تصاعد الرفض الشعبي لمعسكرات الحوثي الصيفية .. وعي مجتمعي في مواجهة مشاريع الموت
في الوقت الذي يواصل فيه زعيم المليشيا الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران، عبدالملك الحوثي، الترويج لما يُسمى بالمراكز الصيفية والتي يمكن يوصفها بالمعسكرات الصيفية عبر خُطبه المتلفزة، مخصصًا لها مساحات واسعة من خطابه الدعائي، تُقابل هذه المراكز برفض شعبي متزايد وعزوف مجتمعي غير مسبوق، في دلالة واضحة على تصاعد الوعي بخطورتها الحقيقية ومراميها العقائدية والعسكرية
.
فشل في كسب المجتمع: الدعاية الحوثية لا تقنع أحدًا
رغم ما تبذله المليشيا من حملات دعائية موجهة عبر المساجد والمدارس ووسائل إعلامها، إلا أن الإقبال الشعبي على المعسكرات الصيفية لهذا العام سجّل تراجعًا حادًا، في مشهد يُعبّر عن إخفاق خطير لحملات الترهيب والترغيب التي اعتمدت عليها الجماعة لسنوات.
وبحسب فهمي الزبيري، مدير عام مكتب حقوق الإنسان بأمانة العاصمة، فإن "الوعي المجتمعي تجاه خطورة هذه المعسكرات في تصاعد مستمر، حيث بات الأهالي أكثر إدراكًا لحقيقة ما يجري فيها من تعبئة طائفية وتجنيد للأطفال".
واوضح الزبير أن تدهور الوضع الاقتصادي دفع الكثير من الأسر إلى تفضيل الأعمال الموسمية على إرسال أبنائهم إلى مراكز لا تجلب سوى العنف والتلقين العقائدي.
تكتيكات قسرية: استغلال الفقر والدين والسلطة
تعتمد المليشيا الحوثية على جملة من الوسائل لاستقطاب الأطفال، تبدأ بالإغراءات مثل الوجبات والرحلات والمساعدات، وتنتهي بالتهديد المبطن بحرمان الأسر من الإعانات الإنسانية.
كما تعمد مليشيا الحوثي على استغلال المساجد والخطباء لفرض حضور الأطفال بالقوة الى تلك المعسكرات حيث تستعين المليشيا بوجهاء الأحياء والمشايخ المحليين لشرعنة الاستقطاب القسري، في ظل صمت دولي وانهيار مؤسسات الدولة في مناطق سيطرتها.
وكان فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن قد أكد في تقريره لعام 2021 أن المليشيا تستغل هذه المراكز لتجنيد الأطفال قسرًا، ودمجهم في صفوفها المسلحة ضمن مشروع توسعة قاعدتها القتالية ذات الطابع العقائدي.
أرقام صادمة: آلاف الأطفال ضحايا مشروع الموت
وفق إحصائيات حقوقية صادرة عن منظمة "ميون"، فإن أكثر من 7 آلاف طفل لقوا حتفهم بعد أن تم تجنيدهم في صفوف المليشيا منذ عام 2014 وحتى نهاية 2023. كما لم تلتزم المليشيا بخطة العمل التي وُقعت مع منظمة "يونيسف" في أبريل 2022، ما يعكس استهتارها بالمواثيق الدولية، وتورطها المتعمد في انتهاك صارخ لحقوق الطفولة.
مراكز تتحول الى اختطاف وإخفاء قسري
تزامنًا مع انطلاق المعسكرات الصيفية لهذا العام، رصدت منظمات حقوقية يمنية تزايدًا ملحوظًا في حالات اختفاء الأطفال في العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات الخاضعة لسيطرة المليشيا.
منظمات حقوقية تتهم مليشيا الحوثي باستخدام هذه المراكز كغطاء لاختطاف الأطفال وتجنيدهم قسرًا، حيث يتم استدراجهم من الشوارع والأسواق ومحيط المدارس، قبل أن يتم إخفاؤهم عن أهاليهم بذريعة "دورات دينية" أو "ثقافية".
وأكدت تقارير محلية أن عشرات العائلات لا تعرف مصير أطفالها حتى اليوم، وتخشى التبليغ أو الاحتجاج خوفًا من الانتقام.
نتائج التعبئة الطائفية
تحولت بعض المراكز الصيفية الحوثية إلى حاضنات لتخريج جيل عدواني، حيث سجلت السنوات الأخيرة حوادث صادمة تمثلت في قيام أطفال ومراهقين بقتل آبائهم أو أقاربهم بعد عودتهم من هذه المراكز. وتشير تقارير نفسية إلى أن هذا التحول في السلوك ناتج عن التلقين الطائفي الذي يُمحى خلاله الولاء للأسرة ويُستبدل بولاء أعمى لقادة المليشيا ومفاهيمها المتطرفة.
موجة رفض قبلي وشعبي: إغلاق مراكز بالقوة
في حادثة لافتة، اقتحم سكان حي السنينة في صنعاء منتصف أبريل الماضي ثلاثة مراكز صيفية وأغلقوها، بعد أن اكتشفوا إخضاع أطفالهم لتدريبات قتالية وفكر طائفي.
المراكز الثلاثة كانت ما يسمى"مركز الشهيد القائد"، و"مركز الأنصار"، و"مركز الإمام الحسين".
وقال الزبيري إن هذه الحادثة ليست معزولة، بل تمثل بداية حراك اجتماعي واسع بدأ يرفض المشروع الحوثي الذي يتعارض مع القيم الإسلامية والمجتمعية، ويهدف لصناعة جيل طائفي منزوع الهوية الوطنية.
مناهج الكراهية: من ملازم حسين الحوثي إلى العنف
تعتمد المراكز الصيفية على مناهج مؤدلجة مأخوذة من "ملازم" حسين الحوثي، وتغيب عنها قيم التنوع والتسامح، حيث تُروّج لمفاهيم ما تسمى"الولاية" و"العدو الداخلي والخارجي"، وتُصور المخالفين لها ككفار أو عملاء، وتُسخّر القصص الدينية لترسيخ الطاعة العمياء والعداء للآخر.
وأكدت "الشبكة اليمنية للحقوق والحريات" في بيان حديث أن خبراء إيرانيين يشرفون على تدريب الأطفال داخل تلك المراكز، ويُستخدم الأطفال المجندون كوقود لحروب الجماعة، محذرة من كارثة وطنية وشيكة.
ختامًا: المجتمع يتحرك.. فأين الضمير الدولي؟ في ظل استمرار هذه الانتهاكات، يبدو أن الرهان الأكبر في الوقت الراهن هو على وعي المجتمع اليمني ووسائل الإعلام الحرة لمواجهة هذا الانحدار الخطير.
كما يتطلب ذلك موقف دولي حازم يعيد الاعتبار للطفولة اليمنية، ويضع حدًا لواحدة من أبشع الجرائم الجماعية المقننة التي تُرتكب بحق الأجيال القادمة.
وإذا لم يتحرك العالم اليوم، فقد تخسر اليمن جيلًا كاملًا لصالح مشروع قائم على الموت والطائفية والتبعية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news