يحتفل العالم في الثامن من مايو من كلّ عام، باليوم العالمي للحمار، وخصوصًا المنظمات والجمعيات المهتمة بحماية حقوق الحيوان والرفق به.
للحمار بصبره وذكائه، وبمنكر صوته، وصلابة موقفه في الشدائد، تاريخه المثقل من الشقاء والنكد الذي رافق البشرية منذ أن دجنته.
ذكر الحمار في القرآن في أكثر من موضع، حمل الأسفار تشبيها بمن حملوا التوراة، وقد أنسحب معنى هذه الأسفار على المسؤولية التي يتحملها البعض ولا يعرفون قدرها.
الموضع الثاني الذي ورد ذكر الحمار فيه، اثبات البعث، للذي مر على القرية الخاوية، منكرًا لإحيائها من جديد، فبعث الله الحمار الذي كان عظامًا أمام الرجل لثبت صحة البعث.
.
الموضوع الثالث، الآية القرآنية التي وضعت الحمار ضمن المستأنس من الحيوانات الخيل والحمير والبغال.
والموضع الأخير ورد في ذكر تلك الحمر التي فرت من القسورة.
ومن هذه الشواهد القرآنية نجد أن القرآن استنكر صوت الحمار فقط.
الحمار في الشعر العربي
الشاعر العربي أو الشاعر عمومًا ابن بيئته، وعلاقة الشاعر العربي علاقة يسودها الألفة والحذر ليس مع الحيوانات المستأنسة بل حتى مع الحيوانات المفترسة كالذئب الذي استضافه البحتري:
وَأَطلَسَ عَسّالٍ وَما كانَ صاحِباً دَعَوتُ بِناري موهِناً فَأَتاني
فَلَمّا دَنا قُلتُ اِدنُ دونَكَ إِنَّني وَإِيّاكَ في زادي لَمُشتَرِكانِ
أشهر بيت شعري قالته العرب:
إذا ذهب الحمار بأم عمرو
فلا رجعت ولا رجع الحمار
لأحمد شوقي، في شوقياته، شواهد شعرية ذكر فيها الحمار ممدوحًا تارة مذمومًا أخرى منها:
سَقَطَ الحِمارُ مِنَ السَفينَةِ في الدُجى فَبَكى الرِفاقُ لِفَقدِهِ وَتَرَحَّموا
حَتّى إِذا طَلَعَ النَهارُ أَتَت بِهِ نَحوَ السَفينَةِ مَوجَةٌ تَتَقَدَمُ
قالَت خُذوهُ كَما أَتاني سالِماً لَم أَبتَلِعهُ لِأَنَّهُ لا يُهضَمُ
وللبردوني بيت شعري طريف يجيب به على المحقق في سخرية واضحه:
أما كنت يومًا طالبًا كنت يا أخي وقد كان أستاذ التلاميذ طالبي
قرأت كتابًا صرت بعده حمارًا حمارَا لا أعيي حجم راكبي
وللشاعر أحمد مطر قصائد كثير وظف فيها الحمار توظيفًا شعريًا سياسيًا
الشواهد الشعرية كثيرة مثلها مثل الأمثال التي قيلت في الحمار، وحكايات جحا، وغيرها.
لتوفيق الحكيم ثلاثة كتب بهذا الخصوص، حماري قال لي، وحمار الحكيم، وهي من الكتب، التي وظفت الحمار كشخصية رئيسية، بشقيها الساخر والفلسفي. وثالثها الحمير (مسرحية).
ومادمنا نتحدث عن الحمار في اليوم العالمي الذي أختارته له الأمم المتحدة، فلا بد لنا أن نتطرق إلى:
أشهر الحمير المرافقة للعملية التربوية والتعلمية في منطقة الحجرية قديمًا الشمايتين حديثًا، محافظة تعز. حمار الأستاذ فارع عبده فارع العزعزي.
كان يصطحبه عندما بدأ يدرس في مدرسة النور بحضارم أديم (1960_ 1964)، واستمر معه هذه المدة بقطع المسافه بين العزلتين.
في يوم من أيام رمضان وبالذات في اليوم التاسع منه من عام 1383، أمتطى الأستاذ حماره، وكان يومًا غائمًا شديد البرودة، مصحوبًا بزخات المطر، وما أن وصل إلى المدرسة قاطعًا مسافة تقترب من العشرة الكيلومترات، حتى فوجأ الاطأستاذ بعدم وجود الدرسه (الطلبة) وهنا نجد هذا الحال / الموقع، يكتب الاستاذ شعرًا ساخرًا فيه من الفكاهة والطرافة ما فيه، وفيه من التوجع والتأوه والحسرة وبؤس الحال مافيه، اضافة إلى نقد الواقع التعليمي أنذاك.
لخصت القصيدة – بين الفصيح والعامي – واقع الحال بدءًا برمزية تاريخ اليوم والشهر والعام الهجري بالرقم المقابل لأحرف الترتيب الأبجدي أبجد هوز (الخميس 9 رمضان1383 هجرية، الموافق للعام 1963و 1964م).
فلنقرأ معًا:
بيوم الخميس لتسع مضت
من الصوم لم ألق ما ألبسه
بعام أشير إلى رمزه
بجيم وفاء بلا هلوسةْ
وذلك من بعد غين مضى
وشين يعد بلا غطرسةْ
خرجت من البيت بين الغمام
أسوق حماري إلى المدرسة
وقطر الغمام وبرد شديد
يثلِّج جسمي وقد يبسه
لقد سقت رحلي بعنف لكي
أشق الطريق إلى الدَّرَسَة
وكنت أقطط في حالة
كأني أداوي أولي الوسوسة
ْ
وتصتك سني من رعشة
وما بيَ شيء من الأبلسة
ولكن من البرد صار الفضا
كسمِّ الخياط وما أبأسه
وأغشى الغمام علي وقد
مشيت بخطي على عسعسة
وشاكت طريقي من وحل
فسار الحمار على كرفسة
فحيناً يسوي قوائمه
وحيناً يطحوسها طحوسة
وان رفع الرأس قلت قوى
وينتابني الحزن إن نكسه
يحاول قطع المسافة جريا
ولكنَّ ذا الظرف قد حبسه
فخارت قواه برغم السياط
ولمَّا يبالي بأن أرفسه
وقد كنت أشفق مما يلاقي
ويضطرني الوضع أن انخسه
فضاق اصطباري لما نابني
فيا لك من يوم ما أنحسه
ولمَّا وصلت إلى مقصدي
وجدت المكان بلا درسة
فعدت إلى منزلي غاضباً
على العمر ضاع علي أنفسه
وفكري يدور على قلقٍ
لدهرٍ كهذا وما أتعسه
وأمَّا حماري فقد ناله
من البرد ما يحبسن نفسه
وصار غريقاً بتفكيره
كمستثمرٍ حظه عاكسه
فيارب رحماً لحالي فقد
تقضَّت حياتي على طلفسة
ومالي رجاء بغيرك في
كتاب الثلاثي ولا البهنسةْ
مواقف طريفة مع الحمار
الشاعر الفارسي عمر الخيام، الذي كان يؤمن بتقمص الأرواح، كان له موقفًا طريفًا مع أحد الحمير الذين كانوا ينقلون فوق ظهورهم الأحجار عندما كانوا يرممون جامعة نيسابور:
(التي درس فيها عمر الخيام واصبخ استاذا فيها).
تقول الحكاية (بأن حمارا ما توقف( تنح) عند البوابه ورفض الدخول، ولم تجدِ معهُ كلُّ الوسائل والطرق وحتى الضرب المبرح للدخول، وكان عمر الخيام موجودا هناك فتقدم من هذا الحمار وبدأ يلاطفهُ ويتحدث معه ويهمس في أذنهِ وَيُوَشوشُهُ،وفجأة لانَ الحمارُ ودخلَ من بوَّابة الجامعة بإرادتهِ وبشكل طبيعي، وعندما سئل عمر الخيام قال لهم:
هذا الحمار كان في الجيل السابق أستاذًا كبيرًا ومحاضرًا في جامعة نيسابور، وبعد أن مات تقمَّصَ هذا الحمار وحلت روحه فيه، ولهذا كان يرفض الدخول إلى حرم الجامعة ويجد في هذا الأمر رهبة وحقارة، وعندما كلمتهُ لانَ واقتنعَ بالدخول لأنه يعرفني).
وهناك من دعا الحمير ليكونوا اتحادًا عالميًا، وهو الشاعر السوري فاضل الأصفر حيث قال:
سَأدعُوها الحميرَ إلى اتّحَادٍ لِرَدعِ الظلمِ في الزَّمَنِ الصَّفيق
لقد آنَ الآوانُ إلى انطلاق ٍ لِتحرير ٍ مِنَ القيدِ الوَثيقِ
أنادي يا حميرَ الكونِ هَيَّا لقد آنَ الأوانُ إلى السُّمُوقِ
أشتهر الخليفة الأموي العاشر بلقب مروان الحمار..
وجاء في كتاب الحيوان للجاحظ: أن موسى قال للخِضْر وهو صاحبُه: “أيُّ الدواب أحبُّ إليك وأيُّها أبغض؟” قال: “أُحِبُّ الفرسَ والحمارَ والبعير لأنها من مراكبِ الأنبياء، وأبغِضُ الفيلَ والجاموس والثور.
الجحش ابن الحمار، من انثاه الأتان بينما البغل ابنه هجينا من الفرس.
وقد شاع بين بني الإنسان. القول: فلان حمار، وفلانة حمارة، وفلان جحش، وفلان بغل) كرموز للغباء.
وذمًا قال فاضل الأصفر في الحمار:
إذا الخيل قد قلت.. تحلت حمير الحي بالسرج الأنيق
إذا ظهرَ الحمارُ بزيِّ خيلٍ تكشَّفَ أمرُهُ عندَ النّهيقِ
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news