صحفيون في مرمى الكهنوت... الحوثيون يعيدون إرث الإمامة ضد الفكر والكلمة

     
الميثاق نيوز             عدد المشاهدات : 33 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
صحفيون في مرمى الكهنوت... الحوثيون يعيدون إرث الإمامة ضد الفكر والكلمة

آ 

منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، لم تكتفِ ميليشيا الحوثي الإرهابية بفرض سلطتها بالقوة العسكرية، بل شرعت في خوض معركة موازية أكثر ضراوة ضد حرية التعبير، واضعة الصحفيين في مقدمة أهدافها.

لقد أدركت هذه الجماعة أن الكلمة الحرة تشكّل خطرًا أكبر على مشروعها الطائفي والعنصري من أي مواجهة ميدانية، وأنّ الصحفي هو العدو الأخطر حين يفضح، ويوثق، ويُسائل.

الصحفيون بطبيعة عملهم شهود على الواقع وكاشفون له، وفي ظل جماعة تسعى لفرض أيديولوجيا قائمة على العنصرية والتكفير و"الحق الإلهي في الحكم"، وتُروّج لأفكار متطرفة خارج سياق العقل والمواطنة، يصبح وجود الصحفي المستقل خطرًا وجوديًا على مشروعها، فكل مادة صحفية، أو تقرير، أو منشور يفضح فسادها، أو يسلّط الضوء على فشلها في إدارة شؤون الناس، يُقابل بالقمع والملاحقة.

الميليشيا التي فشلت في تقديم أبسط الخدمات، ونجحت فقط في تحويل مؤسسات الدولة إلى أدوات نهب لصالح قادتها ومشرفيها، لا يمكنها تحمّل صوت يفضح، أو قلم يكتب الحقيقة. ولهذا، لا تهاجم الكلمة فقط، بل تستأصل حاملها.

منذ سنوات، يعيش الصحفيون في مناطق الاحتلال الحوثي تحت رعب دائم، فلا حصانة، ولا قانون، ولا مظلة تحميهم، بل سلطة بوليسية تستخدم الاختطاف، والاعتقال التعسفي، والتعذيب كأدوات قمع، مئات الصحفيين اعتُقلوا دون أوامر قضائية، وتعرضوا للإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي، في معتقلات تفتقر لأدنى شروط العدالة والكرامة الإنسانية.

وإن قُدّر للصحفي أن يُحال إلى المحكمة، كما في بعض الحالات، فذلك يتم عبر محاكم مختطفة، لا تتوفر فيها أدنى شروط المحاكمة العادلة. بل إن الأحكام جاهزة سلفا، وغالبا ما تكون قرارات بالإعدام، كما حدث مع الصحفيين الأربعة، أو بالسجن والغرامات التعجيزية، كما في قضية الكاتب والصحفي محمد دبوان المياحي.

ومن أبرز النماذج قضية الصحفيين الأربعة الذين صدر بحقهم حكم بالإعدام، في مشهد جسّد انتقام الجماعة من المهنة لا من الأشخاص فحسب، كما صدر حكم الإعدام بحق الصحفي الكبير يحيى الجبيحي، وامتد التنكيل ليشمل اثنين من أبنائه، بينما يتكرر المشهد اليوم مع المياحي، الذي حُوكم في محكمة حوثية، وقرأ القاضي الحكم من هاتف محمول أُرسل من غرفة عمليات الجماعة.

ما تمارسه جماعة الحوثي اليوم ضد الصحفيين ليس سوى استمرار لمنهجية الإمامة، التي رأت في القلم خصمًا لا بد من قمعه، فالحسن بن أحمد الهمداني، العالم والجغرافي الكبير، سُجن لسنوات لأنه كتب عن اليمن بعين مستقلة ورفض فكر السلالة، ونشوان الحميري، المفكر المجدد، كُفّر لأنه دعا إلى المساواة والمواطنة، وطالب بحقه أن يكون حاكمًا في بلاده، أما الإمام الشوكاني، فقد تعرّض لإساءات منحطة من سدنة الإمامة الزيدية، لمجرد أنه انتقد العصمة السياسية ورفض احتكار الحكم في عرقية غازية، والتاريخ يحمل الكثير من الشواهد، التي وصلت الى حرق الكهنة لكتب اليمنيين وارثهم ومكتباتهم.

وهو ما فعلته الإمامة الزيدية الهادوية قبل ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م، في مواجهة أصحاب الكلمة الأحرار منذ المحلوي مرورا برجالات الحركة الوطنية الذين تم اطلاق الاتهامات ضدهم، وتخويف الناس منهم بحجة أنهم يريدون تحريف القرآن، وما نالهم من ملاحقات وتشريد وسجن واعدامات، حتى أصبحت كلمة "مدسترين" تهمة إمامية يقصد بها من ينادون بدولة مدنية ودستور للبلاد.

هذه النماذج تؤكد أن استهداف الكلمة الحرة سلوك متجذر في الوعي الإمامي، وأن الحوثي ليس سوى امتداد حديث لذلك المشروع المظلم.

ولم تكتفِ الجماعة بملاحقة الصحفيين داخل اليمن، بل اتجهت إلى شيطنة المعارضين في الخارج، من خلال حملات سبّ وتشهير تتجاوز كل الأعراف اليمنية وأخلاقيات العمل العام.

آ الصحفيون المعارضون في المهجر يُتهمون بالعمالة، ويُشتمون بأقذع الألفاظ، في سلوك يُعبّر عن فزع حقيقي من الحقيقة، وتربية طائفية منحطة ترى في المخالف خطرا يجب سحقه معنويا.

رغم كل أدوات البطش، لم تنجح الميليشيا في إسكات الصحفيين، بل زادتهم إصرارا، والصحافة ستبقى صوت الناس ومرآة الحقيقة، والحوثي، وفكره، وخرافته إلى زوال، فالكلمة الحرة لا تُهزم، والصحفيون سيظلون شهود العصر، مهما ارتفع صوت الظلم، ومهما اشتدت آلة القمع.

كتب/ عبدالله اسماعيلآ 


Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

قرارات رئاسية جديدة مرتقبة طال انتظارها بحضرموت

مراقبون برس | 595 قراءة 

ممنوع تحويل أكثر من هذا المبلغ إلى خارج السعودية ومن يخالف القرار سيتم ترحيله فوراً

نيوز لاين | 563 قراءة 

عاجل : الحوثيون يشنون هجومًا جويًا على محافظة جنوبية

جهينة يمن | 453 قراءة 

تطورات مفاجئة ...جماعة الحوثي تتحدث عن صواريخ ومحركات فرط صوتيه مدمجة بالذكاء الاصطناعي"شاهد"

جهينة يمن | 386 قراءة 

خارطة سعودية لإعادة تقسيم جنوب وشرق اليمن مع رضوخ الانتقالي

اليمن السعيد | 365 قراءة 

صدور قرار مصيري من هذه الجهة سيؤثر على ملايين المستخدمين والذي بدأ تنفيذه من قبل ساعات من الآن هل أنت من ضمن من شملهم القرار سارع في معرفة ذلك

جهينة يمن | 359 قراءة 

قرارات رئاسية جديدة مرتقبة طال انتظارها بحضرموت

جهينة يمن | 356 قراءة 

أول تعليق لرئيس الوزراء "بن بريك" عقب وصوله عدن

جهينة يمن | 309 قراءة 

سيتم ترحيله فوراً...ممنوع تحويل أكثر من هذا المبلغ إلى خارج السعودية ومن يخالف القرار

جهينة يمن | 302 قراءة 

الكشف عن حقيقة اعادة الحجاج اليمنيين من منفذ الوديعه بسبب تأخرهم لموسم الحج

نيوز لاين | 259 قراءة