الوحدة .. المصير الذي كتبه اليمنيون لوطنهم
قليلةٌ هي الأيام الخالدة في تاريخ الشعوب والتي تحفر حروفها في الذاكرة إلى الأبد، بحيث لا تستطيع الأحداث ولا الأعاصير ولا الأهوال أن تنال منها. والثاني والعشرون من مايو هو اليوم الأكثر خلودًا في تاريخ اليمنيين قديمًا وحديثًا، حيث سيبقى ذلك اليوم عنوانًا كبيرًا سطره اليمنيون بأحرف من نور
.
ففي الوقت الذي كان فيه العالم ذاهبًا في الانقسام والتشظي بالتزامن مع انهيار وتفكك الاتحاد السوفييتي، كان لليمن أن يقول كلمته في تلك اللحظة الحاسمة بالذات، وأن يعلن عن أهم حدث في تاريخه وهو الوحدة المباركة.
وليس غريبًا أن يكون الزعيم الشهيد علي عبد الله صالح هو الجدير بتلك اللحظة الأبدية من عمر التاريخ، وذلك لأن الأحداث العظيمة ليس جديرًا بها إلا العظماء، لحظة عانقت صنعاء عدنها وعادت خارطة اليمن المجتزأة المشطورة إلى عهدها الأول يمنًا واحدًا موحدًا.
في هذا اليوم وقف الزعيم علي عبد الله صالح ومعه المخلصون من أبناء الوطن يرفعون راية اليمن عاليًا، كانت لحظة اختلطت فيها مشاعر الفرح والدمع، وقد انتظرها اليمنيون قرونًا وأجيالًا بأكملها من أعمارهم وأحلامهم وآمالهم وآلامهم وهي تتجلى أمام أعينهم ولا يملكون إلا أن يذرفوا دموعهم والعلم يرفرف خفاقًا إلى الأبد.
لم يكن يوم 22 مايو عام 1990، سوى تحقيق لحلم الشعب اليمني الراسخ في استعادة وحدته المنشودة على يد ابن اليمن البار الزعيم الشهيد علي عبد الله صالح. الوحدة التي ناضل من أجل تحقيقها أمدًا طويلًا ضد الاستعمار والإمامة وضد كل أشكال التفرقة والتمزق والهيمنة، و قرونًا من التشطير والتشرذم الذي صنعته الإمامة والاستعمار.
لقد كانت الوحدة اليمنية (في 22 مايو 1990) بحق الهدف الأسمى لثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر المجيدتين، وكانت مكسبًا تاريخيًا عظيمًا، ومطلبًا جماهيريًا قدم الشعب اليمني شمالاً وجنوباً في سبيله الأرواح، منذ بداية ثورة 1948م وحتى ثورة 1955م وصولاً إلى ثورة 26 سبتمبر 1962م التي انتصرت على الحكم الإمامي الكهنوتي، ثم تلتها ثورة 14 أكتوبر 1963م التي تجسدت بالنصر على الاستعمار، واندحاره في 30 نوفمبر 1967، بالاستقلال المجيد، بفضل صمود المناضلين الأشاوس من أبناء اليمن شمالاً وجنوباً آنذاك.
وبالتالي فإن الوحدة تمثل أسمى أهداف أبناء الشعب اليمني، مقترنة بالحرية والعدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان، تماما كما أرسى مبانيها الشهيد الخالد الزعيم علي عبد الله صالح.
وفي ذكراها الخامسة والثلاثين لا يسع اليمنيون إلا أن يقفوا وقفة إجلال وإكبار لذلك الحدث التاريخي وللرجال الذين صنعوه كمكسب شعبي عظيم ومنجز خالد يحاول العابثون النيل منه فلا يستطيعون لأنهم هم ومشاريعهم وأجنداتهم أعجز من أن ينالوا من تلك الحقيقة الراسخة، على الرغم من كل ما فعلوه باليمن واليمنيين طيلة عقد من الزمان.
يتذكر اليمنيون تلك اللحظة التي مر عليها خمسة وثلاثون عامًا فيجدونها هي اللحظة التي كتبت المصير وحددت لليمنيين بوصلتهم الحقيقية وعاشوا معها إلى الأبد.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news