في مشهد يبدو مألوفًا أكثر من اللازم، خرج الصحفي فتحي بن لزرق مجددًا ليصبّ جام غضبه – حسب الطلب – على المجلس الانتقالي، متناسيًا أو متغافلًا عن أن رئيس مجلس القيادة الرئاسي موجود في عدن، وهو المسؤول الأول عن الدولة، دستورًا ومنصبًا وواقعًا.
يبدو أن "حق العيدية" قد وصل في وقته، فجاءت مقالة بن لزرق لتتطابق تمامًا مع توقيت الغضب الشعبي وانفجار الشارع، ولكنها – وللمفارقة – اتجهت صوب جهة واحدة فقط، متجاهلة شريك الحكم، ورأس الهرم، وكل من له علاقة فعلية بملف الخدمات أو العبث الذي أرهق الناس.
خرج الناس احتجاجًا في عدن، وهذا أمر طبيعي في ظل انعدام الخدمات وتفاقم معاناة الناس، فباص النفر أصبح بألف ريال، والغاز المنزلي مفقود، والكهرباء أشبه بأملٍ يمرّ مرور الكرام، لكن عوضًا عن تفهّم الغضب الشعبي وتسليط الضوء على المنظومة كاملة، قرر بن لزرق أن يكتفي بفقرة واحدة من المسرحية، ويتجاهل بقية الممثلين.
الطريف أن بعض الصحفيين – حين يتحوّلون إلى مرتزقة موسميين – لا يعودون بحاجة إلى دليل أو منطق. كل ما في الأمر أن العيد جاء، والأزمة جاءت، و"الفرصة الاستثمارية" جاءت أيضًا، فمضى القلم يكتب ما يُطلب لا ما يُفترض.
في الواقع، من زرع الأزمة ليس فقط المجلس الانتقالي أو الحكومة، بل أيضًا أولئك الذين يصورون للجمهور أن الحل يكمن في جلد طرف وتبرئة آخر، رغم أن الجميع شريك في السلطة… وشريك في الفشل.
يا فتحي، الأزمة أكبر من أن تُختصر في "عيدية نقدية"، والناس في عدن ليست بحاجة لمن يصب الزيت على النار، بل من يكتب بضمير، ويحاسب الجميع لا حسب جدول الدفع أو جدول الولاء.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news