لستُ خبيرًا في الطقس، ولا أدّعي معرفة بتقلباته أو أنماطه، فذلك علم له رجاله ومختصوه. أنا فلكي، شغوفي بالكون والنجوم والأجرام السماوية، ومنشغل بتصميم التلسكوبات ومتابعة الظواهر الكونية. أما الطقس، فمجاله مختلف تمامًا، ويحتاج إلى معرفة دقيقة بالمناخ والسحب والضغط الجوي. ومع ذلك، وجدت نفسي أكتب اليوم عن رجل من أبناء بلدي، لم يتخرج من الجامعات، لكنه أدهشني بتفوقه على من نالوا أرفع الشهادات… إنه علي الزربة.
ما دفعني للحديث عن علي الزربة هو دقته، ووعيه، واحترامه للتخصص. لا يخلط بين الفلك والطقس، ولا يدّعي ما لا يعرف. بل على العكس، يمارس ما يعرفه بشغف، وينشر توقعاته وتحليلاته بأسلوب بسيط، لكنه مليء بالخبرة والرصد الدقيق. يتابع حركة الغيوم عبر صور الأقمار الصناعية، ويحلل البيانات الجوية بشكل منهجي، مما يدل على وعي تقني متقدم رغم بساطة خلفيته التعليمية.
علي الزربة، أو كما يُعرف رسميًا بـعلي عبده أحمد مقبل، هو مواطن من محافظة تعز، فلاح بسيط أجبرته الحياة على ترك مقاعد الدراسة، لكنه لم يترك حب التعلم. تعلّم من الأرض والسماء، وطور نفسه بشكل ذاتي، حتى أصبح اليوم أحد أبرز المهتمين برصد الطقس في منطقته. يجمع بين أدوات الرصد الحديثة مثل الأقمار الصناعية، وبين نظرة فطرية عميقة ناتجة عن سنوات من الملاحظة اليومية والتجربة المباشرة.
الأجمل في قصة علي الزربة، أن تأثيره أصبح ملموسًا في حياة الناس من حوله، وخاصة الفلاحين. كثير منهم باتوا يعتمدون على تحليلاته وتوقعاته في اتخاذ قراراتهم الزراعية، من تغطية المحاصيل إلى توقيت السقي أو الحصاد. لقد كسب ثقة الناس لأنه لم يخدعهم، بل قدم لهم المعلومة الدقيقة في وقتها، بلغة قريبة من واقعهم، ومعطيات حقيقية مدعومة بخرائط وصور جوية.
نموذج علي الزربة يثبت أن حب العلم والجدية في البحث قادران على تعويض غياب الشهادة، بل وتجاوزها أحيانًا. هو مثال ملهم لكيف يمكن لفرد أن يُثري مجتمعه، ويصنع أثرًا واسعًا، لا باللقب الأكاديمي، بل بالإخلاص والشغف والتطور الذاتي. كل الاحترام لعلي الزربة، ولكل من يشبهه… ممن صنعوا لأنفسهم طريقًا في قلب العلم، من خارج أسواره التقليدية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news