مليشيا الحوثي تستغل منارات المساجد واسطح المدارس لجني الأموال

أقدمت جماعة الحوثي، على تأجير منارات عدد من المساجد، في العاصمة المختطفة صنعاء، لشركات تجارية متخصصة ببث خدمات الإنترنت، مقابل مبالغ مالية شهرية، تُستخدم لتمويل تصعيداتها العسكرية، وفقاً لما أكدته مصادر مطلعة لـآ«الشرق الأوسطآ».

وأفاد سكان في المدينة بتفاجُئِهم خلال اليومين الماضيين بتركيب أجهزة بث تابعة لشبكات الإنترنت على منارات بعض المساجد في مديريات التحرير وشعوب والصافية وبني الحارث، تحت ذريعة تحسين جودة الخدمة وزيادة سرعتها.

وبحسب المصادر، أبرمت الجماعة عبر ما يسمى آ«قطاع المساجدآ» التابع لهيئة الأوقاف، اتفاقات وُصفت بـآ«المشبوهةآ»، تنص على تأجير منارات عدة مساجد، يُشرف على بعضها خطباء ومعممون حوثيون، لشركات وأفراد يملكون شبكات الإنترنت، مقابل مبالغ شهرية تعادل نحو 100 و250 دولاراً.

وفي حين اعتبرت المصادر الخطوة تمهيداً لتأجير بقية منارات المساجد في صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة، تُشيَّد المنارات عادةً على هيئة أبراج مرتفعة مخصصة لإيصال صوت الأذان، وتُعد جزءاً معمارياً أصيلاً من المساجد.

ومن أبرز المساجد التي جرى تأجير مناراتها: مسجد آ«حنظلآ» في حي بير العزب بمديرية التحرير، وآ«الجامع الكبيرآ» بمنطقة الروضة في بني الحارث، وجامع آ«التوبةآ» بمديرية شعوب، ومسجد آ«الدعوةآ» بمديرية الصافية، وغيرها.

وقد قوبلت هذه الخطوة بموجة تنديد واسعة بين السكان، إذ عدت انتهاكاً صارخاً لحرمة المساجد، ومحاولة لجني مزيد من الأموال من استغلال دور العبادة.

وقال آ«أحمدآ»، أحد سكان حي الصافية بصنعاء، لـآ«الشرق الأوسطآ»، إن تأجير منارة أحد مساجد الحي يمثّل آ«جريمة كبرىآ» وآ«إهانة مقصودةآ» لبيوت الله، متهماً الجماعة بتحويلها إلى مشاريع ربحية.

استهداف متكرر

لا يُعد هذا التعدي الحوثي الأول على المؤسسات الدينية في صنعاء، فقد سبق للجماعة أن استولت بالقوة على قطعة أرض تابعة لمسجد آ«أبو بكر الصديقآ» في الحي السياسي، وحولتها إلى مشروع استثماري.آ 

كما استولت على باحة مسجد آ«الفردوسآ» وملحقاته، وشيدت فوقها محال تجارية، قبل أن تقدم على هدم مسجد آ«النهرينآ» الأثري في صنعاء القديمة المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لدى منظمة آ«اليونيسكوآ»، لبناء مشروع تجاري مكانه.

وفي موازاة ذلك، تواصل الجماعة استغلال منابر المساجد لبث الطائفية والتحريض على العنف والتعبئة لجبهات القتال.

ويأتي ذلك في وقت يستهدف فيه الحوثيون المقرات الحكومية والعسكرية، وأسطح المدارس والحدائق العامة والشوارع الرئيسية في صنعاء وغيرها، من خلال تأجيرها لمستثمرين - معظمهم من الموالين لهم - بغرض تحويلها إلى مشاريع ربحية.

وعلى مدى سنوات الانقلاب، ارتكبت الجماعة الحوثية سلسلة من الانتهاكات بحق مئات المساجد، شملت المداهمة والإغلاق وقطع المياه، وفرض خطباء موالين يحملون خطاباً طائفياً، فضلاً عن تحويل عدد منها إلى مجالس لتعاطي نبتة آ«القاتآ»، أو تنظيم فعاليات خاصة بجمهور الجماعة تتخللها الأهازيج الحربية.

تأجير أسطح المدارسآ 

وكانتآ ميليشيات الحوثي، قد دشنت إستغلالآ أسطح المدارس في صنعاء للتربح الماديآ ، في عام 2023، بتأجيرآ أكثر من 23 مدرسة حكومية، لتجار توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية، وهي خطوة مهدت لتأجير أسطح معظم المدارس الحكومية في عموم المناطق الخاضعة لها، وفق ما ذكرته مصادر تربوية في صنعاء.

ولقيت الخطوة الحوثية تنديداًآ واسعاً في الأوساط التربوية، لما لها من مخاطر على الطلبة، وسط اتهامات للجماعة بالسعي لجنى مزيد من الأموال، بينما يعاني نحو 170 ألف معلم من توقف رواتبهم منذ 7 سنوات.

وتنص اتفاقات الجماعة لتأجير أسطح المدارس الحكومية في صنعاء لعناصر موالين لها من تجار توليد الكهرباء عبر الألواح الشمسية، على دفع مبالغ شهرية تعادل ما بين 550 و600 دولار.

ومن بين المدارس التي قامت الجماعة باستثمارها بوضع منظومات الطاقة الشمسية، مدرستا آ«القميعةآ» وآ«موسى بن نصيرآ» بمديرية معين، ومدرسة آ«بلقيسآ» بمديرية التحرير، ومدرستا آ«17 يوليوآ» وآ«المثنىآ» بمديرية السبعين، ومدرستا آ«عبد المغنيآ» وآ«المعتصمآ» بمديرية الوحدة بصنعاء.

كما ضمت قائمة المدارس التي تم تأجير أسطحها، مدرسة آ«معاذ بن جبلآ» بحي الرقاص، ومدرستا آ«الكبسيآ» وآ«الحمزةآ» بحي الجراف، وآ«خالد بن الوليدآ»، وآ«الجلاءآ» بشارع وزارة العدل، وآ«الطيارآ» بمنطقة السبعين، ومدارس آ«زينبآ»، وآ«علي بن أبي طالبآ»، وآ«14 أكتوبرآ»، وآ«المحضارآ» بمديرية شعوب، وآ«نشوان الحميريآ» في صنعاء القديمة.

وبينما يعاني نحو 170 ألف معلم ومعلمة في 13 محافظة يمنية خاضعة للحوثيين أشد الويلات، نتيجة استمرار انقطاع مرتباتهم منذ سنوات، لا تزال جماعة الحوثي تنتهج الأسلوب التدميري والعبثي ذاته، بحق ما تبقى من قطاع التعليم والعاملين فيه.