لماذا لم تعد عدن جاذبة للحضارم؟

     
موقع الأول             عدد المشاهدات : 144 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
لماذا لم تعد عدن جاذبة للحضارم؟

مسعود عمشوش

من المسلم به أن عدن كانت منذ بداية وجودها –ولا تزال- مدينة كوسموبوليتية متعددة الثقافات والأجناس. ومنذ القِدم شكّــل الحضارم جزءا مهما من سكان ميناء عدن الذي كان علاقاته متينة بمينائي الشحر وبئر علي (قنا). وقد كتب الأستاذ الدكتور طه حسين هديل في دراسة له بعنوان (الحضارم في مدينة عدن ودورهم الاقتصادي في العصر الإسلامي): "كان للتواصل التجاري والعلمي بين حضرموت بمختلف مدنها وقراها وأوديتها ومدينة عدن في العصر الإسلامي دور كبير في توافد العديد من أبناء حضرموت إلى هذه المدينة التاريخية القديمة، لغرض العمل في أسواقها التجارية العريقة، أو الالتحاق بإحدى مدارسها أو مساجدها العتيقة التي ذاع صيتها في ذلك الحين في اليمن وخارجها، ومما لا شك فيه أن حصول الحضارم على غايتهم في عدن دفع ببعضهم إلى البقاء والاستقرار فيها، والعيش بين أهلها بعد اختلاطهم بهم عن طريق التزاوج والمصاهرة، أو الشراكة في المال والعمل والتعليم، وشكل من بقي في عدن عماد المجتمع العدني، وفئة أساسية فيه، إضافة إلى غيرهم ممن سكنها، لما ورد ذلك في بعض المصادر التاريخية التي عاصر مؤلفوها هؤلاء الحضارم، واختلطوا بهم في أثناء وجودهم فيها، ويعد المؤرخ الكبير ابن المجاور الدمشقي واحدًا من بين أهم الكتاب الذين عاشوا في عدن مدة من الزمن ليست بالقصيرة، واختلط بأهلها بمختلف فئاتهم من علماء وتجار وعمال وموظفين وطلاب وغيرهم، فأخذ في وصف الحضارم من بين هؤلاء على أساس أنهم هم السكان الأصليون لعدن، إضافة إلى غيرهم من الأقوام والأجناس التي عاشت في عدن؛ حيث عدَّ أن من ارتبط بعدن وعاش فيها وانتمى إليها بعمل أو دراسة أو رزق فهو من سكانها الأصليين، على الرغم من التنوع العرقي الذي كانت تعيشه هذه المدينة الضاربة جذورها في التاريخ". واختتم د. هديل دراسته قائلا "وخلاصة القول هنا، إن مدينة عدن شكلت متنفسًا للعديد من التجار الحضارم، الذين وجدوا فيها المكان المناسب لاستثمار أموالهم ومنتجاتهم المختلفة، مما ساعد على انتعاش حركة السوق التجارية بين حضرموت وعدن، التي انتشرت في أسواقها السلع الحضرمية التي ذكرناها، مما شجع على زيادة الهجرات الحضرمية التي وصلت من مختلف الشرائح والفئات الحضرمية، لا سيما من العلماء والفقهاء الحضارم، وطلاب العلم وغيرهم ممن كانوا سببًا في نهضة عدن العلمية والفكرية".

ومن منا لم يسمع بما قام به كل من مخرمة والعيدروس وال بحرق وباحنان. وفي العصر الحديث ارتبطت نهضة عدن بكثير من الأسماء الحضرمية، مثل آل باحميش وآل مسلم وآل باعبيد وآل باجرش وآل بامشموس وآلا بلفقيه وآل محيرز. 

وفي خمسينيات وستينيات القرن الماضي فضّل عدد كبير من الحضارم الذين كانوا قد هاجروا إلى إندونيسيا وسواحل شرق إفريقيا العودة مع رؤوس أموالهم الضخمة إلى عدن والاستقرار فيها، واستثمروا أموالهم في تشييد معظم العمارات الحديثة في شارع المعلا وأجروها أولا على الموظفين البريطانين والغربيين بشكل عام. وعشية الاستقلال وبعد أن سافر الغربيون أجروا معظمها على القادمين من خارج الجنوب. لكن سرعان ما صدر قانون التأميم. وحرم الحضارم من عماراتهم ولم يتحصلوا على أي تعويض يذكر حتى اليوم. بعكس الكثير من المستثمرين الآخرين في عدن.

ولا ننسى الدور الكبير الذي قامت به الكوادر الحضرمية، التي استقدمت من حضرموت إلى عدن يوم الاستقلال وكان لها دور كبير في تسيير كثير من الوزارات والمرافق الحكومية في عدن، مثل د. محمد عبد القادر بافقية أول وزير تربية، وعبد الله عبد الرزاق باذيب الذي أسس أول كليات جامعة عدن مع عبد القادر بافقيه، وسالم بكير وسعيد النوبان ومحمد سعيد العمودي وصالح باعامر.. وغيرهم. وشارك عدد من المهندسين مثل آل باسباع والعمال الحضارم لاسيما التريميون في تعمير عدن. وظل مكتب اتصال حضرموت الواقع في خور مكسر يسهّل التواصل بين حضرموت وأبنائها المقيمين في عدن إلى أن تمّ الاستيلاء عليه بعد حرب ١٩٩٤.

كما أن كثيرا من كبار التجار الحضارم قد تأثروا بانهاء القطاع الخاص بعد ٢٢ يونيو ١٩٦٩. كما نهبت كثير من مصانع الحضارم خلال حرب ١٩٩٤ واستبيحت كثير من عقاراتهم وتم الاستيلاء عليها بذرائع مختلفة، واضطر بعضهم لدفع مبالغ خيالية تحت مسميات مختلفة لعل أبرزها: الحفاظة.

ولا شك في أن عدم الاستقرار وغياب احترام القانون وهيمنة قانون الحفاظة والنهب والبلطجة وكثيرا من الظواهر السلبية التي برزت في عدن بعد ١٩٩٠ واستفحلت بعد ١٩٩٤ جعلت كثيرا من الحضارم المشهورين بحبهم للنظام والقانون ينسحبون من عدن.

 ويلاحظ اليوم الغياب شبه التام لتمثيل الحضارم في المجلس المحلي لمحافظة عدن بعد أن تم استبعاد كثير من الكوادر الحضرمية من مواقعها، وفي كثير من الحالات تحت مبرر عدم التزامهم الحزبي لاسيما بعد ١٩٩٤. وفي الواقع عانت بعض الكوادر الحضرمية من تلك (التهمة) حتى قبل ١٩٩٠؛ مثلاً استبعد د. سعيد النوبان سنة ١٩٨١ من رئاسة جامعة عدن بتهمة عدم التزامه لتعليمات الحزب الاشتراكي اليمني.

وللإنصاف هناك عوامل أخرى حدّت من إقبال الحضارم على الاستقرار في عدن. منها التطور الكبير الذي شهدته مدن حضرموت، لاسيما المكلا وسيؤن التي أسست فيها جامعات ومستشفيات خاصة وحكومية تمتلك إمكانيات ونظم أفضل من تلك الإمكانيات المتوفرة في عدن، حتى أن كثيرا من أبناء المحافظات المجاور، بل ومن أبناء عدن، يفضلون اليوم الذهاب إليها للدراسة أو العلاج.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

رسالة دولية حاسمة للرئيس العليمي بشأن قرارات ”عيدروس الزبيدي”

المشهد اليمني | 877 قراءة 

عاجل : مجلس القيادة الرئاسي يصدر بيانا بخصوص موقفه من قرارات اللواء عيدروس الزبيدي الأخيرة

الحدث اليوم | 470 قراءة 

ورد الآن.. مجلس القيادة الرئاسي يقرر مراجعة قراراته منذ ۲۰۲۲ والبدء فوراً بمراجعة تعيينات “عيدروس الزبيدي”

بران برس | 430 قراءة 

الحوثي يدفن قيادات عسكرية قتلت بضربة إسرائيلية في صنعاء (أسماء)

نيوز يمن | 429 قراءة 

البنك المركزي بعدن يكشف موعد صرف رواتب شهري يوليو واغسطس 2025

الحدث اليوم | 424 قراءة 

خالد بن سلمان يكشف عن من يكون المدعو جسار الذي حملته الشهيدة إفتهان المشهري كل شيء ؟؟

كريتر سكاي | 422 قراءة 

العليمي و"لواء الحماية العائلي".. عرض خاص لحماية قصر معاشيق

العين الثالثة | 368 قراءة 

تعرف على الفريق القانوني لمجلس القيادة الرئاسي والمكلف بمراجعة القرارات الصادرة " اسماء"

كريتر سكاي | 364 قراءة 

الزبيدي يواصل إصدار قرارات تعيين مثيرة للجدل في الحكومة

جهينة يمن | 334 قراءة 

اعتراف خطير يهز صنعاء.. قيادي حوثي يقر بوجود عملاء إسرائيليين داخل الجماعة

نافذة اليمن | 308 قراءة