قشن برس- حديبو
يمثل موسم الرياح في أرخبيل سقطرى، الذي وصفه الناشط حمد تربهي السقطري، فترة محورية تتجاوز مجرد الظواهر الجوية، ليحمل دلالات عميقة اجتماعية وبيئية وثقافية. يُعرف هذا الموسم محليًا بعدة مصطلحات تعكس تفاصيله الغنية وتأثيراته المتعددة على حياة السكان والبيئة الفريدة للأرخبيل.
ويُعرف موسم الرياح بـ “حرف”، وهي فترة حصاد التمور التي ترمز إلى أبهى صور التكافل الاجتماعي. خلال هذه الفترة، يتعاون الجميع، سواء كانوا يمتلكون النخيل أم لا، في عملية الحصاد، وبعد الانتهاء، يتقاسمون الثمار بالتساوي، دون تمييز بين مالكي النخيل وغيرهم.
كما يُعرف الموسم بـ “دعلهل”، وهي ظاهرة تتجلى فيها المرتفعات الجبلية بالغيوم التي تستقبل أمطارًا خفيفة على شكل رداد، دون مصاحبة رعد أو برق. هذه الأمطار الخفيفة تتسبب في تفجر عيون الماء العذب من الجبال، لتتدفق نحو السهول والمناطق الساحلية، مغذية البيئة الطبيعية.
ويُطلق على الرياح الشديدة نسبيًا في هذا الموسم اسم “مده”، والتي تلعب دورًا حيويًا في تنظيف الجزيرة من النفايات التي يخلفها الإنسان، مما يسهم في استعادة البيئة لعافيتها وتجديد نفسها. كما تعمل هذه الرياح على تنقية الأجواء، مما يجعلها صحية ويحد من انتشار الأمراض الوبائية كالحميات.
وفيما يتعلق بالبحر، يُعرف الموسم بـ “دومر”، حيث ترتفع الأمواج في جميع السواحل المحيطة بسقطرى إلى مستوى يستحيل معه على الصيادين ممارسة الصيد. وتعد هذه الفترة فرصة للأسماك والحياة البحرية للتكاثر وإعادة إنتاج نفسها، باستثناء منطقة صغيرة لا تتجاوز مساحتها ثلاثة كيلومترات على طول الساحل وأربعة كيلومترات داخل البحر، والتي تتميز بخصوصية فريدة وتحيط بها أسطورة سقطرية متداولة.
وأخيرًا، يُعرف هذا الموسم بـ “تقافيل”، وهو ما يعني إغلاق المنافذ من وإلى سقطرى، باستثناء المنفذ الجوي الذي أصبح متاحًا مؤخرًا. هذه الفترة تتيح لسقطرى فرصة لتقييم العلاقات مع الزوار والعابرين الذين غادروا قبل بدء الموسم، وبناءً على هذا التقييم، يتم تجديد تلك العلاقات أو رفضها. كما يوفر هذا الموسم لأبناء سقطرى فرصة ثمينة للخلو مع الذات وتقييمها، مما يعكس رؤية سقطرية خالصة للحياة والمواسم.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news