقصى الشمال)، دونما تساؤل عن وجهة سفره أو عن المعيَّنين بزيارته:

يا ليتني طيرٌ ما يَحمِلُ مرور

أنزل عدن فجرًا، وأمسي في حَجور

محدٍّ يقل لي علومك والطيور

ولا يسائل: إلى أينَ من تزور؟

وكغيره، تجرّع مرارة جهله، بتصديق أن عدن “تشِلّ” من يأتي إليها:

يوم كنتُ جاهل، تجرّعتُ الأمر

من غاب قالوا: عدن شلّت نفر

ولكنه – أي الشاعر – حين شبَّ عن الطوق، وعلّمه البصر، أدرك أن اليمن واحدة، بحرًا وبرًّا، فإذا هو يصدح:

واليوم شبّيت وعلّمني البصر

إن اليمن واحدة، بحرًا وبر

طاف معظم ربوع اليمن مع أيوب طارش، بحثًا عن “معينِيّة الزّراع”، وحين التقياها، طارا بها ألحانًا لا تزال باقية في سماوات اليمن، تدغدغ السُّحب، وتضاحك البروق، وتُخرج من أنفاسها حنين الرعود لملاقاة الخِصب الأرضي بالغيث:

ألا معينْ… يا الله يا رازق الطير

ألا معينْ… ما في المقايل لنا خير

ألا معينْ… ولا السُّؤال من يد الغير

التعاون جنب الزراعة

التعاون ساعة بساعة…

سلِّمه وأسلم داخل المتلم

عاش في تهامة فترةً من الزمن، غاص في أعماقها، وذابت في أحشائه، وامتزجت فينا هوى تهاميًا، كأول لحنٍ تهاميٍّ يطير به أيوب طارش في فضاء اللون التهامي الأسمر:

وَا زخمْ وأسمرْ… وَا حالي خطر

لمّا رأيتك وا زخمْ… بمكفٍّ تغرس شجر

حبّيت أنا غرس أمشجار… روح روح امزهر

وَا دقيقْ وَا رشيقْ… وغالي وَا رفيقْ أمبكِّر

أفديك أنا وا محنّى… أفديك أنا وا مدرر

عاش حتى عاد إلى أحضان الأرض، وأوعد إياها بأنه سيعود ثائرًا في كفنه إذا نادته:

يا بلادي، لك هامي ينحني

لك أحيا، وإذا ناديتِني

بعد موتي لصراعِ المحن

سوف آتي ثائرًا في كفني

ومضى، تاركًا لنا وصيته:

اذكروني، واذكروا الماضي، وقولوا:

لعنةُ الله على ظلمِ السياسة.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

الزبيدي رئيسا للجمهورية اليمنية المعترف بها دوليا

مراقبون برس | 508 قراءة 

مصادر في تعز تتحدث لـ“برّان برس” عن انشقاق قيادي عسكري من صفوف الحوثيين وتروي تفاصيل خلافه مع الجماعة

بران برس | 480 قراءة 

حزمة قرارات رئاسية بتغييرات وزارية وعسكرية في اليمن

مراقبون برس | 461 قراءة 

إحباط عملية تهريب في مطار عدن: ضبط طرد يحتوي على مفاجأة ضخمة والقبض على شخصين

نيوز لاين | 368 قراءة 

”من أجل سلامته وكرامته… مواطن في إب يضطر لبيع عمارة فاخرة هربًا من جاره وبرج اتصالات!”

المشهد اليمني | 364 قراءة 

محافظة يمنية مهملة تغرق بالنفط ولم يتم التنقيب فيها وتم اكتشافه قبل أكثر من مائة عام .. تفاصيل

يمن فويس | 361 قراءة 

طارق صالح يطلق هذا التحذير الهام بعد حراك سياسي مع السفراء !

يمن فويس | 310 قراءة 

مأساة في صعدة.. شاب يف جّر نفسه بجوار قبر حبيبته بعد أن رفض أهلها تزويجه بها

كريتر سكاي | 306 قراءة 

هؤلاء المسؤوليين يقهرون ملايين اليمنيين بعمل خسيس وصادم

نيوز لاين | 277 قراءة 

موعد مباراة العراق ضد الإمارات في مواجهة مصيرية لملحق كأس العالم 2026

عدن نيوز | 242 قراءة