التحركات الدولية تجاه اليمن تكشف دور الحوثيين في عرقلة جهود السلام
في ظل تعثر المسار السياسي في اليمن وتدهور الأوضاع الإنسانية والاقتصادية في البلاد، تشهد الساحة الدولية تحركات مكثفة لإعادة إحياء عملية السلام المتعثرة، وسط تأكيد متزايد من القوى الإقليمية والدولية أن ميليشيا الحوثي تمثل العقبة الأكبر أمام إنهاء الحرب المستمرة منذ نحو عقد من الزمن.
مبادرات متعددة... واستجابة حوثية سلبية
وعلى مدار الأعوام الماضية، قاد المجتمع الدولي سلسلة مبادرات سياسية لحل الأزمة اليمنية، برعاية الأمم المتحدة، ودعم مباشر من المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان والولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي.
وكانت أبرز هذه المبادرات ما أعلنته المملكة العربية السعودية في مارس 2021، والتي تضمنت وقف إطلاق نار شامل، وفتح مطار صنعاء، والسماح بدخول المشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة، والدعوة لمفاوضات سياسية برعاية أممية. ورغم الترحيب الواسع من الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، رفضت ميليشيا الحوثي هذه المبادرة، وواصلت تصعيدها العسكري والسياسي.
الحوثيون... عرقلة ممنهجة وموقف متشدد
وبحسب تقارير صادرة عن الأمم المتحدة ومراكز أبحاث دولية، فإن مليشيا الحوثي تتعمد إفشال كافة المساعي الرامية لإنهاء الصراع، متخذة من المفاوضات مجرد وسيلة لكسب الوقت، وتعزيز نفوذها على الأرض. كما أن الخروقات المتكررة التي ارتكبتها الميليشيا في اتفاق ستوكهولم، ورفضها تمديد الهدنة الأممية عام 2022، تؤكد بشكل قاطع غياب الإرادة الحقيقية للسلام لدى قيادة الجماعة.
في المقابل، استخدمت المليشيا فترات التهدئة لإعادة التسلح، وتوسيع عمليات تجنيد الأطفال، وشن هجمات طالت منشآت مدنية في اليمن والسعودية والبحر الأحمر، إلى جانب الاستيلاء على موارد الدولة وتوظيفها لخدمة أجندتها الطائفية.
مطالبات دولية بتصنيف الجماعة إرهابية
وتزايدت خلال الفترة الأخيرة المطالبات الدولية بتبني مواقف أكثر صرامة تجاه ميليشيا الحوثي، بما في ذلك إعادة تصنيفها كمنظمة إرهابية، خاصة بعد توثيق انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، وتهديدات لأمن الملاحة الدولية.
وقد أدرجت وزارة الخزانة الأمريكية في فترات سابقة عدداً من قادة الحوثيين ضمن قوائم العقوبات، ووجهت لهم اتهامات بارتكاب جرائم حرب، وعرقلة جهود الإغاثة الإنسانية، إلا أن المجتمع الدولي لا يزال مطالباً بخطوات أكثر حزمًا لردع هذه المليشيا المسلحة التي تتغذى على الدعم الإيراني المباشر.
نحو سلام حقيقي
ومع استمرار تعنت الحوثيين، أصبح من الواضح أن تحقيق سلام دائم في اليمن لن يكون ممكناً إلا من خلال مواجهة صريحة مع الأطراف التي تسعى لإفشال الحل السياسي. ويؤكد مراقبون أن عودة الدولة اليمنية واستقرار المنطقة يتطلبان تفعيل أدوات الردع الدولية، وتعزيز دعم للقوى الوطنية والحكومة اليمنية، وتقديم الميليشيات المسلحة للمساءلة القانونية.
إن أي تجاهل لدور الحوثيين في تعميق معاناة اليمنيين ونسف جهود السلام، لن يؤدي إلا إلى مزيد من الفوضى والانقسام، ويطيل أمد الحرب التي دفع اليمنيون ثمنها الباهظ.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news