عدن: بعد فترة توقف أعقبت رحلة علاجية للعميد علي عامر في مصر، استأنف منتدى العميد نشاطه أمس الجمعة الموافق 10 مايو 2025م بعقد ندوة موسعة استضافت نخبة من الأكاديميين والسياسيين والاجتماعيين من مختلف محافظات الجنوب. دارت محاور الندوة بشكل أساسي حول “أهمية وجود قيادة في الداخل يلتف حولها المواطنون لإنقاذهم من الوضع الكارثي” الذي يرزحون تحته نتيجة للتدهور الاقتصادي والخدماتي المتفاقم في عدن والمحافظات المحررة.
افتتح العميد علي عامر، رئيس المنتدى، فعاليات الندوة بكلمة رحب فيها بالحضور، مستعرضًا تفاصيل لقائه الأخير مع رئيس الحكومة السابق. وأشار إلى أن رئيس الحكومة السابق، أحمد عوض بن مبارك، قد أعرب له عن شكواه من تقييد صلاحياته وعدم تمكينه من القيام بدوره المنشود. وأكد بن مبارك للعميد عامر أن أزمة الكهرباء قابلة للحل الجذري ولكنها تتطلب إرادة حقيقية، مشيرًا إلى خطوات عملية بدأ اتخاذها للحد من النفقات بهدف الوصول إلى حل كامل للمشكلة في العام القادم، إلا أنه أكد على وجود جهات متعددة عرقلت جهوده.
وذكر العميد علي عامر أن الوضع القائم يحتم على الرباعية قيامها بدورها
بدوره، قدم الدكتور أكرم محمود مداخلة قيمة تناولت جوهرية وجود قيادة فاعلة ومفهوم القيادة القادرة على إحداث التغيير الإيجابي. وسلط الدكتور محمود الضوء على الأوضاع المعيشية الصعبة التي يواجهها المواطنون كنتيجة مباشرة لغياب قيادة قادرة على لجم هذا التدهور المستمر.
محور لافت آخر في الندوة تمثل في الدعوة التي أطلقتها نساء الجنوب تحت شعار “تعبنا” للقيام بـ “ثورة النسوان”. وقد تناول الدكتور عوض العلقمي هذه المبادرة التي من المقرر أن تتجسد في وقفة احتجاجية عصر اليوم السبت في ساحة خور مكسر. واستند الدكتور العلقمي في مداخلته إلى الدور القيادي البارز للمرأة عبر التاريخ، مستشهدًا بالملكة بلقيس ونموذجها في إدارة شؤون الحكم واتخاذ القرارات المصيرية، مؤكدًا على الأهمية القصوى لهذه الدعوة النسائية في المرحلة الراهنة.
لم يغفل المشاركون مناقشة أداء الحكومة المكلفة ورئيسها السابق، حيث عبروا عن استيائهم العميق من عدم تمكينه من صلاحياته الدستورية وعرقلة مساعيه الرامية إلى إيجاد حل جذري لأزمة الكهرباء. وحمل الحاضرون المجلس الانتقالي الجنوبي والشرعية مسؤولية التدهور الملموس في الأوضاع المعيشية والخدمية، مؤكدين على أن الفشل سيستمر طالما لم يشهد التغيير سوى رأس الحكومة.
كما عبر العديد من الحاضرين عن استيائهم الشديد من “فشل المجلس الانتقالي” وغياب رئيسه عن القيام بدوره القيادي، منتقدين سفره المتكرر وتجاهله للمعاناة التي يكابدها المواطنون في الجنوب.
من جهته، أكد الأستاذ علي شنظور، رئيس منبر عدن للحوار، على أهمية استيعاب الدروس المستخلصة من تاريخ الجنوب، مشيرًا إلى كتاب “رفيق سالمين” وما شهده الجنوب من انقسامات عميقة في الماضي. وأوضح شنظور أن الوضع الراهن في الجنوب لا يرقى لمستوى الثورة أو الدولة الحقيقية، معربًا عن تخوفه من تكرار أخطاء الوحدة السابقة مع ما وصفه بـ “دولة وقبيلة”.
وشدد شنظور على أن “قيادة البشر مسؤولية عظيمة”، مستعرضًا تجربة الرئيس الراحل سالمين كنموذج للقيادة والثورة والتحول نحو بناء الدولة. وروى قصة مؤثرة عن زيارة صديقه الصلاحي لمنزل والدة سالمين المتواضع، وكيف كان رد سالمين عندما عاتبه صديقه على عدم بناء منزل أفضل لوالدته، حيث نقل شنظور عن سالمين قوله إن والدته فضلت البقاء في منزلها القديم، واكتفى سالمين بطلب بناء حمام لها وخصم تكلفته من راتبه، معتبرًا هذه الواقعة “قدوة علينا أن نسترشد بها”.
كما أشار بن شنظور إلى ما كتبه صالح فاضل الصلاحي عن دخول “مزايدين متطرفين” بعد الاستقلال وتعاملهم العنيف مع الثوار، مؤكدًا على وجود “أوجه تشابه وفرق في التعاطي القيادي” بين الماضي والحاضر.
وتناول الحوار أيضًا دور لجنة الحوار ومشاركة منبر عدن للحوار فيها وما تحقق من نتائج. واستعرض بن شنظور جهود المنبر خلال الفترة السابقة والمخرجات التي توصل إليها، مشددًا على أهمية اللقاءات المستمرة وإيجاد قواسم مشتركة للإسهام في تعزيز المشروع الوطني.
وأكد بن شنظور أن “الأوضاع والأزمات ليست وليدة اليوم ولكنها سابقًا كانت أفضل”، مطالبًا الجميع بمطالبة ممثلي الجنوب في مجلس القيادة الرئاسي بضرورة إيجاد حلول جذرية للأوضاع المتدهورة.
وفي ختام الندوة، أكد المشاركون بالإجماع على ضرورة تضافر الجهود والضغط من أجل إيجاد قيادة وطنية داخلية قادرة على تحمل المسؤولية وانتشال المواطنين من الأوضاع الكارثية الراهنة.
وقد شهدت الندوة العديد من المداخلات الهامة التي تناولت معاناة المواطنين اليومية. حيث استعرض الأستاذ محمد علي الحريبي في مداخلته أهمية وجود قيادة وطنية في الداخل قادرة على إحداث تغييرات حقيقية، مشيرًا إلى أن الأوضاع بلغت حدًا لا يطاق بعد أن وصل الناس إلى حافة الجوع والتسول.
وأشار الحريبي إلى حجم الكارثة من مختلف جوانبها، ومن بينها تفشي الفساد في القضاء، وشدد على ضرورة إحداث تغييرات جذرية في تعاطي الجنوبيين مع الواقع الراهن وعدم الاستسلام له.
من جهته، تساءل المهندس عبدالناصر شيخ عن التكهنات التي تشير إلى إمكانية تهيئة بن مبارك لتولي منصب رئيس الجمهورية لاحقًا، ثم تطرق إلى الوضع من الزاوية السياسية، مؤكدًا أن تنصل بعض القيادات عن مسؤولياتها يعتبر أمرًا يستدعي قراءة متأنية، خاصة وأن هذه القيادات تدعي تمثيل الشعب، فكيف تتركه في هذا الوضع المزري؟
وقد طرح الأستاذ سعيد اليهري والأستاذ سالم الجفري فكرة أهمية وجود مشروع رديف للمجلس الانتقالي، الأمر الذي قوبل بحالة من الرفض من قبل المشاركين.
حيث أوضح الشاعر شمسان أنه يتعين على المجلس الانتقالي أن يمارس دوره كمسؤول في الدولة وفقًا للواقع القائم، وعدم وضع المواطن في حالة تناقض يمارس فيها دور الدولة والثورة في آن واحد كشريك في السلطة والمسؤولية.
واختتم الدكتور عمر السقاف المداخلات بالتطرق إلى جوانب متعددة شملت تدابير المعارضة والواقع السياسي الجنوبي الهش وانعكاساته، وشرح الأسباب والمعوقات التي تواجه الجنوبيين في هذه المرحلة.
ويعتذر معد التقرير عن عدم ذكر بعض الأسماء التي شاركت في المداخلات.
أهم المخرجات والتوصيات:
الإجماع على ضرورة وجود قيادة وطنية داخلية فاعلة وموحدة قادرة على تحمل المسؤولية وإيجاد حلول للأوضاع الكارثية.
التأكيد على أهمية الدعوة النسائية لـ “ثورة النسوان” كحراك شعبي للضغط من أجل تحسين الأوضاع.
توجيه انتقادات حادة للحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي وتحميلهما مسؤولية التدهور المستمر في الأوضاع المعيشية والخدمية.
الدعوة إلى استيعاب دروس التاريخ الجنوبي وتجنب تكرار أخطاء الماضي في بناء الدولة والشراكات الوطنية.
مطالبة ممثلي الجنوب في مجلس القيادة الرئاسي بتحمل مسؤولياتهم والعمل بجدية لإيجاد حلول جذرية للأزمات المتفاقمة.
التأكيد على أهمية استمرار الحوارات واللقاءات بين مختلف القوى لإيجاد قواسم مشتركة وتعزيز المشروع الوطني.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news