الحوثيون يعيدون هيكلة حماية زعيمهم ويبحثون "الخيار البديل"
في ظل التهديدات المتصاعدة التي تلاحق قيادات جماعة الحوثي، خصوصاً من قبل إسرائيل، شرعت الجماعة في إعادة هيكلة منظومتها الأمنية المحيطة بزعيمها عبدالملك الحوثي، وتعزيز الإجراءات الاحترازية حول كبار قادتها ومراكزها الحيوية. مصادر أمنية واستخباراتية أكدت لـ"ديفانس لاين" أن الجماعة تتعامل بجدية غير مسبوقة مع التهديدات المباشرة التي طالت رأس هرمها القيادي، وسط نقاش داخلي حول خيار "القائد البديل"، حال تصفية زعيمها.
تشديدات أمنية وتحركات سرية
بحسب ذات المصادر، فرضت الجماعة إجراءات أمنية مشددة حول عبدالملك الحوثي، الذي يتوارى منذ سنوات داخل ملاجئ محصنة تحت الأرض، وتقتصر تحركاته على وسائط الاتصال المغلقة، فيما يقتصر ظهوره على التسجيلات المصورة منذ مطلع 2015. وتشمل الإجراءات تقييد قنوات الاتصال الداخلية، وتشديد الحراسة على أسرته والمقربين منه، في ظل تخوّف الجماعة من اختراق تقني أو استخباراتي.
وتزامن هذا الاستنفار مع التصعيد الإسرائيلي في لبنان ضد حزب الله، وضرب مواقع الحرس الثوري في سوريا والعراق، ما عزز قناعة قيادة الحوثيين بأنهم الهدف التالي، خاصة بعد مشاركة الجماعة في الهجمات على الملاحة الدولية في البحر الأحمر، وما تبعها من ضربات أمريكية وبريطانية منذ يناير 2024.
تل أبيب تضع عبدالملك الحوثي على قائمة التصفيات
أبرز مؤشرات القلق الحوثي، جاء بعد التصريحات العلنية من وزير الدفاع الإسرائيلي **يسرائيل كاتس**، الذي توعد باستهداف عبدالملك الحوثي، وقال: *"كما فعلنا مع محمد الضيف ويحيى السنوار، ومع حسن نصر الله في بيروت، ومع إسماعيل هنية في طهران، سنطارد ونغتال عبدالملك الحوثي في اليمن".*
التصريح الإسرائيلي، الأول من نوعه بهذا الوضوح، دفع الجماعة إلى مراجعة خياراتها القيادية، وطرح نقاش داخلي جاد حول هوية "الزعيم البديل"، في حال تم استهداف زعيمها الحالي.
نقاشات سرّية حول خليفة عبدالملك الحوثي
تؤكد مصادر مطلعة أن النقاش حول مستقبل قيادة الجماعة ليس جديداً، بل بدأ منذ مطلع 2024، في ظل غياب آلية واضحة لتوريث القيادة في حالة الطوارئ. فعبدالملك الحوثي يحتكر القرار الديني والسياسي داخل الجماعة، ويُقدّس بشخصه ضمن تركيبة عقائدية مغلقة، مما يجعل مسألة تعيين بديل معقدة وحرجة.
وتتمحور الخيارات المطروحة داخل الأوساط المغلقة للجماعة حول عناصر من العائلة الحوثية ذاتها، خاصة الأشقاء والأبناء، وأفراد من الطبقة الهاشمية في صعدة، والتي تهيمن على مفاصل القيادة التنظيمية والعسكرية.
بنية الحماية الخاصة.. حرس عائلي وعقائدي مدرّب في إيران
في سياق التهديدات، أُعيد تنظيم "دائرة الحماية الخاصة" حول عبدالملك الحوثي، وهي وحدة شديدة السرية تعتمد كلياً على عناصر من أسرته، وأقربائه من السلالة، وتُدار عبر شبكات ولاء عقائدي ومذهبي. يتم اختيار عناصرها بناءً على الروابط العائلية والتزكية الأيدلوجية، ويخضعون لتدريبات مكثفة في إيران وبعض الدول الحليفة.
وتخضع هذه الدائرة الأمنية لإشراف مباشر من ما يُعرف بـ"جهاز أمن الثورة"، الذي يديره **جعفر محمد أحمد المرهبي** (أبو جعفر)، وهو من القيادات الغامضة التابعة للحوثيين في صعدة. إلى جانبه، يعمل جهاز "الأمن الوقائي الجهادي"، ويترأسه **أحسن عبدالله الحمران**، أحد المقربين من الدائرة العائلية للحوثي.
وتشير المعلومات إلى أن عبدالملك الحوثي أوكل مهمة حمايته الشخصية إلى إخوته من الأب والأم، الذين يظلون بعيدين عن الأضواء، ويتولون المهام الحساسة في التنظيم، إلى جانب شخصيات نافذة أخرى مثل **عبدالرب صالح جرفان** (أبو طه)، الذي يشغل منصب نائب مدير مكتب زعيم الجماعة، وكان قد عُيّن سابقاً مديراً لجهاز الأمن القومي برتبة لواء.
خريطة القيادة الأمنية.. رجال الظل في خدمة الزعيم
يضم الطاقم الأمني المقرّب من زعيم الجماعة أسماء بارزة مثل **مطلق علي حسين المراني** (أبو عماد)، المسؤول الأمني لمحافظة صعدة، ووكيل سابق لجهاز الأمن القومي. هذه الشخصيات تحظى بثقة مطلقة من قيادة الجماعة، ويُنظر إليهم كخط الدفاع الأخير في حالة حدوث فراغ أو اختراق أمني كبير.
خلاصة
تبدو جماعة الحوثي اليوم أكثر قلقاً من أي وقت مضى، ليس فقط بسبب الغارات الجوية والضغوط العسكرية، بل لأن تهديدات إسرائيل باغتيال زعيمها تلامس الخطوط الحمراء التي لم تعتد الجماعة على التلويح بتجاوزها. وبينما يزداد الغموض حول مصير عبدالملك الحوثي، تتكثف الاستعدادات الداخلية لاختيار بديله في حال استُهدف، وهو سيناريو قد يهزّ البنية الهرمية لجماعة لطالما احتكرت القرار داخل بيت العائلة والسلالة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news