سبأ بين ضفتين.. دهشة يمني في مرايا الحبشة!

     
البلاد الآن             عدد المشاهدات : 226 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
سبأ بين ضفتين.. دهشة يمني في مرايا الحبشة!

حسام الحفاظي

حين أتوقف أمام آية “لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ في مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ…” (سبأ: 15)، ينتابني شعور بهشاشة الزمن واتساعه، كأن كلا الجنتين يجلسان على أكتاف اليمن والحبشة، يضمُان بين جدولهما «البن واللبان والعسل» الذي أرخ له العهد القديم وجنّتي اليمن والحبشة التي خُطت هنا دعوة للشكر والاعتراف بجميل النعمة.

في خيالي، تنمو جنتان عن يمين اليمن، وغرباً وراء البحر الأحمر تمتد الأخرى فوق ربوع الحبشة؛ فلسفة تأخذني بعيداً في رحلة عبر أعماق التاريخ، حيث لم يكن سد مأرب محصوراً داخل ضفائر الوادي، بل أرسى جسوره على صخور أكسوم، وساهمت النقوش السبئية في إثبات ذلك التمدد الحضاري. ففي عام 2020، أعلنت مصادر محلية في الصومال عن اكتشاف نقش مسندي يعود لأكثر من 3,000 عام على ساحل القرن الأفريقي، ما يبرهن على انتشار الأبجدية السبئية حتى هناك.

ومع تلك النقوش التي تحدثت ببراعة عن مطر وعطايا الآلهة، تحول خط المسند الذي كان يُكتب من اليمين إلى اليسار إلى “الجعزي” في الحبشة، بحركاته الصوتية واتجاهه من اليسار إلى اليمين، فنشأت لغة جديدة تتشارك في أسراب الحروف مع اللغة السبئية، وكانت اليمن والحبشة تشتركان في نبرة صوتية واحدة.

وفي ذات ليل يمني، لا يتركني حلم “قصر سليمان” الذي ترويه الأساطير الشعبية، حيث يقولون إن النبي سليمان – صاحب القدرة على مخاطبة الجن والرياح – مر على اليمن، وبنى فيها قصوراً وضاحية من الصخر، قبل أن يواصل مسيره إلى القدس، تاركاً وراءه عقداً من الحكايا التي تمسح الغبار عن وجوه النخيل وترسم ملامح بركة سليمانية في أرض العرب.

أما في جبال سيميان بإثيوبيا، فيُفاجئني منظر “الوعل” واقفاً على حواف صخرية، قرنه الطويل يلمع تحت شمس الصباح، يذكرني بنقوشه التي نقشها السبئيون على جدران مأرب، قبل ثلاثة آلاف عام، كرمز للصمود والجمال المشترك بين ضفتي البحر الأحمر.

وهكذا، حين ألتفت من جديد إلى آية الجنتين، أرى في اليمن جنتي اليمين، وفي الحبشة جنتي الشمال؛ لا يفرقهما البحر، بل يربطهما قلم مسندي انطلق من مأرب وخطا سيرته بماء الأنهار في أرض أكسوم، والوعل يركض على قمم الجبال في آنٍ واحد. كم أتمنى لو يجمعنا التاريخ ويشيد فوق صدورنا جسراً لا تهدمه حدود، فتظلّ دهشتي كياناً يمنياً ينبض بوفاء لماضيٍ واحد وروح مشتركة لا تعرف الانطفاء.

وحياً، من نقاش ثري مع القيل عادل الأحمدي

تعليقات الفيس بوك

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

عاجل : توجيهات رئاسية صارمة لجميع الوزراء بإخلاء عدن فورًا وتحذير من دعم تمرد المجلس الانتقالي

يني يمن | 765 قراءة 

مصادر تكشف هوية مرتكب مجزرة شارع خولان في صنعاء

تهامة 24 | 576 قراءة 

تصريح مفاجئ للانتقالي عبر العربية حول حضرموت والمهرة يثير تساؤلات عن الانسحاب

نيوز لاين | 535 قراءة 

الجبواني يوجه رسالة قوية للسعودية بشأن حضرموت والمهرة

نيوز لاين | 368 قراءة 

بن حبريش يصرّح مجدداً موضحاً ما يحدث في حضرموت ويكشف مكان تواجده ومصير قواته !

يمن فويس | 362 قراءة 

انفراج كبير في ملف المرتبات.. خطوات عملية خلال الساعات الماضية

نيوز لاين | 346 قراءة 

تعيينات عسكرية: تغيير قيادة اللواء 315 الذي سيطر عليه المجلس الانتقالي

المشهد اليمني | 336 قراءة 

وزير الدفاع يصدر قراراً بتعيين قائداً للواء 315 مدرع بحضرموت بديلاً للمنشق !

يمن فويس | 308 قراءة 

بـ 4 آلاف ريال فقط.. السعودية تكشف عن تسهيلات جديدة للحصول على الإقامة الدائمة لأول مرة

نيوز لاين | 298 قراءة 

تسهيلات جديدة للزيارة العائلية في السعودية… ومدة إنجاز الطلبات تنخفض بشكل غير مسبوق

نيوز لاين | 291 قراءة