في البدء، نستطيع القول بأن تمتع المرأة في الحقوق العامة ومشاركتها في شتى جوانب الحياة تعد مقياسًا لمستوى تقدم ووعي المجتمعات وصورة من صور التحول الديمقراطي، حيث لا يمكن لأي مجتمع أن ينهض إذا ظلت تشريعاته بشأن تمكين المرأة حبيسة الأدراج.
بما أن التشريعات الوطنية للجمهورية اليمنية والتزامات اليمن بالحكم الرشيد تمنح المرأة حق المشاركة، وهذا ما أكدت عليه مخرجات الحوار الوطني، ومسودة اللجنة الوطنية للمرأة ولوائحها التنفيذية، وقرار مجلس الأمن الخاص باليمن رقم 1325.
على العموم، ليس باستطاعة أحد أن ينكر أن الحراك التربوي الذي شهدته تعز قبل أشهر مضت اتسم بدرجة من الوعي الحقوقي، وكانت المرأة المعلمة شريكة رئيسية مع زميلها المعلم في صناعة الاحتجاجات السلمية للمطالبة بتحسين الأجور بما يناسب مع الوضع المعيشي الحالي.
كذلك تبلور عن هذا الحراك التربوي حامل نقابي جديد تحت التأسيس، يراهن عليه بأن يكون أكثر حيوية وديمقراطية، يتجاوز جميع الأشكال النقابية التقليدية الحالية، بحيث لا يرتكز عمله على المسؤول الأول أو الهيئة القيادية للنقابة فحسب، وإنما يستثمر الخبرات المتنوعة للأعضاء المنتسبين.
ويشكل عملًا تكامليًا متناغمًا تنظيميًا ومهنيًا وحقوقيًا، يعمل على خدمة الأعضاء المنتسبين ويعزز نضالهم النقابي للوصول إلى مجتمع أكثر عدلًا ومساواة، تصان فيه الحقوق والحريات، وتمنح فيه المرأة حق المشاركة الفاعلة.
كما هو معروف، فإن ميلاد قيام الجمهورية اليمنية عام 1990م شهد تحولًا في تشكيل منظمات المجتمع المدني وتشكلت نقابات تربوية ومهنية في محافظة تعز، إلا أن العمل النقابي ظل يأخذ طابعًا تقليديًا غير ديمقراطي.
حيث غلب النمط السلطوي على العمل النقابي وبرزت نقابات تدار من قبل القائد الفرد المستفرد في القرار الخاضع للوصايا الإيديولوجية والحزبية.
لهذا ظل العمل النقابي في تعز وفي بقية المحافظات اليمنية متعثرًا لم يرتق إلى مستوى النضج والفعل النقابي الحقيقي المعبر عن حقوق العاملين وتطلعاتهم.
في هذا المقال، سوف أتحدث بشكل موجز عن التطلعات والتحديات التي تواجهها نقابة التربويين اليمنيين التعليمية بتعز – نقابة تحت التأسيس – كونها أهم حدث مدني يتطلع إليه الجميع للخروج إلى النور وإحداث تغيير إيجابي في مسار الحركة النقابية اليمنية.
برغم من الأخطاء الفادحة والعمل العشوائي الذي صاحب عمل اللجنة التحضيرية أثناء الإعداد والتحضير، إلا أن هناك مقدمات تجعلنا أكثر تفاؤلًا في نجاح هذا الكيان.
وما يجعلنا متفائلين هو مدى الوعي الذي يتسم به الأعضاء المنتسبون من ناحية، ووجود المرأة المتطلعة والواعية والمثابرة من ناحية أخرى، وإصرارها بأن تكون رقمًا صعبًا وشريكة حقيقية في صناعة هذا العمل النقابي.
صحيح أن إعلان مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل بتعز رقم 1128 بتاريخ 1/ يونيو بشأن مواعيد انتخابات اللجان الفرعية لنقابة التربويين اليمنيين التعليمية، كشف لنا هذا الإعلان هيمنة وسيطرة العقل الذكوري على جميع رئاسة اللجان التحضيرية في المديريات.
كذلك التصرفات الفردية والارتجالية التي صاحبت عمل اللجنة التحضيرية كشفت لنا غياب العمل التشاركي داخل اللجنة التحضيرية، مما أدى إلى حرمان العديد من قادة الحراك التربوي من المشاركة في انتخابات اللجان النقابية.
كذلك أدى إلى حرمان مديريات كاملة من المشاركة، ولا زلنا ننتظر معالجات ثلاث مديريات متعثرة لم تدخل انتخابات اللجان النقابية.
برغم كل هذه السلبيات التي صاحبت عمل اللجنة التحضيرية، إلا أن انتخابات اللجان النقابية في المديريات حققت نجاحًا وزخمًا ديمقراطيًا غير مألوف من قبل.
حيث ظلت النقابات العاملة في المجال التربوي طيلة السنوات الماضية تجري انتخاباتها في غرف مظلمة، وهذا ما يجعلنا نستبشر بهذا المولود النقابي الجديد ..
صحيح أن اللجنة التحضيرية أقدمت على إجراء انتخابات للجان النقابية الفرعية في المديريات دون أن تقر حق تمثيل المرأة في اللجان النقابية.
برغم غياب الرؤية والآلية الانتخابية في تمثيل المرأة، إلا أن المرأة المعلمة استطاعت أن تنتزع حقها بجدارة دون اعتماد نظام الكوتا.
وماحققته المرأة من نسبة نجاح في اللجان النقابية الفرعية بالمديريات يعد مؤشرًا هامًا في تاريخ العمل النقابي، برغم أن النسبة كانت أقل من النسبة المحددة التي تضمنتها مخرجات الحوار الوطني.
حسب استطلاع رأي لبعض مندوبات ومندوبي المحافظة لمؤتمر النقابة، أكد بأن المؤتمر سيكون سيد الموقف وسيتجاوز كل سلبيات التحضير والإعداد التي حصلت في المؤتمرات الفرعية، وسيراعي المؤتمر حق تمثيل المرأة وفقًا لما تضمنته مخرجات الحوار الوطني.
وسيحرص المؤتمر على تأسيس كيان نقابي تشاركي ديمقراطي متحرر من رواسب الاستبداد وهيمنة الفرد والجماعة والأيديولوجية.
كيان نقابي تنطلق منهجيته من مخرجات الحوار الوطني ومواثيق حقوق الإنسان.
كذلك أكدت مجموعة من التربويات بأنّهن يطمحن إلى أن تكون تجربة تمكين المرأة في صناعة القرار ضمن أهدافهن ونضالهن.
بحيث لا تتوقف تحقيق أهدافهن في مشاركتهن عند نقابة التربويين فحسب، بل يسعن إلى نقل تجربة تمكين المرأة في صناعة القرار لتشمل جميع مؤسسات المجتمع المدني وجميع مكاتب السلطة المحلية بالمحافظة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news