اليمن.. بلدٌ يتقاسم الوجع في صمت
قبل 2 دقيقة
وجعي على اليمن، لا شيء يشبه العيد سوى اسمه. هنا، لا فارق بين مناطق الشرعية ومناطق سيطرة مليشيا الحوثيين الارهابية، فالجوع، والمرض، والفقر، والخوف،وعدم الامن و الاستقرار هي القواسم المشتركة التي وحدت شعبًا مزقته الحرب، وأرهقته السنين.
عند طريق الحوبان ماويه او الراهده في تعز مناطق سيطرة الحوثيين، يمكن أن ترى طفلًا يرتدي ثيابًا رثة، يبيع عبوات ماء بلاستيكية ليشتري لوالدته دواءً لا يتوفر في المستشفى العام. وفي صنعاء، أمٌّ تُخفي دموعها خلف نقابها وهي تقف لساعات في طابور طويل أمام مركز توزيع مساعدات غذائية، علّها تظفر بكيس دقيق يسند جوع أطفالها لأيام اوصدقه من جازع طريق.
في مناطق سيطرة الحوثيين، الناس محاصرون بين الفقر والخوف. الرواتب مقطوعة منذ سنوات ينهبها الحوثي، والحياة تُدار بالجبايات والإتاوات، والأنين مكتوم تحت سقف التهديد والترهيب. التعليم انهار، والمناهج عُدلت لتخدم أيديولوجيا الموت، فيما الشباب يجرّون إلى الجبهات بأوهام الجنة، تاركين خلفهم أمهات تتوسل الحياة لأبنائها.
أما في مناطق "الشرعية"، فالحال لا يختلف كثيرًا. هناك، يعيش المواطن في جغرافيا منسية، يتقلب بين غياب الخدمات، والانفلات الأمني، والفساد الإداري، والبطالة التي باتت قدرًا لجيل بأكمله. الكهرباء رفاهية، والماء في بعض المناطق يُجلب بدبب صغيرة من الآبار، والمدارس تفتقر حتى للطباشير.
في عدن، العاصمة المؤقتة، يرفع الناس أيديهم إلى السماء لا طلبًا لتحسين الأوضاع فحسب، بل طلبًا لنجاة أرواحهم من القتل المجاني، والمليشيات المتناحرة، والغلاء الذي لا يرحم.
وفي صعدة، حيث الحرب اشتعلت شرارتها الأولى، لا يزال البؤس وجهًا للمدينة التي أنهكتها الصواريخ، وفقدت أبناءها بين سجون المليشيا ومقابر الحرب.
لقد تحولت اليمن إلى ساحة مفتوحة للموت البطيء. شعبٌ أعزل يدفع ثمن صراع لا ناقة له فيه ولا جمل. لا ضوء في النفق، ولا ملامح لحلٍّ قريب، وسط صمت العالم الذي بات يتعاطى مع الكارثة كأمر واقع لا يستحق أكثر من بيانات قلق.
اليمن لا يحتاج فقط إلى سلام سياسي، بل إلى إنقاذ إنساني شامل. يحتاج إلى أن يُرى بعين الرحمة، لا بعين المصلحة. فالحرب، وإن توقفت، تركت وراءها وطنًا جريحًا، ومجتمعًا مشوهًا، وأجيالًا تنشأ في العتمة.
هنا اليمن.. حيث ينهض الناس كل صباح، لا بحثًا عن الحياة، بل هربًا من الموت.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news