الوحدة والهوية: مقارنة بين أهداف الوحدة وآثارها على الجنوب

     
العاصفة نيوز             عدد المشاهدات : 81 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
الوحدة والهوية: مقارنة بين أهداف الوحدة وآثارها على الجنوب

في اعماق المشهد الجنوبي المثقل بالأسئلة والآلام، سمعتُ كلمات مواطن جنوبي تختزل، في بساطتها الصادقة، عمق المأساة ولب الحقيقة التي وصلنا اليها وهو يقول حرفيا: “قد نقبل الجوع مع استقلال دولة الجنوب. وقد نقبل بالفقر مع استقلال دولة الجنوب. وقد نقبل بالعذاب والحرمان مع استقلال دولة الجنوب. هذا أمر منطقي بالنسبة لكل أبناء الشعب الجنوبي. لكن اللا منطقي أن هناك من يريد من الشعب الجنوبي أن يقبل بالجوع في ظل دولة الوحدة مع الشمال، وأن يقبل بالفقر في ظل دولة الوحدة مع الشمال، ويقبل بالعذاب والحرمان في ظل دولة الوحدة مع الشمال.”

هذه الكلمات ليست مجرد كلام عابر، بل هي صرخةٌ منطقية تُفضي إلى جوهر المعضلة الراهنة. فالتضحية من أجل استعادة دولة الجنوب، حتى لو استلزم الامر سنواتٍ من شظف العيش وقساوة الظروف، هو خيارٌ مفهوم، بل ونبيل. فالنضال لأجل الكرامة والسيادة يحفزه أملٌ بمستقبلٍ أفضل، تملك فيه زمام أمرك، وتصنع فيه مصيرك ومستقبلك وتورث أبناءك وطناً ينتمون إليه بحق. هذا الألم، في سياقه الثوري، يكتسب معنىً، ويتحول إلى وقودٍ للصمود، وشهادةٍ على إرادة شعبٍ لا تلين.

لكن ما الذي يبرر أن يرزح شعبٌ تحت وطأة الجوع، و يغرق في الفقر، و يتجرع مرارة العذاب والحرمان، في ظل ما يسمى بدولة الوحدة”؟ هنا تكمن المفارقة اللامنطقية والعبثية. هل توحدنا نحن الجنوبيين مع الشمال لكي نزداد جوعاً وفقراً وحرماناً؟ هل سعينا للوحدة، و ضحينا في سبيل تحقيقها، لكي يكون مصيرنا التشرذم والضعف بدلاً من الرخاء والرفاهية والقوة والاستقرار والأمان الذي كنا نعيش فيه، بكل نواقصه، قبل تجربة الوحدة؟

اقرأ المزيد...

مدير عام قعطبة الشاعري يدشن توزيع 37 حقائب نسائية بدعم من منظمة ديم في المديرية

3 يونيو، 2025 ( 1:03 صباحًا )

معضلة جوازات الحوثيين ابتزاز أم أداة فساد؟

3 يونيو، 2025 ( 12:57 صباحًا )

لنتأمل مشهد الجنوب قبل عام 1990: دولةٌ حديثة ناشئة، بكل ما فيها من تحديات وصعوبات أيديولوجية، لكنها كانت تتمتع بقدرٍ من الاستقرار الخدمي والأمني، و تملك مؤسساتٍ فاعلة، ونظاماً تعليمياً وصحياً مجانيا يُحفظ كرامة المواطن. كانت هناك شوارعٌ مضاءة، ومياهٌ تصل البيوت، ومدارسُ تُخرج الأجيال، وكهرباء لا تنقطع و وظائفُ متاحة، وأمانٌ محسوس في الشوارع حيث كانت الحياة، رغم بساطتها، تحمل قدراً من الكرامة والعزة والاستقرار.

أما اليوم، فالمشهد مختلفٌ تماماً. أنوارٌ خافتة بالكاد تُضيء الشوارع في ليالٍ يلفها الظلام الدامس. صرخاتٌ تتصاعد من المستشفيات التي تفتقر لأبسط الإمكانيات وبتكاليف باهظة. طوابيرٌ طويلة من العاطلين عن العمل، و جيوبٌ خاوية، و بطونٌ فارغة. في حين أصبحت قصة البحث عن مياه نظيفة أو كهرباء مستقرة كفاحاً يومياً. بينما تلاشت المكتسبات التي كنا نملكها قبل الوحدة كأن لم تكن، و حل محلها دمارٌ شامل، و فوضى أمنية لم نكن نعرفها. حيث استشرى الفساد، وتفشت اللصوصية، و أصبح المواطن الجنوبي يعيش في حالةٍ من القلق الدائم على رزقه، و أمنه، و مستقبل أبنائه.

لماذا تتوحد الشعوب والبلدان أصلاً؟ هل تتوحد لتزداد فقراً وضعفاً وتشرذماً؟ أم أن الهدف من الوحدة، أياً كانت طبيعتها، هو تحقيق الرخاء المشترك، و تعزيز القوة الاقتصادية والسياسية، و ضمان الأمن والاستقرار لجميع أبنائها؟ إن المفهوم الأساسي للوحدة، في الفكر السياسي المعاصر و في تاريخ الأمم، هو التضافر لتحقيق غاياتٍ عليا لا يمكن تحقيقها بشكل منفرد. فهي جسرٌ نحو الازدهار، و حصنٌ أمام التحديات، و عاملٌ لزيادة النفوذ و القدرة على المنافسة.

لكن الوحدة التي فرضت على الجنوب لم تجلب لنا سوى الويلات والمآسي. حيث ضاعفت آلامنا ومتاعبنا، وتسببت في تدمير ممنهج للبنى التحتية، و نهبٍ لثرواتنا، و تهميشٍ لكوادرنا. وقادتنا إلى ظروف اجتماعية واقتصادية وأمنية لم نكن نعرفها، و لم نكن نتخيل أننا سوف نصل إليها في يوم من الأيام. كيف يمكن لشعبٍ أن يتمسك بوحدة لم تزدْه إلا بؤساً و فقراً و تشرذماً و ضعفاً؟

إن الشفافية تقتضي القول، و المنطق يفرض الاعتراف، بأن هذه الوحدة، و بغض النظر عن النوايا التي قامت عليها، قد تحولت إلى عبءٍ ثقيل، و مشروعٍ فاشل، بل كارثةٍ وطنية على الجنوب. إن البحث عن حلٍ عادل و منطقي لقضية الجنوب، ينطلق بالضرورة من هذه الحقيقة القاسية: فالشعب الذي رضي بالوحدة، و دفع ثمنها غالياً، لم يجنِ منها سوى المآسي. وعليه، فإن حق هذا الشعب في تقرير مصيره، و بناء دولته المستقلة التي تحقق له الكرامة و الأمن و الرخاء، لم يعد مجرد مطلب سياسي، بل أصبح ضرورة وجودية، و منطقاً لا يمكن دحضه.


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

العد التنازلي بدأ: خبير اقتصادي يحذر من انهيار وشيك في قطاع الصرافة

نيوز لاين | 436 قراءة 

علامة ديني يمني يُقتل داخل منزله على يد أحد أفراد أسرته

نيوز لاين | 430 قراءة 

طرد قائد عسكري من حضرموت!

العربي نيوز | 372 قراءة 

انفراجة مرتقبة في ملف الرواتب المتأخرة.. تفاصيل الإعلان السار

المرصد برس | 278 قراءة 

انسحاب مفاجئ لفنانة عدنية شهيرة من فيسبوك بعد موجة تنمر وتهديدات

نيوز لاين | 237 قراءة 

قوة عسكرية تصل جبهة ثرة لتأمينها من "هؤلاء"

كريتر سكاي | 219 قراءة 

قرار من محافظ البنك المركزي بإغلاق شركتين صرافة في اليمن

المرصد برس | 199 قراءة 

أمن عدن يضبط ستة شبان وفتيات في وضع مخل بالآداب على ساحل أبين

العين الثالثة | 180 قراءة 

صحيفة كويتية نقلا عن مصدر عسكري إيراني: طهران تخطط لضرب قواعد أمريكية في دول غير خليجية

العين الثالثة | 172 قراءة 

"بيان توضيحي من كتيبة حزم 4 بشأن مزاعم التمرد في مبنى الهجرة والجوازات بعدن"

صوت العاصمة | 164 قراءة