العيد في اليمن .. حين يصبح الفرح ترفًا والحياة امتحانًا للنجاة !
قبل 1 دقيقة
لا يأتي العيد في اليمن كفرحة ، بل كوجع إضافي يُضاف إلى قائمة طويلة من المعاناة ، لا يُشعل الناس فوانيسه ، بل يشعلهم القهر ، لا يُعدّون الحلوى ، بل يعدّون ما تبقّى من آمال مكسورة لا تكفي لشراء كيس دقيق أو قنينة ماء
.
في وطن جريح اسمه اليمن ، يُولد العيد مشلولًا ، لا رواتب رغم انها لا تفي بأبسط واقل مقومات الحياة ، لا ماء ، لا كهرباء، لا دواء ، فقط ملايين اليمنيين يقاسون الحزن بصمت ، بينما يتظاهرون بالحياة.
يحدث في اليمن انك إذا اردت ان تشتري أضحية فعليك أن تجمع رواتب عام كامل ( اثني عشر شهرا ) ، وهذا يعني أن تظل وأسرتك لاثني عشر شهرا بلا أكل وشرب ، لا تشتري علاجا ، ولا ملبسا ، ولا تدفع إيجار منزلك. عليك أن تنعزل عن العالم ، تستغني عن هاتفك ، عن باقات الاتصال والإنترنت ، عليك أن تبقى حبيس منزلك ، لا تخرج من بيتك أنت وأسرتك ، لأن كل ذلك سيسبب عجزا كبيرا في الميزانية المراد توفيرها لشراء أضحية العيد. العيد في اليمن لا يُطرق الأبواب فرحًا ، بل يدخل متخفيًا في ثياب البؤس ، الآباء المسحوقون يغلقون النوافذ ؛ حتى لا يرى أطفالهم ثياب العيد فوق اجساد أطفال المسؤولين والأثرياء ، بينما تخفي الأمهات دموعهن امام أطفالهن بابتسامة مصطنعة.
في شوارع تعز ، المدينة التي تدفع أثمانا باهظة للحرب والحصار ، لا تجد زينة عيد ، بل صفوفًا طويلة من الجالونات الفارغة ، تنتظر صهريج ماء قد لا يأتي ، تتجمع النساء والأطفال منذ الفجر ، ليس لأداء صلاة العيد ، بل لحجز مكان في طابور العطش. الماء في تعز صار أغلى من الكرامة ، صار تجارة ، تحت أعين سلطات ، اكتفت بأن سقت المواطنين قرارات واجتماعات وبيانات ، ووعود ، وتبريرات .
أي فاقة وصل إليها اليمني عندما يكتب اسمه على جالون ، ويتركه لأيام في الشارع ، كي لا يُضيع دوره في الحصول على بضعة لترات من المياه؟ أي عيد حل على اليمنيين ، يبدأ بطلب قطرة ماء ، وينتهي بحسرة في القلب؟.
إلى كل مسؤول ينام مرتاحًا وأطفاله يستحمّون ويشربون بلا عناء ، هل نظرت يومًا في وجه طفل تعزيّ ، يبحث عن ماء في يوم العيد؟ هل سمعت صوت العيد حين يختلط بأنين العطشى؟. إذا كنتم لا تقدرون على إنقاذ مدينة من العطش ، فلا تزيدوا من وجعها ، بعجزكم او فشلكم. إن كانت الخدمات الأساسية ليس باستطاعتكم توفيرها ، أليس من الأفضل إخلاء مقاعدكم ؟! وتبرئة ساحتكم بإفساح المجال لآخرين ؛ لتحمل مسؤولية ما أخفقتم فيه ، ولتثبتوا لأبناء تعز أنكم لستم جزءا من مشاكل تعز ، التي هي أكبر من إمكانياتكم وفوق طاقاتكم .
عيد اليمنيين يُغلفه الغلاء الفاحش ، كل شيء تضاعف سعره : الطعام ، الدواء ، الماء ، الملابس ، المواصلات ، حتى الحلم الصغير بأن نعيش يومًا دون قلق. في الأسواق يقف اليمنيون بلا حول ولا قوة ؛ يُقلبون أعينهم بين الأسعار والجيوب الفارغة ، ويخرجون بلا شيء سوى الحسرات ، أما الرواتب فتلك حكاية من وجعٍ آخر ، إن صُرفت فهي لا تكفي لشراء كيس أرز ، أو صهريج ماء ؛ بعد أن انهارت العملة وتهاوى الاقتصاد ، وارتفعت الأسعار كما يرتفع الألم .
أي عيد في اليمن ؟! أي تكبيرات يمكن أن تُعلو على أنين الأمهات ووجع الآباء؟ ! كيف يفرح طفل بلا حذاء ، بلا ماء ، بلا طعام ، بلا وطن يشعر به؟ لا يحتاج اليمنيون تهان عيدية رسمية جوفاء ، يحتاجون خدمات توفر لهم ، رواتبا تكفيهم ، يحتاجون سلطة تعرف معنى المسؤولية ، لا مائدة اللصوص .
العيد في اليمن صار يومًا يُجدد فيه الناس عهدهم مع الصبر ، والبكاء ، والانتظار ، هل من خجل في وجه مسؤولٍ ؟! وهل بات حق الحياة الكريمة لليمنيين خاضعا للتجارة ، والسياسة ، ومزاج وضمير المسؤولين؟!.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news