تقرير: حفر الصرف الصحي بمخيم الجفينة في مأرب.. فخاخ تلتهم من يمر عليها

     
يمن ديلي نيوز             عدد المشاهدات : 43 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
تقرير:  حفر الصرف الصحي بمخيم الجفينة في مأرب.. فخاخ تلتهم من يمر عليها

أعد التقرير لـ”يمن ديلي نيوز” كمال حسن:

لم يكن يعلم الطفل “عبد الله” ذو الأعوام الأربعة، أن لعبة بجانب منزل أحد أقاربه الذي قدم مع أسرته لزيارته في مخيم الجفينة للنازحين بمحافظة مأرب (شرقي اليمن) ستكون لحظاته الأخيرة في الحياة.

سقط عبد الله وهو يلهو في إحدى حفر الصرف الصحي المكشوفة، ليختفي بعدها لمدة ثلاث ساعات، قبل إن يعثر عليه الأهالي بعد بحث طويل، غارقاً في الحفرة وقد فارق الحياة.

مأساة “عبدالله” ليست الأولى من نوعها، بل هي واحدة من سلسلة حوادث سقوط نازحين، لاسيما الأطفال منهم، في حفر الصرف الصحي في المخيمات، التي لا تفرق بين طفل أو امرأة أو مسن، وباتت فخاخاً قاتلة، تلتهم من يمر عليها.

تكرار حوادث السقوط في حفر الصرف الصحي في مخيمات النزوح، تثير قلق النازحين، خصوصاً أن تلك الحوادث مستمرة منذ سنوات في ظل عدم وجود حلول جذرية، أو معايير تضمن سلامة الحفر، علاوة على عشوائية مواقعها داخل المخيمات، والتي غالباً ما تكون بالقرب من مساكن النازحين، وفي الممرات والطرقات العامة.

يعد مخيم الجفينة للنازحين في مأرب هو المخيم الأكبر في اليمن، في حين تقول السلطات المحلية بالمحافظة إنه يعتبر المخيم الثالث على مستوى الشرق الأوسط من حيث الكثافة العددية حيث يقدر عدد النازحين في المخيم بأكثر من 100 ألف نازح.

وتستوعب محافظة مأرب مايزيد عن مليوني نازح يتوزعون على أكثر من 200 مخيم وتجمع للنازحين، ويشكلون مانسبته 63 في المائة من إجمالي النازحين في اليمن البالغ عدد 4.5 مليون.

الانسان والحيوان والسيارات

يقول “محمود علي” وهو نازح يقيم في مخيم الجفينة، إن حفر الصحي المفتوحة في المخيم، أو تلك التي تمت تغطيتها بطرق بدائية وغير آمنة، تسببت بحوادث سقوط كثيرة طالت السكان بمختلف أعمارهم، إضافة إلى سقوط السيارات وحتى المواشي التي لم تسلم هي الأخرى من حوادث السقوط، مشيراً إلى أن الوضع لم يقتصر على حوادث السقوط فقط، بل أدى إلى تفاقم مشاكل صحية، بسبب انتشار البعوض والروائح الكريهة، الأمر الذي يسبب لانتشار الأمراض.

محمود في حديث مع “يمن ديلي نيوز” عبر عن استيائه من إهمال بعض سكان المخيم، لتغطية حفر الصرف الصحي الخاص بمساكنهم، مما يسبب خروج مياه الصرف الصحي الملوثة إلى الطرقات العامة، وأحيانا إلى مساكن مجاورة، متسببا في أضرار بيئية خطيرة على صحة النازحين في المخيم، الذين لم يعد ينقصهم المزيد المشاكل.

الظروف الصعبة

“توفيق الحاج” وهو صحفي نازح أيضاً في مخيم الجفينة، يقول: حفر الصرف الصحي ضرورة لكل بيت ولكل نازح ومن الصعب العيش بدون صرف صحي.. إلا أن الظروف الصعبة التي يمر بها النازحون تسبب بإهمال سقف وتغطية البيارات والاكتفاء بتغطيتها بصفيح زنج أو لوح خشب.

ويضيف لـ “يمن ديلي نيوز”: المخيمات تضم نازحين من مختلف المحافظات المدن والأرياف القرى والوديان والصحاري، وعدد كبير منهم لم يعتاد على حفر بيارات لأنه كان يعيش في أماكن ريفية، وهنا في ظل ازدحام المخيم اضطر لحفر بيارة لكي يعيش ولكنه لم يلتزم بالمواصفات.

ويشدد الحاج على مسؤولية السلطات المحلية في المحافظة والجهات المعنية، بسبب ما قال إنه تساهل وتأخر متابعتها ومعاقبتها للنازحين الذين لم يلتزموا بمعايير حفر في حفر الصرف الصحي، وجعلها مكشوفة، لافتا إلى أنه وفي الآونة الأخيرة وبعد تزايد حوادث السقوط في حفر الصرف الصحي، بدأت الجهات الأمنية في المخيم بإلزام السكان بتغطية الحفر المفتوحة، الأمر الذي أسهم باستجابة سكان المخيم لتوجيهات السلطات.

وردا على دور المنظمات يقول “الحاج” إنه لم يحصل على أي مساعدة من المنظمات الإنسانية التي تشرف على المخيم بخصوص الصرف الصحي، وقام بحفر بيارة مسكنه على نفقته.

ويشير إلى أن تدخلات منظمة الهجرة الدولية – بوصفها الشريك الإنساني في المخيم – لم تكون بالمستوى المطلوب، الأمر الذي دفع العديد من النازحين إلى ترك البيارات المفتوحة على أمل الحصول على مساعدات مستقبلية.

كما أوضح أن تقييم فريق الإصحاح البيئي للمنظمة لم يكون دقيقا في التقييم، وأن البيارات التي حفرها لم تتجاوز مساحتها مترين مربعين وعمقها أقل من 3 أمتار مما جعلها غير صالحة للاستخدام لفترة طويلة، “وهو أمر كان يمكن تجاوزه لو أن الوحدة التنفيذية قامت بدورها في متابعة تنفيذ المعايير الفنية لحفر البيارات وأشرفت على المشروع الذي نفذته المنظمة”، وفقا للحاج.

وكانت الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في محافظة مأرب، دعت في بيان لها في شهر سبتمبر/ أيلول من العام 2023، المنظمات والجهات المعنية الى توفير بنية تحتية آمنة وصحية للمخيمات، وتوعية السكان بمخاطر الحفر وتوفير وسائل للحماية، لضمان سلامة السكان.

وناشدت الوحدة التنفيذية في حينها الجهات الرسمية والمنظمات المعنية وكتلة المياه والإصحاح البيئي وكتلة الحماية بالتدخل الفوري لتحسين البنية التحتية وتوفير إجراءات آمنة للتعامل مع المخلفات الإنسانية في المخيمات والاحياء السكنية.

ويؤكد مساعد مدير الوحدة التنفيذية للنازحين في مأرب خالد الشجني، إن المساكن في مخيمات النزوح تفتقر إلى التخطيط وتم إنشاؤها بشكل عشوائي على أراضي معظمها مملوكة ملكية خاصة، لافتا إلى هذه المخيمات مكتظة بأعداد كبيرة من النازحين.. وأشار إلى أنه يوجد في محافظة مأرب 209 مخيمات للنازحين تؤوي 71 ألف أسرة.

ويرى الدكتور خالد الشجني في حديث مع “يمن ديلي نيوز”، أن النازحين يتحملون جزء كبير من مسؤولية السقوط في حفر الصرف الصحي، مشيراً إلى أن كثير منهم قام وبعدم مبالاة منهم بحفر بيارات الصرف الصحي بجانب مساكنهم بشكل عشوائي جدا، ولم يقوموا بتغطيتها بشكل آمن أو تركوها مفتوحة، الأمر الذي يتسبب بكثير من المخاطر أبرزها انتشار الأمراض علاوة على سقوط النازحين فيها.

وقال إن “تلك التصرفات تعكس قدراً من الاستهتار وعدم المبالاة، رغم وجود نماذج من النازحين حفروا بياراتهم بطريقة آمنة، ما يؤكد إمكانية تحقيق مستوى أفضل من السلامة عند اتباع الإجراءات الصحيحة”.

ويفيد الشجني أن إدارة المخيمات أطلقت عقب تزايد حوادث السقوط، حملات توعوية استهدفت النازحين للتأكيد على أهمية تغطية حفر الصرف الصحي بطريقة آمنة، والتوعية بالمخاطر الصحية والبيئية الناتجة عن الإهمال في تنفذيها.

كما قامت الجهات الأمنية – وفق الشجني – بتنفيذ حملات ميدانية لرصد المخالفات ومتابعة أعمال الحفر وضبط المخالفين، مشيرا إلى أن هذه الجهود أسفرت عن استجابة ملحوظة من قبل النازحين.

الطبيعة القانونية

وفيما يتعلق بدور المنظمات العاملة في المحافظة، والتي تنفذ تدخلات إنسانية في عدد من المخيمات في المحافظة، أوضح الشجني أنه من الصعب عليها أن تتدخل في جانب الحفر بشكل مباشر، بسبب الطبيعة القانونية لهذه المخيمات حيث أنها تُقام غالبا على أراضي خاصة تعود ملكيتها لأفراد من أبناء المحافظة، ما يحول دون القيام بأي أعمال إنشائية دائمة بما فيها الحفر دون موافقة المالكين.

ولفت إلى أن عدد من المنظمات ساعدت النازحين في بعض المخيمات بشكل غير مباشر بعد موافقة ملَاك الأراضي، عن طريق تقديم المال مقابل حفر البيارات، وأشرفت على عملية الحفر وفقا معايير تضمن السلامة.

ويضيف: منظمة الهجرة الدولية، ساعدت النازحين في مخيم الجفينة على تغطية حفر الصرف الصحي، إلا أنها لم تستطيع أن تغطي المخيم بشكل كامل نظرا للأعداد الكبيرة من الأسر الساكنة في المخيم.

استهتار النازحين

وفي ظل غياب إحصائيات رسمية دقيقة بشأن حوادث السقوط في حفر الصرف الصحي بمخيمات النازحين بمأرب، أظهر رصد ميداني أجراه معدّ التقرير، استنادا لإفادات مسؤولي القطاعات في مخيم الجفينة الذي يُعد الأكبر في المحافظة والذي يضم 17 ألف أسرة نازحة، تسجيل ما لا يقل عن 12 حالة سقوط في قطاعات مختلفة في المخيم، خلال العاملين الماضيين، تنوّعت نتائجها بين الوفاة والإصابة بإصابات متفاوتة أبرزها كسور في الأطراف السفلية.

ولتسليط الضوء بشكل أوضح على حوادث السقوط في حفر الصرف الصحي بالمخيمات، تحدثنا مع مدير مخيم الجفينة للنازحين الدكتور ناصر العامري الذي أبدى توافقا في الرأي مع ما قاله الشجني، بشأن المتسبب الأول بهذه الحوادث، إذ يرى أن استهتار بعض النازحين بتغطية فتحات الصرف الصحي بالشكل الصحيح يمثل السبب الأبرز لتكرار حوادث السقوط.

ويقول العامري في حديث لـ “يمن ديلي نيوز”، يقوم بعض النازحين ببناء مسكنه بشكل متكامل، وعندما يصل إلى الصرف الصحي، يتساهل ولا يقوم بإحكام إغلاق حفر البيارات، بحجة عدم القدرة المالية، ويقوم بتغطيتها بأغطية هشة مثل الأعواد أو الطرابيل، والتي تُعد غير آمنة على الإطلاق.

ويضيف العامري: ضعف التدخلات في قطاع الصرف الصحي بالمخيم من قبل الشركاء وفي مقدمتها منظمة الهجرة الدولية التي تشرف على المخيم، يعتبر أحد الأسباب التي ساهمت في هشاشة بنية حفر الصرف الصحي، موضحا أن تدخلات المنظمة في هذا القطاع تظل محدودة وتتم وفقا للمعايير التي يحددها فريق المنظمة المختص بقطاع الإصحاح البيئي، الأمر الذي لا يلبي احتياجات المخيم المتزايدة في هذا الجانب المهم، في ظل تزايد أعداد الأسرة النازحة في المخيم.

ويردف بالقول: على سبيل المثال نفذت منظمة الهجرة الدولية، بعض التدخلات في قطاع الصرف الصحي تمثلت في تغطية عدد من حفر الصرف الصحي المكشوفة لعدد من الأسر المحتاجة في المخيم، وفقا لمعايير كتلة الاصحاح البيئي بالمحافظة، إلا أن هذه التدخلات لا ترقى إلى حجم الاحتياج الكبير في المخيم، ولا تزال فجوات قائمة في هذا الجانب، داعيا المنظمة لتكثيف جهودها والبحث عن مشاريع جديدة لسد هذه الفجوات، مشددا على أن قطاع الإصحاح البيئي يُعد من القطاعات الحساسة، وينتج عن التقصير فيه وقوع ضحايا على المدى القريب والبعيد”.

مسؤولية الرقابة

وعن الجهة المسؤولة عن الرقابة داخل المخيم يبين العامري أن الرقابة تقع على جهتين في المخيم الأولى تتمثل باللجان المجتمعية في كل قطاع، ممثلة بمسؤولي القطاعات والذين يتولون مهمة رصد المخالفات، وإبلاغ جهات الضبط لإلزام النازح بتغطية حفر الصرف الصحي.. والجهة الثاني هي الشريك الإنساني في المخيم ممثلة بمنظمة الهجرة الدولية والتي ترصد من خلال فريقها المختص، وترفع بالتقارير لإدارة المنظمة بهدف تخصيص مشاريع لمعالجة هذه الإشكالية، ومع ذلك فإن غياب مشاريع مخصصة لحفر الصرف يجعل تدخلات المنظمة في هذا الجانب محدودة.

أما عن دور إدارة المخيم في التعامل مع المخالفين من النازحين، يقول العامري، إن إدارة المخيم تقوم بتوجيه إنذارات خطية للنازحين المخالفين ومنحهم مهلة لتغطية الحفر المكشوفة أمام مساكنهم، إلا أن الكثير من النازحين يحتج بعدم قدرته المادية على التغطية، الأمر الذي يدفعهم إلى انتظار تدخل المنظمة التي تتأخر بحسب خطط وبرامج الجهات المانحة، ونتيجة لذلك تبقى بعض الحفر مكشوفة لفترات طويلة مما يتسبب بحوادث السقوط.

مرتبط

الوسوم

محافظة مأرب

الصرف الصحي

حفر البيارات

نسخ الرابط

تم نسخ الرابط


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

نتنياهو يعلن قرارا بشأن الحوثيين

العربي نيوز | 553 قراءة 

الصواريخ الدفاعية (أرض- جو) التي سيطر عليها الحوثيون من مخازن الجيش اليمني

ديفانس لاين | 552 قراءة 

اغتيال جديد في عائلة آل الأحمر .. و قبائل عمران تطالب بضبط القتلة

المشهد اليمني | 461 قراءة 

كارثة مرعبة لليمنيين والعراقين بقرار جنوني للرئيس ترامب

نيوز لاين | 432 قراءة 

القبض على يوتيوبر عدني في صنعاء بعد ظهوره برفقة فتاة في مكان عام

نيوز لاين | 331 قراءة 

شاهد: خيانة مشايخ المؤتمر لحنتوش (وثائق)

العربي نيوز | 312 قراءة 

عاجل: اشتباكات عنيفة في صنعاء

المنتصف نت | 225 قراءة 

انفجارات وحريق هائل في محطة محروقات بتعز.. ومصادر تتحدث عن استهداف بطيران مسيّر وقذائف

قناة المهرية | 207 قراءة 

انهيار مرعب للريال اليمني أمام العملات الأجنبية

المشهد اليمني | 199 قراءة 

انفجارات عنيفة وحرائق هائله حولت ليل المدينة إلى نهار.. تفاصيل ليلة الرعب في مدينة تعز

نافذة اليمن | 197 قراءة