القهوة.. زرعت في اليمن فطاف اسمها العربي العالم

     
الموقع بوست             عدد المشاهدات : 56 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
القهوة.. زرعت في اليمن فطاف اسمها العربي العالم

طقسٌ روحانيّ، أو وقودُ ثورة، أو صرعةٌ على تيك توك: القهوةُ أكثرُ بكثيرٍ من مجردِ مشروب. تاريخها الضاربَ في القِدَم يروي حكاياتٍ عن الماعز والأساطير والاستعمار فما السر العربي الكامن فيها؟

 

أصبحت القهوة منذ زمن جزءًا من ثقافة البوب من مشروب ستاربكس الشهير فرابوتشينو، الذي يحتفل هذا العام بمرور ثلاثين عامًا على ظهوره، إلى الصيحات المنتشرة على تيك توك مثل "دالغونا كوفي" أو "كلاود كوفي". لكن كل هذه الصيحات سبقتها قصة طويلة: فقد كانت القهوة تُحضّر على مدى قرون ضمن طقوس معينة، وتُشرب في الصالونات، وكانت وقودًا للثورات.

 

وفي الوقت نفسه، فإن تاريخها مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالاستعمار – واليوم بتغير المناخ: فنتيجة لارتفاع درجات الحرارة وعدم انتظام هطول الأمطار، يكافح كثير من مزارعي البن من أجل البقاء، كما أن أسعار القهوة ترتفع بشكل كبير.  ومع ذلك، فإن شُرب نحو ملياري فنجان قهوة يوميًا يظهر مدى ارتباط هذا المشروب بثقافة العالم. فيما يلي نظرة سريعة على رحلة القهوة عبر الزمن والقارات.

 

القهوة بين الأسطورة والروحانية

 

وفقًا للأسطورة، اكتشف راعي ماعز إثيوبي   يُدعى كالدي، القهوة عندما لاحظ أن ماعزه بدأت تقفز بنشاط غير عادي بعد أن أكلت حبات حمراء. رغم أن القصة على الأرجح مختلقة، فإن قهوة أرابيكا تنحدر فعلًا من منطقة كافا في إثيوبيا، حيث لا تزال تلعب دورًا مهمًا في الطقوس حتى اليوم. ففي مراسم القهوة الإثيوبية التقليدية، تُحمّص الحبوب على نار مفتوحة وتُحضّر في إبريق خزفي يُعرف باسم "جيبينا" – وهي لحظة ضيافة وتواصل اجتماعي.

 

في السنغال، تعد "قهوة طوبا" أكثر من مجرد مشروب – فهي تنكّه بالفلفل والقرنفل، وتنتمي إلى التقاليد الصوفية الإسلامية ولها معنى روحي. وفي العديد من الدول العربية يُضاف الهيل إلى القهوة.

 

في  تركيا، يُغلى مسحوق القهوة المطحون ناعمًا جدًا مع الماء والسكر في إبريق نحاسي يُدعى "جزوة" – هذه هي القهوة التركية، والتي تُحضّر بالطريقة نفسها في اليونان وتُعرف هناك باسم "كافيداكي". وعندما يُشرب الفنجان حتى تبقى فقط الرواسب، تُقرأ الرواسب لاحقًا – وهي عادة عريقة في التنبؤ بالمستقبل لا تزال مستمرة حتى اليوم.

 

في إيطاليا، يقسم الناس على الإسبريسو – ويفضلونه كرشفة صغيرة زيتية سوداء في فنجان صغير سميك الجدران.

 

في البرازيل، يُعد "كافيزينيو" – وهو قهوة صغيرة محلاة – رمزًا للضيافة. وهو جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية: سواء في المنزل أو عند باعة الأرصفة. وفي عام 2020، خلال الإغلاق بسبب كورونا، أعادت كوريا الجنوبية القهوة إلى مركز الاهتمام العالمي: من خلال دالغونا كوفي – مزيج هش من القهوة الفورية والسكر والماء – والذي أصبح طقسًا منتشرًا على تيك توك – بسيط ومريح وجميل المنظر.

 

جبن وبيض على القهوة؟

 

في جميع أنحاء العالم،  هناك أنواع مبتكرة وغريبة أحيانًا من القهوة: ففي فنلندا والسويد، تُسكب القهوة على مكعبات جبن مصنوعة من حليب البقر أو الرنة – وهي عادة قديمة جدًا. في فيتنام، ظهرت "قهوة البيض" بعد الحرب العالمية الثانية بسبب نقص الحليب – وهي مزيج من صفار البيض المخفوق مع الحليب المحلى المكثف والقهوة – وأصبح اليوم من المشروبات الكلاسيكية المحبوبة.

 

وهناك أيضًا "كوبي لواك" من إندونيسيا – وهي حبوب قهوة تمر عبر الجهاز الهضمي لحيوان الزباد ثم تُجمع مجددًا. الفكرة أن التخمير يحسّن الطعم ويجعله أكثر نعومة. لكن منظمات حماية الحيوان تحذر: فالكثير من هذه الحيوانات تُحبس في أقفاص وتُجبر على الأكل. توجد شركات تزعم أن قهوتها "مجموعة من البرية" – لكن مصداقيتها غالبًا ما تكون موضع شك.

 

القهوة من مشروب مقدس إلى منتج عالمي

 

لم تكن القهوة تُنقل فقط في أكياس، بل عبر طرق التجارة، والتيارات الروحية، والحروب الاستعمارية. رغم أن النبات أصله من إثيوبيا، فإن أول زراعة موثقة له كانت في  اليمن – وهناك أيضًا حصل على اسمه "قهوة"، وهو في الأصل اسم لـ "الخمر". استخدم الصوفيون القهوة للبقاء يقظين أثناء صلواتهم الليلية. وكان ميناء المخا اليمني مركزًا عالميًا لتجارة حبوب القهوة.

 

وفقًا للأسطورة، هرب الصوفي الهندي بابا بودان في القرن السابع عشر بسبع حبات خصبة من اليمن إلى جنوب الهند – رغم الحظر العربي على تصدير الحبوب. وكان ذلك بداية زراعة القهوة في الهند.

 

سرعان ما أدركت القوى الاستعمارية الأوروبية  إمكانيات القهوة:  فزرعها الهولنديون في جزيرة جاوة، والفرنسيون في الكاريبي، والبرتغاليون في البرازيل – وغالبًا ما ارتبط ذلك بالعنف والعبودية والعمل القسري. وهكذا أصبحت البرازيل في القرن الثامن عشر أكبر منتج للقهوة في العالم.

 

حتى أستراليا، التي تأخرت في دخول عالم القهوة، لديها اليوم ثقافة قهوة مزدهرة. حقيقة طريفة: أستراليا ونيوزيلندا تدعي كل منهما اختراع "فلات وايت" في الثمانينات.

 

المقاهي كمراكز للأفكار والمناضلين

 

لطالما كانت  المقاهي أكثر من مجرد أماكن لشرب القهوة،  ففي إسطنبول القرن السادس عشر، حاول الحكّام حظرها مرارًا – خوفًا من أن تكون بؤرًا للقلاقل. وفي أوروبا خلال عصر التنوير، أصبحت المقاهي ملتقى للأفكار الثورية – ومن بين عشاق القهوة المشهورين فولتير وروسو.

 

وفي أمريكا الاستعمارية، حلت القهوة محل الشاي الذي فرضت عليه بريطانيا الضرائب – خاصة في "حانة التنين الأخضر" في بوسطن، حيث اجتمع "أبناء الحرية" لتنظيم المقاومة ضد الاستعمار البريطاني. وقد أدى ذلك إلى ما عُرف لاحقًا بحادثة "حفلة شاي بوسطن"، عندما ألقى أعضاء المجموعة مئات الصناديق من شاي شركة الهند الشرقية البريطانية في ميناء بوسطن. وكان ذلك من بدايات حركة الاستقلال الأمريكية في القرن الثامن عشر.

 

تشهد المقاهي اليوم عودة قوية كمقاهٍ للعمل المشترك – أماكن تجمع بين العمل والمنزل، حيث يمكن للمرء التواجد ببساطة. فمنذ التسعينات، بدأت العديد من المقاهي بتقديم خدمة الإنترنت، قبل أن يصبح الإنترنت اللاسلكي (واي فاي) أمرًا شائعًا في المنازل.

 

كما أصبحت المقاهي أكثر إبداعًا: ففي تايبيه عاصمة تايوان، افتتح عام 1998 أول مقهى قطط في العالم – مكان للاسترخاء مع القهوة ورفقة القطط. واليوم انتشر هذا المفهوم في كل أنحاء العالم – من طوكيو إلى برلين، يمكن لعشاق القطط مداعبة هذه الحيوانات الناعمة ومشاهدتها، وهم يحتسون فنجانًا من الموكا أو لاتيه ماكياتو أو أمريكانو أو دالغونا أو إسبريسو.

 

وسواء كطقس، أو وسيلة احتجاج، أو لمجرد التلذذ – تبقى القهوة مرآة ساحرة لعالمنا وتاريخنا. وعندما يدرك المرء ذلك، يتذوقها بمذاق أطيب.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

بعد سنوات من الغموض... اسم قاتل الرئيس صالح يظهر للعلن.. الاسم والصورة

نيوز لاين | 578 قراءة 

صفعة مدوية للحوثيين من المهرة بشأن مصير الزايدي

جهينة يمن | 534 قراءة 

أمريكا تلاحق هذا الشخص في اليمن وترصد مكافأة 10 ملايين دولار لمن يدل عليه ( الإسم والصورة)

يني يمن | 475 قراءة 

فريزر البنك المركزي يجمد السوق ويصعق هوامير الصرافة.. والريال في طريقه لتحطيم سقف 1500

نافذة اليمن | 400 قراءة 

الكشف رسميًًا عن خطة عسكرية بمشاركة بريطانيا والسعودية والإمارات لاجتثاث الحوثي"طعنة أمريكية غادرة للشرعية"

جهينة يمن | 375 قراءة 

عن عمر ناهز 103 أعوام...الموت يغيب رجل أعمال يمني

جهينة يمن | 363 قراءة 

الكشف عن جثمان علي عبدالله صالح بعد سنوات من التكتم

المرصد برس | 345 قراءة 

بعد قرارات البنك المركزي: الريال اليمني يفاجئ السوق بقفزة قوية الليلة ويستعيد 120 ريالًا أمام الدولار

نافذة اليمن | 331 قراءة 

غليان بحضرموت لتدهور الخدمات وأبرز المرشحين بمنصب المحافظ الجديد

مراقبون برس | 307 قراءة 

حارس صالح الذي رفض الهروب.. قصة الحميدي: ترك ثراء أسرته واختار الشهادة بكرامة

نافذة اليمن | 277 قراءة