بقلم/عبدالله العطار
على مدى 26 عاما من المسيرة التربوية والعطاء المتواصل، قدّم العديد من الإداريين في المكاتب التربوية والمعلمين في الميدان نماذج مضيئة وأمثلة ناصعة في التفاني والإبداع. لم يقتصر دورهم على أداء المهام اليومية الروتينية، بل تجاوزوه إلى تقديم بحوث تربوية رائدة، ورؤى تطويرية أثبتت فعاليتها، ومشاركات علمية ومجتمعية كان لها وقع وأثر واضح في تحسين وجهة جودة التعليم.
ومع ذلك، يظل هذا العطاء، في الغالب من الأحيان، عرضة للتجاهل والنسيان من قبل بعض الجهات المعنية بهذا القطاع.
إن تجاهل الكوادر الكفؤة ليس مجرد خلل إداري عابر، بل هو هدرٌ لطاقة وطنية ثمينة. ..فحين لا يكافأ الإبداع، ولا يُحتفى بالإنجاز، تتسرب مشاعر الإحباط إلى نفوس العاملين، وتتضاءل روح المبادرة، ويخسر الميدان التربوي عناصره الأكثر تأثيراً. فالمعلم أو الإداري الذي قضى عقوداً في تطوير نفسه، وتحقيق نتائج ملموسة، يستحق أن يُقدَّر لا أن يهمَّش.
الأسوأ من ذلك، أن بعض هذه الكفاءات لم تنل فقط حقها من التقدير، بل تمت مواجهتها أحيانًا بعدم الاعتراف أو بإقصاء غير مباشر، رغم أن سجلها المهني حافل بالتميز. وهنا يبرز التساؤل المشروع: كيف يمكن أن ينهض التعليم إذا كانت بيئته تنفر المبدعين وتُغفل أصحاب الكفاءة؟
إن ما تحتاجه المنظومة التربوية ليس مجرد قرارات ترقي وظيفية، بل منظومة قيم تنصف أصحاب الخبرة، وتحتضن المبدعين، وتفتح الأبواب أمام مشاركتهم في صنع القرار وتوجيه دفة التطوير.
فالعطاء لا يقابَل بالتجاهل، والجهد لا ينبغي أن يُنسى بمجرد تغيّر إداري أو تبدّل في السياسات.
وقد عبّر الكاتب التربوي عبدالكريم بكار عن هذه الظاهرة بقوله:
“المجتمعات التي تُهمّش المبدعين، تفتح أبوابها للركود، وتغلق نوافذها على التغيير.”
كما قال أحد القادة التربويين في لقاء تربوي:
“التكريم لا يُمنح لمن يرفع صوته، بل لمن يرفع مستوى عملهوعلمه، والميدان أدرى بمن أنجز، إن أُعطي فرصة ليبدي رأيه.”
إن إنصاف الكفاءات هو واجب أخلاقي ومهني، بل هو أساس لتقدم أي مؤسسة. وآن الأوان أن تراجع الجهات المعنية آليات التقييم والتكريم، لتكون منصفة، عادلة، شاملة، تعيد لأصحاب العطاء مكانتهم، وتبعث في الميدان روحاً جديدة عنوانها الوفاء للمنجز، والتقدير للإنسان.
تعليقات الفيس بوك
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news