الوحدة والهوية: مقارنة بين أهداف الوحدة وآثارها على الجنوب

     
العاصفة نيوز             عدد المشاهدات : 104 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
الوحدة والهوية: مقارنة بين أهداف الوحدة وآثارها على الجنوب

في اعماق المشهد الجنوبي المثقل بالأسئلة والآلام، سمعتُ كلمات مواطن جنوبي تختزل، في بساطتها الصادقة، عمق المأساة ولب الحقيقة التي وصلنا اليها وهو يقول حرفيا: “قد نقبل الجوع مع استقلال دولة الجنوب. وقد نقبل بالفقر مع استقلال دولة الجنوب. وقد نقبل بالعذاب والحرمان مع استقلال دولة الجنوب. هذا أمر منطقي بالنسبة لكل أبناء الشعب الجنوبي. لكن اللا منطقي أن هناك من يريد من الشعب الجنوبي أن يقبل بالجوع في ظل دولة الوحدة مع الشمال، وأن يقبل بالفقر في ظل دولة الوحدة مع الشمال، ويقبل بالعذاب والحرمان في ظل دولة الوحدة مع الشمال.”

هذه الكلمات ليست مجرد كلام عابر، بل هي صرخةٌ منطقية تُفضي إلى جوهر المعضلة الراهنة. فالتضحية من أجل استعادة دولة الجنوب، حتى لو استلزم الامر سنواتٍ من شظف العيش وقساوة الظروف، هو خيارٌ مفهوم، بل ونبيل. فالنضال لأجل الكرامة والسيادة يحفزه أملٌ بمستقبلٍ أفضل، تملك فيه زمام أمرك، وتصنع فيه مصيرك ومستقبلك وتورث أبناءك وطناً ينتمون إليه بحق. هذا الألم، في سياقه الثوري، يكتسب معنىً، ويتحول إلى وقودٍ للصمود، وشهادةٍ على إرادة شعبٍ لا تلين.

لكن ما الذي يبرر أن يرزح شعبٌ تحت وطأة الجوع، و يغرق في الفقر، و يتجرع مرارة العذاب والحرمان، في ظل ما يسمى بدولة الوحدة”؟ هنا تكمن المفارقة اللامنطقية والعبثية. هل توحدنا نحن الجنوبيين مع الشمال لكي نزداد جوعاً وفقراً وحرماناً؟ هل سعينا للوحدة، و ضحينا في سبيل تحقيقها، لكي يكون مصيرنا التشرذم والضعف بدلاً من الرخاء والرفاهية والقوة والاستقرار والأمان الذي كنا نعيش فيه، بكل نواقصه، قبل تجربة الوحدة؟

اقرأ المزيد...

مدير عام قعطبة الشاعري يدشن توزيع 37 حقائب نسائية بدعم من منظمة ديم في المديرية

3 يونيو، 2025 ( 1:03 صباحًا )

معضلة جوازات الحوثيين ابتزاز أم أداة فساد؟

3 يونيو، 2025 ( 12:57 صباحًا )

لنتأمل مشهد الجنوب قبل عام 1990: دولةٌ حديثة ناشئة، بكل ما فيها من تحديات وصعوبات أيديولوجية، لكنها كانت تتمتع بقدرٍ من الاستقرار الخدمي والأمني، و تملك مؤسساتٍ فاعلة، ونظاماً تعليمياً وصحياً مجانيا يُحفظ كرامة المواطن. كانت هناك شوارعٌ مضاءة، ومياهٌ تصل البيوت، ومدارسُ تُخرج الأجيال، وكهرباء لا تنقطع و وظائفُ متاحة، وأمانٌ محسوس في الشوارع حيث كانت الحياة، رغم بساطتها، تحمل قدراً من الكرامة والعزة والاستقرار.

أما اليوم، فالمشهد مختلفٌ تماماً. أنوارٌ خافتة بالكاد تُضيء الشوارع في ليالٍ يلفها الظلام الدامس. صرخاتٌ تتصاعد من المستشفيات التي تفتقر لأبسط الإمكانيات وبتكاليف باهظة. طوابيرٌ طويلة من العاطلين عن العمل، و جيوبٌ خاوية، و بطونٌ فارغة. في حين أصبحت قصة البحث عن مياه نظيفة أو كهرباء مستقرة كفاحاً يومياً. بينما تلاشت المكتسبات التي كنا نملكها قبل الوحدة كأن لم تكن، و حل محلها دمارٌ شامل، و فوضى أمنية لم نكن نعرفها. حيث استشرى الفساد، وتفشت اللصوصية، و أصبح المواطن الجنوبي يعيش في حالةٍ من القلق الدائم على رزقه، و أمنه، و مستقبل أبنائه.

لماذا تتوحد الشعوب والبلدان أصلاً؟ هل تتوحد لتزداد فقراً وضعفاً وتشرذماً؟ أم أن الهدف من الوحدة، أياً كانت طبيعتها، هو تحقيق الرخاء المشترك، و تعزيز القوة الاقتصادية والسياسية، و ضمان الأمن والاستقرار لجميع أبنائها؟ إن المفهوم الأساسي للوحدة، في الفكر السياسي المعاصر و في تاريخ الأمم، هو التضافر لتحقيق غاياتٍ عليا لا يمكن تحقيقها بشكل منفرد. فهي جسرٌ نحو الازدهار، و حصنٌ أمام التحديات، و عاملٌ لزيادة النفوذ و القدرة على المنافسة.

لكن الوحدة التي فرضت على الجنوب لم تجلب لنا سوى الويلات والمآسي. حيث ضاعفت آلامنا ومتاعبنا، وتسببت في تدمير ممنهج للبنى التحتية، و نهبٍ لثرواتنا، و تهميشٍ لكوادرنا. وقادتنا إلى ظروف اجتماعية واقتصادية وأمنية لم نكن نعرفها، و لم نكن نتخيل أننا سوف نصل إليها في يوم من الأيام. كيف يمكن لشعبٍ أن يتمسك بوحدة لم تزدْه إلا بؤساً و فقراً و تشرذماً و ضعفاً؟

إن الشفافية تقتضي القول، و المنطق يفرض الاعتراف، بأن هذه الوحدة، و بغض النظر عن النوايا التي قامت عليها، قد تحولت إلى عبءٍ ثقيل، و مشروعٍ فاشل، بل كارثةٍ وطنية على الجنوب. إن البحث عن حلٍ عادل و منطقي لقضية الجنوب، ينطلق بالضرورة من هذه الحقيقة القاسية: فالشعب الذي رضي بالوحدة، و دفع ثمنها غالياً، لم يجنِ منها سوى المآسي. وعليه، فإن حق هذا الشعب في تقرير مصيره، و بناء دولته المستقلة التي تحقق له الكرامة و الأمن و الرخاء، لم يعد مجرد مطلب سياسي، بل أصبح ضرورة وجودية، و منطقاً لا يمكن دحضه.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

اختطاف الضابطة حنان بدر الدين الحوثي في صنعاء 

بوابتي | 498 قراءة 

وفاة الداعية ‘‘محمد المقرمي’’ أثناء استعداده لصلاة الفجر في مكة المكرمة

المشهد اليمني | 432 قراءة 

وفاة الداعية محمد المقرمي خلال استعداده لصلاة الفجر في مكة المكرمة  

قناة المهرية | 367 قراءة 

عاجل:انتشار امني واغلاق الطرقات الرئيسية الى مطار عدن

كريتر سكاي | 352 قراءة 

من هو؟ وفاة الشيخ محمد المقرمي الداعية اليمني في مكة أثناء الاستعداد لصلاة الفجر

تهامة برس | 331 قراءة 

حضرموت على صفيح ساخن .. “الانتقالي” يدفع بتعزيزات ضخمة و“بن حبريش” يدعو للإحتشاد بعد تهديدات بـ“معركة كبرى”

يني يمن | 327 قراءة 

تحركات عسكرية ضخمة للمجلس الانتقالي من أبين وعدن باتجاه حضرموت تثير تساؤلات

موقع الجنوب اليمني | 291 قراءة 

رئيس الوزراء يكشف عن موعد انتهاء ازمة الكهرباء بعدن

كريتر سكاي | 277 قراءة 

اليمن: انهيار رقمي يضرب الدعاية الحوثية.. والجماعة تنسبه لمؤامرة أمريكية–إسرائيلية

يمن فيوتشر | 275 قراءة 

وفاة الشيخ المهندس محمد المقرمي بعد رحلة إيمانية وعمل خيري

بوابتي | 239 قراءة