مقالات فكرية: دعوة لقراءة الصراع (الإيراني – الإسرائيلي) بوعي .. الكاتب/ سعيد ثابت سعيد

     
يمن ديلي نيوز             عدد المشاهدات : 96 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
مقالات فكرية: دعوة لقراءة الصراع (الإيراني – الإسرائيلي) بوعي .. الكاتب/ سعيد ثابت سعيد

يمن ديلي نيوز:

في هذا المقال يدعو الكاتب “سعيد ثابت سعيد” إلى قراءة الصراع (الإيراني – الإسرائيلي) بوعي يتجاوز الاصطفاف الطائفي والانخداع بالشعارات، سواء رُفعت باسم المقاومة أو تحت لافتة المظلومية، لأنها تُستخدم غالباً لتبرير الهيمنة أو تمرير النفوذ.

يقول في مقال بعنوان “حتى لا تضيع البوصلة… سُنّة التدافع… وتيه الأتباع” يعيد “يمن ديلي نيوز” نشره إن كلا المشروعين (الإيراني – الإسرائيلي) في حقيقته، يسعى للهيمنة، ويستغل الدين أو التاريخ لتسويق مشاريع لا تعبّر عن آمال الأمة، ولا تستجيب لمطالب شعوبها.

وأشار سعيد ثابت – وهو مدير مكتب قناة الجزيرة في اليمن – إلى أن انتصار أحد الطرفين- الإيراني أو الإسرائيلي- سيعود بكلفة وصفها بـ”الخطيرة” على مصير أمتنا العربية الإسلامية؛ إذ سيُفضي إلى هيمنة طرف واحد يُعيد تشكيل الإقليم بمنطقه، ويُقصي بقية القوى من معادلة الفعل.

أما هزيمتهما معا فتبقى احتمالا بعيدا، وإن حدث فسيترك فراغا مروعا في ساحة التأثير، في وقت تعاني فيه الأمة من وهن حضاري وتراجع سياسي وتخلف تنموي يعوق قدرتها على ملء ذلك الفراغ.

نص المقال:

حتى لا تضيع البوصلة

سُنّة التدافع… وتيه الأتباع

الكاتب/ سعيد ثابت سعيد

 

قال الله تعالى :﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ﴾.

أقام الله بهذه السُنّة ميزان العدل، ودفع بها طغيان الظالمين، وحفظ بها عمران الأرض كلما استأثرت قوى البغي بالقوة والنفوذ. وقد جاء التعبير الإلهي بلفظ “الناس” دون تقييد بالمؤمنين أو الكافرين، ليؤكد أن سُنّة التدافع لا تختص بجماعة دون غيرها، وإنما تشمل جميع البشر: مؤمنهم وكافرهم، صالحهم وطالحهم. فهي قاعدة كونية يجريها الله لحفظ التوازن، وكفّ الطغيان، ودفع الفساد عن الأرض.

فالتدافع قد يقع بين أهل الإيمان والباطل، وقد يقع بين طائفتين متخاصمتين من الكافرين، كما قد يقع بين فئتين مؤمنتين- كما في قوله تعالى: ﴿وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا﴾- حين يحتدم الخلاف ويتجاوز حدود الشورى. والمقصد من هذه السُنّة يتجاوز منطق الغلبة؛ فهي تهدف إلى منع الفساد العام، ووقف استبداد طرف واحد بالقوة، وحماية حياة الناس وكرامتهم ومصالحهم من الانهيار. هكذا تظل سُنّة التدافع حارسة للتوازن، وضامنة للعدل، وجدارا يحول دون استفراد الباطل بالمشهد.

في ضوء هذه القاعدة القرآنية، يبرز المشهد الراهن بين الدولة الإيرانية والكيان الإسرائيلي دعوة للتأمل، وفرصة للفهم، واختبارا للوعي السياسي بعيدا عن الاصطفاف العاطفي والتخندق الأيديولوجي.

لقد كانت شعوبنا تأمل أن يُفضي هذا التدافع إلى كبح جماح المشروع الصهيوني، وتقييد تغوّله في جسد الأمة. لكن المشهد سرعان ما انقلب إلى مرآة قهر جديدة؛ إذ تقدّم عدونا الوجودي- إسرائيل- ليُجهز على خصمنا السياسي- إيران- الذي، رغم امتلاكه أدوات القوة، لم يوجّهها يوما نحو نهضة الأمة أو تحرير قرارها من التبعية.

ولعل من أبرز شواهد هذا التناقض ما جرى عام 1981 حين دمّرت إسرائيل المفاعل النووي العراقي؛ فقد التزمت طهران آنذاك صمتا لافتا، وبدت مرحبة ضمنيا بالضربة التي أضعفت خصمها في الحرب العراقية-الإيرانية (النظام العربي العراقي). وعلى الرغم من الخطاب العلني المعادي لإسرائيل لم تُصدر إيران موقفا مبدئيا من ذلك العدوان ما يكشف عن ازدواجية سياسية تُحكم سلوكها؛ إذ تستثمر شعارات “القدس” و “الممانعة” تبريرا لتمدد نفوذها بينما تُبنى السياسات الواقعية على اعتبارات المصلحة ولو تقاطعت مع أجندة العدو الوجودي.

لقد جاءت الضربة الإسرائيلية على إيران في الثالث عشر من يونيو/حزيران الماضي سعيا إلى تفرد استراتيجي، وحرصا على ترسيخ واقع إقليمي تُدار فيه المعارك خارج حدودها، وتُستنزف فيه مقدرات الشعوب بهدف إطالة عمر الاحتلال الإسرائيلي، وتعزيز التفوّق العسكري والسياسي للكيان الصهيوني.

لهذا، يجب أن نقرأ الصراع الإيراني- الإسرائيلي بوعي يتجاوز الاصطفاف الطائفي والانخداع بالشعارات، سواء رُفعت باسم المقاومة أو تحت لافتة المظلومية، لأنها تُستخدم غالبا لتبرير الهيمنة أو تمرير النفوذ. فكلا المشروعين، في حقيقته، يسعى للهيمنة، ويستغل الدين أو التاريخ لتسويق مشاريع لا تعبّر عن آمال الأمة، ولا تستجيب لمطالب شعوبها.

وفي ضوء هذا الاشتباك المفتوح تبدو كلفة انتصار أحد الطرفين- الإيراني أو الإسرائيلي- خطيرة على مصير أمتنا العربية الإسلامية؛ إذ سيُفضي إلى هيمنة طرف واحد يُعيد تشكيل الإقليم بمنطقه، ويُقصي بقية القوى من معادلة الفعل. أما هزيمتهما معا فتبقى احتمالا بعيدا، وإن حدث فسيترك فراغا مروعا في ساحة التأثير، في وقت تعاني فيه الأمة من وهن حضاري وتراجع سياسي وتخلف تنموي يعوق قدرتها على ملء ذلك الفراغ.

الرهان الأجدى، في ظل هذا الواقع، هو أن تُفضي الحرب إلى استنزاف متبادل دون حسم؛ أي تعادل في تسجيل النقاط، وبقاء الطرفين في حالة مواجهة دائمة، مع تآكل قدراتهما العسكرية، وانكشاف ساحتيهما الأمنية. هذا السيناريو يوفّر فرصة نادرة أمام الأمة لتستعيد عافيتها، وتبني مشروعها الخاص، وتتحرّك لاستعادة موقع الريادة في ظل توازن مختل لا يسمح لأي من الطرفين بفرض سيطرته على المنطقة/الإقليم.

فالمشروع الإيراني الصفوي يقوم على تصدير نفوذ طائفي يتجاوز الحدود الوطنية، ويُفعّل ميليشيات تابعة له لزعزعة استقرار المجتمعات، مستغلا الانقسامات المذهبية كوسيلة منهجية لتفكيك الدولة الوطنية وضرب النسيج الوطني. فيما يمضي المشروع الصهيوني في ترسيخ هيمنته عبر إدارة دقيقة لتوازنات الإقليم، ويسعى من خلالها لتحصين جبهته الداخلية، ويدفع دول المنطقة إلى دوامة استنزاف دائم تُبقيها عاجزة عن استعادة قرارها أو صياغة مستقبلها.

وسط هذا التصارع، تفقد الأمة موقعها الفاعل كلما غابت عنها الرؤية، أو فقدت زمام قرارها، أو رضيت بدور المتفرج. وسُنّة التدافع لا تعمل لصالح من ينسحب من ميادين الفعل، ولا تخدم أمة فقدت استقلال قرارها، وارتضت لنفسها موقع التابع بدل الفاعل.

ثمّة نزقٌ سياسي وتهوّر فكري يسيطر على بعض الخطابات في لحظة الخصومة مع إيران، يدفع أصحابها إلى الارتماء في حضن الدعاية الصهيونية، والتماهي مع سرديات العدو الوجودي، وكأن إسرائيل قد تصبح حليفا موضوعيا أو منقذا محتملا من الاستقطاب الطائفي أو الصراع الداخلي.

هذا الوهم الخطير يغفل عن جوهر المشروع الصهيوني الذي لا يسعى لإضعاف خصم طائفي بقدر ما يطمح لتحقيق “العصر الإسرائيلي” على أنقاض أمتنا كلها، دون تمييز بين عربي وفارسي أو سني وشيعي.

إن الانخداع بخصومة اللحظة يُفقدنا بوصلة الصراع الحضاري، ويُربك الأولويات، ويُحوّل العدو الدائم إلى أداة انتصار مؤقت، بينما يُعدّ هو نفسه لمحو وجودنا من المعادلة التاريخية.

لسنا ملزمين بالانحياز إلى “العصر الصفوي” الذي يحاول فرض امتداد طائفي باسم المظلومية، ولا إلى “العصر الإسرائيلي الصهيوني” الذي يُراكم أدوات الهيمنة باسم الأمن.

إن الاستقلال لا تمنحه الخطابات، والكرامة لا تستعيدها الشعارات. ومن يفرّط في قراره خلال لحظات التحوّل الكبرى، تُخرجه القوى الفاعلة من معادلة المستقبل، وتتركه تابعا بلا تأثير ولا مكان.

ولا تملك الأمة أن تستعيد موقعها إلا إذا حرّرت إرادتها من الارتهان، وبنت موقفها على رؤية واضحة ومصلحة نابعة من ذاتها لا من حسابات الآخرين.

وحين تفعل ذلك، تُعيد ضبط البوصلة… وتصنع مستقبلها بيدها، لا بيد من يستثمر غيابها.

المصدر: صفحته على الفيسبوك

 

مرتبط

الوسوم

إيران

إسرائيل

اليمن

الأمة العربية والاسلامية

الحرب الاسرائيلية الايرانية

سعيد ثابت سعيد

نسخ الرابط

تم نسخ الرابط


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

الريال السعودي يرتفع مجددًا أمام الريال اليمني.. إليك السعر الآن

نيوز لاين | 924 قراءة 

عاجل: أبناء مخلاف يحتشدون أمام منزل حمود المخلافي

كريتر سكاي | 668 قراءة 

شرطة تعز تحمّل شقيق حمود المخلافي مسؤولية إفشال مداهمة للقبض على قاتل الدكتورة إفتهان المشهري

حشد نت | 668 قراءة 

مقتل قيادي أمني حوثي كبير أثناء ‘‘مهمة أمنية’’ للمليشيات بصنعاء

المشهد اليمني | 518 قراءة 

منفذ الوديعة الحدودي على صفيح ساخن.. تعثر سيطرة قوات “درع الوطن” رغم الدعم السعودي

موقع الجنوب اليمني | 510 قراءة 

بعد الدعم السعودي.. البنك المركزي يصرح بخصوص المرتبات

العاصفة نيوز | 452 قراءة 

تفاصيل لقاء رئيس الوزراء ‘‘بن بريك’’ مع السفير الأمريكي.. أمريكا تطالب مجلس القيادة بالالتزام بقرار نقل السلطة

المشهد اليمني | 431 قراءة 

قائد عسكري يوجه دبابة صوب مستشفى لقصفها بتعز

كريتر سكاي | 425 قراءة 

في مشهد نادر بعدن.. سائق يلتزم بإشارة حمراء فجراً ويثير جدلاً واسعاً ( صورة )

يني يمن | 409 قراءة 

عاجل:اول صورة لشقيق حمود المخلافي الذي منع بالقوة الحملة الامنية من القبض على قاتل افتهان المشهري

جهينة يمن | 298 قراءة