قشن برس- الغيضة
في الذكرى الخامسة للاحتلال الإماراتي المباشر لأرخبيل سقطرى اليمنية، يتجلى التحول الجذري الذي طرأ على المحافظة البعيدة، التي كانت ذات يوم نموذجاً للسلام والتعايش، إلى بؤرة عسكرية واقتصادية إماراتية بامتياز. هذا التحول جاء عبر انقلاب مليشيات الانتقالي المدعوم إماراتياً، ما فتح الباب أمام الإمارات للسيطرة على مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية في الأرخبيل.
قبل الاحتلال، كانت سقطرى تتمتع بأمن واستقرار ملحوظين، مع توافر الحاجيات الأساسية عبر شركات وطنية ومستثمرين محليين، وسط احترام التقاليد الاجتماعية والبيئية. لكن بعد السيطرة الإماراتية، جرى إزاحة القيادات المحلية الرافضة للتدخل الأجنبي، واستبدالها بعناصر موالية تابعة للإمارات، مما أتاح للشركات الإماراتية الهيمنة على قطاعات النفط والكهرباء والاتصالات والسياحة والثروة السمكية.
على الصعيد العسكري، أنشأت الإمارات قواعد عسكرية متقدمة في جزر عبدالكوري وسمحة، بمساندة خبراء أجانب من بريطانيا وأمريكا وإسرائيل، مترافقة مع تشكيل مليشيات أمنية لحماية مصالحها وقمع أي مقاومة محلية. كما تم استهداف النظام القبلي الذي يشكل الركيزة الاجتماعية الأساسية في سقطرى، عبر استهداف رموزه وفرض قوانين تقوض التقاليد القبلية.
ولم تقتصر الخطوات على الجانب الأمني والاقتصادي، بل امتدت إلى محاولات تغيير النسيج الاجتماعي والثقافي، عبر مهرجانات ممولة وأحداث تهدف إلى تمييع المجتمع، وتشجيع الاختلاط وتسويق ثقافات دخيلة، في محاولة لتفتيت الوحدة الاجتماعية. كما فرضت الإمارات حظراً على دخول القات، مع تعويض السوق بمواد ممنوعة وأسعار مرتفعة في المحروقات والغاز والكهرباء، ما أدى إلى تدهور مستويات المعيشة وزيادة الاعتماد على التدخلات الخارجية.
كل هذه الانتهاكات تجري بموافقة ضمنية من محافظ سقطرى الحالي، الذي تحول من شخصية محافظة إلى داعم لتلك السياسات، في حين تغاضى القادة العسكريون والأمنيون عن المصادرات والتجاوزات على السيادة اليمنية. كما تسببت الممارسات الإماراتية في أضرار بيئية جسيمة، شملت سرقة الحياة البرية والنباتات النادرة، ما دفع منظمة اليونسكو لإعادة تقييم وضع سقطرى ضمن مواقع التراث العالمي.
تقرير خاص من مصادر محلية وأمنية يؤكد أن الاحتلال الإماراتي لأرخبيل سقطرى يمثّل نموذجاً فاقعاً للتدخل الإقليمي المتمدد، مستغلاً ضعف الحكومة اليمنية الشرعية ومجلس القيادة، في حين تتزايد المخاوف من تحويل الجزيرة إلى ملكية خاصة لشركات إماراتية بحتة، على حساب السيادة اليمنية وحقوق السكان الأصليين.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news