قال الخبير والناشط السياسي الصومالي، شيخ نور قاسم، إن منطقة القرن الأفريقي واليمن، رغم غناها بالموارد وموقعها الاستراتيجي الحيوي، لا تزال غارقة في الصراعات وسوء الإدارة، محذّرًا من أن استمرار التدخلات الأجنبية الفوضوية يقوّض فرص الاستقرار والتنمية، ويزيد من تفاقم الأزمات السياسية والإنسانية في المنطقة.
وأوضح قاسم، في تحليل نشرته منصة “ملخص السياسات الدولية”، أن الدول المطلة على جانبي مضيق باب المندب – وتشمل الصومال، إثيوبيا، السودان، إريتريا، جيبوتي، واليمن – تمثل إحدى أكثر المناطق أهمية استراتيجية في العالم، إذ تمر عبر مياهها أكثر من 20 ألف سفينة سنويًا، ناقلةً البضائع ومصادر الطاقة، ما يجعلها نقطة التقاء رئيسية بين إفريقيا وآسيا وأوروبا.
وأشار إلى أن هذه الدول، التي يبلغ عدد سكانها مجتمعة نحو 265 مليون نسمة، تمتلك طاقات بشرية واقتصادية هائلة، أبرزها الثروات المعدنية، والطاقة الشمسية، والرياح، والمياه الإقليمية الغنية بمصايد الأسماك، فضلًا عن الأراضي الزراعية الواسعة. ورغم ذلك، تعيش شعوبها تحت وطأة الحروب والصراعات العرقية والطائفية، وتواجه تحديات مزمنة مثل المجاعة والصدمات المناخية.
وأكد الخبير الصومالي أن هذه الأزمات ليست نابعة فقط من الداخل، بل فاقمتها التدخلات الخارجية، خصوصًا من قبل بعض القوى الإقليمية ما أدى إلى تآكل سيادة الدول، وعرقلة مسارات المصالحة الوطنية، وتعطيل جهود بناء مؤسسات الدولة.
وانتقد قاسم السياسات الأمريكية في المنطقة، التي وصفها بأنها “مرتهنة لوكلاء إقليميين يفتقرون للفهم الثقافي والتاريخي للواقع المحلي”، معتبرًا أن هذا النهج أدى إلى نتائج عكسية، وأضعف فاعلية الدور الأمريكي في تحقيق الاستقرار.
ودعا إلى تبني نهج جديد يقوم على “إصلاحات تكنوقراطية محلية، تقودها كفاءات وطنية مستقلة، بصلاحيات مؤقتة ومحددة، بهدف إعادة بناء مؤسسات الدولة، وتحقيق الاستقرار، ثم تسليم السلطة بشكل ديمقراطي”، معتبرًا أن الصومال يمكن أن يشكل ساحة اختبار أولى لهذا النموذج.
وأشار إلى أن من شأن هذا النموذج أن يعزز الكفاءة على حساب الولاءات القبلية أو الفئوية، ويفتح المجال أمام الاستثمار في الاقتصاد الأزرق على طول الساحل الصومالي، ويعيد إحياء الثقة بين المواطن والدولة.
وشدد قاسم على أن الحلول المفروضة من الخارج أثبتت فشلها، وأن التحول الحقيقي يجب أن ينبع من الداخل، بقيادة الشعوب المحلية، ومشاركة منظمات المجتمع المدني والشباب، والنساء، في رسم معالم المستقبل.
وحذر من أن استمرار الوضع الراهن سيؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار، مع ما يحمله من تداعيات تتجاوز حدود المنطقة، تشمل تهديد سلاسل الإمداد العالمية، وتنامي موجات اللجوء، وتصاعد التطرف.
وختم قاسم تحليله بالتأكيد على أن القرن الأفريقي واليمن يمكن أن يتحولا من مناطق أزمات إلى مراكز استقرار وشراكة اقتصادية، “لكن ذلك لن يتحقق إلا من خلال تغيير جريء في السياسات، يقوده وعي محلي صادق، ويواكبه دعم دولي مسؤول وغير انتهازي”.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news