اعتبر محافظ البنك المركزي اليمني، أحمد غالب، أن تصنيف الولايات المتحدة لجماعة الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية (FTO)، يمثّل خطوة إيجابية نحو تصحيح الاختلالات العميقة التي يعاني منها القطاع المصرفي في اليمن، والتخلص من الممارسات غير القانونية التي أدت إلى تدهور الخدمات المالية.
جاءت تصريحات غالب خلال جلسة نقاشية نظمها مركز صنعاء للدراسات، الأربعاء، لمناقشة تداعيات التصنيف الأمريكي على القطاع المصرفي، وقدرته على مواصلة أداء وظائفه الأساسية في ظل الانقسام الاقتصادي.
وأوضح المحافظ أن البنك المركزي اتخذ مسبقًا خطوات استباقية من خلال مطالبة القطاع المصرفي بنقل عملياته إلى عدن، مشيراً إلى أن القرار الأمريكي ساهم في معالجة عدد من الإشكالات القائمة، رغم التحديات الكبيرة، خاصة بعد شمول التصنيف لبنكين محليين رئيسيين، أحدهما كان يُعد من أكثر البنوك التجارية نجاحًا في البلاد.
وأكد غالب أن البنك المركزي أجرى مشاورات مكثفة مع وزارة الخزانة الأمريكية لتفادي تعطيل الخدمات المالية عن أكثر من نصف سكان اليمن القاطنين في مناطق سيطرة الحوثيين، مبينًا أنه تم الاتفاق على اعتماد طرف ثالث دولي لمراقبة وتدقيق العمليات المصرفية، بما يسمح باستمرار العمل تحت الإعفاءات المحددة ضمن التصنيف. وقد تم التعاقد فعليًا مع إحدى خمس شركات دولية مقترحة لتولي هذه المهمة.
وانتقد المحافظ السياسات المالية التي يفرضها الحوثيون في مناطق سيطرتهم، واصفًا سعر الصرف هناك بـ"الوهمي والمفروض بالقوة"، موضحًا أن ندرة العملة وتلفها أديا إلى تداولها بالوزن بدلاً من العد، وهو ما يعكس تفكك النظام المالي.
وتطرق إلى الانقسام المالي العميق، قائلاً إن البلاد باتت تعيش داخل "اقتصادين مختلفين" بفعل الفصل بين العملتين، أحدهما ثابت وقسري، والآخر حرّ ومتقلب، مما عمق حالة التشظي المالي في اليمن.
وحذر غالب من تداعيات استهداف الحوثيين لمرافئ تصدير النفط، الذي أفقد الحكومة اليمنية ما بين 70 و80% من مواردها، مشيرًا إلى أن البنية الاقتصادية للدولة قد انهارت ولم يتبقَ منها سوى القطاع المصرفي، الذي وصفه بأنه "ما تبقى من أعمدة الاقتصاد الوطني".
كما كشف عن معاناة المودعين في مناطق الحوثيين، مؤكداً أن كثيراً منهم عاجزون عن سحب أموالهم بحرية، وغالبًا لا يحصلون إلا على مبالغ زهيدة لا تتجاوز 200 ألف ريال شهريًا، رغم امتلاكهم حسابات بملايين الريالات، مما يؤثر على قدرتهم في الحصول على الخدمات الأساسية، كالعلاج.
وانتقد المحافظ ما وصفه بـ"قانون تحريم المعاملات الربوية" الذي أصدره الحوثيون، والذي يحوّل استثمارات البنوك في أدوات الدين الحكومية إلى حسابات جارية غير قابلة للسحب، مما تسبب بشلل شبه كامل في نشاط البنوك.
وأكد في ختام مداخلته أن البنك المركزي لا يسعى إلى التصعيد مع أي طرف، بل هدفه هو الحفاظ على ما تبقى من النظام المالي وحماية رأس المال الوطني.
من جانبه، قال خالد منصر، الباحث الاقتصادي في مركز صنعاء، إن الحكومة اليمنية ما تزال غائبة عن مواجهة تداعيات التصنيف الأمريكي، داعياً إلى تشكيل لجنة حكومية مشتركة للتعامل مع آثاره، خاصة على التحويلات المالية للمغتربين والمواطنين.
وأشار منصر إلى وجود تناقض كبير في السياسة النقدية خلال السنوات الماضية، داعياً إلى توحيدها والبحث عن حلول تمويلية لا ترفع معدلات التضخم، إضافة إلى صرف الرواتب عبر البنوك لدعم الدورة النقدية.
كما طالب بدعم البنوك عبر الإفراج عن جزء من حساباتها المجمدة أو دفع عوائد أدوات الدين، لتخفيف أزمة السيولة التي تهدد بانهيار ما تبقى من الجهاز المصرفي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news