الجنوب ڤويس – تقريرخاص
بينما تتهاوى مؤسسات الدولة واحدة تلو الأخرى في العاصمة المؤقتة عدن، وبينما تزداد حياة المواطنين في الجنوب قسوة وبؤسًا، تلوح في الأفق ملامح تحرك حضرمي غير مسبوق، وكأن أبناء الوادي والساحل قرروا أخيرًا أن يطرقوا باب “الخيار الأخير”.
لكن السؤال الأهم ليس عمّا يريده الحضارم، بل: ما الذي أوصل الجنوب كلّه إلى هذه اللحظة الحرجة؟
أولًا: صراع نفوذ إقليمي على حساب الشعب
لم يعد خافيًا أن الجنوب تحوّل إلى ساحة تجاذب إقليمي بين السعودية والإمارات، لكن بأساليب ناعمة، تتسلل عبر أدوات محلية ومشاريع سياسية مشوّهة:
الإمارات زرعت أدواتها في عمق المشهد الجنوبي، وعلى رأسها المجلس الانتقالي الجنوبي، محولة عدن إلى مركز نفوذ أمني واقتصادي، يخدم طموحاتها العابرة للحدود.
السعودية، من الجهة الأخرى، تحاول كبح هذا التمدد عبر دعم مكونات محلية متفرقة، بدءًا من قوى داخل الانتقالي، مرورًا بأذرع في الشرعية، وصولًا إلى مكونات تقليدية كـ”حلف قبائل حضرموت”.
وفي النهاية، الكل يلعب، لكن من يدفع الثمن؟ المواطن الجنوبي وحده.
ثانيًا: خطة التجويع.. سياسة بغطاء الفشل
لا يمكن تجاهل أن ما يجري في الجنوب من انهيار في الخدمات، ليس مجرد فشل إداري عابر، بل سياسة ممنهجة، تمارس بصمت:
كهرباء تنهار في عز الصيف، مياه مقطوعة، رواتب منسية، أمن مفقود، بنية تحتية تُسحق تحت عجلات الفوضى… كلها ليست مصادفات.
لم يكن مستحيلًا بناء نموذج دولة ناجحة في عدن… لكن يبدو أن التجويع أصبح أداة للسيطرة، ولإخضاع الشارع، وضمان ألا يفكر أحد في الخروج من الطوق.
ثالثًا: حضرموت تقلب الطاولة
في خضم هذا المشهد الكارثي، خرجت حضرموت عن صمتها. مشروع الحكم الذاتي ليس مجرد إعلان سياسي، بل صرخة غضب مكتومة منذ سنوات.
الحضارم سئموا من أن يُعاملوا كورقة تفاوض، بينما تُنهب ثرواتهم وتُقصى إرادتهم.
وجدوا أنفسهم محاصرين بين سلطة غير مبالية، وتحالفات لا ترى فيهم إلا رقمًا على طاولة المصالح.
واليوم… قرروا أن يمثلوا أنفسهم.
الجنوب في قبضة تجاذب مرير، والحضارم يكسرون القيد
الذي يحدث ليس اختلاف رؤى، بل صراع نفوذ وحرب ناعمة تُدار بالتجويع والفوضى واغتيال الأمل. وبينما يشتد الخناق على رقاب الناس، تخرج حضرموت لتعلن: كفى.
إنه تحرك لا يحمل طابع الانفصال، ولا يُدار برغبة التمرد، بل إعلان عن حق مسلوب، وخيار لا بديل عنه في مواجهة الانهيار الشامل.في الجنوب اليوم من قرر أن ينهض، ولو وحده.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news