يصادف يوم غد، الرابع من مايو 2025، الذكرى الثامنة لتأسيس المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي أُعلن عنه في العاصمة عدن عام 2017، ككيان سياسي حمل على عاتقه تمثيل تطلعات شعب الجنوب وحقه المشروع في استعادة دولته وهويته الوطنية. وتأتي هذه الذكرى في وقت بالغ الحساسية، حيث تتزاحم التحديات وتتفاقم الأزمات في عدن وسائر محافظات الجنوب، في ظل تدهور اقتصادي ومعيشي غير مسبوق، وانهيار مستمر للعملة المحلية، وتراجع حاد في الخدمات الأساسية، فضلًا عن امتداد تأثيرات الصراع إلى المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن، مما يعمّق حجم المسؤوليات الملقاة على عاتق المجلس وقيادته.
ورغم تعقيد المشهد، إلا أن الإنجازات المحققة على الصعيد السياسي والدبلوماسي تفتح نافذة أمل أمام الجنوبيين. فقد شكّل تأسيس بعثة المجلس الانتقالي الجنوبي في العاصمة الأمريكية واشنطن خطوة استراتيجية تعكس حضور الجنوب على الساحة الدولية، وتمثل بداية مسار سياسي خارجي واعد، ستتبعه خطوات أخرى بإذن الله، لتعزيز علاقات الجنوب مع العالم ومراكمة الاعتراف بقضيته العادلة.
وعلى الصعيد الداخلي، لا تزال الفرصة سانحة لترجمة مخرجات الحوار الوطني الجنوبي إلى واقع ملموس، من خلال بناء إدارة جنوبية فاعلة ومؤثرة، تعزز المشاركة السياسية، وتكرّس مبدأ الشراكة والتنوع، وتضع حدًا لحالة التهميش والإقصاء التي عانى منها كثيرون. فبترسيخ الإدارة الرشيدة، وتقوية النسيج الاجتماعي، والارتقاء بالأداء المؤسساتي، يمكن التخفيف من معاناة الناس، ووضع حد لحالة العجز والتراخي الحكومي.
إن ما التزمت به قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، ممثلة بالرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي، من إصلاحات حقيقية وخطوات عملية، يضعها اليوم أمام اختبار صعب لكنه ليس مستحيلًا، وهو اختبار الوفاء لدماء الشهداء وتضحيات الشعب، عبر العمل الميداني الدؤوب، وتحمل المسؤولية، ومواجهة الفساد، وإعادة تنظيم الأولويات بما يخدم المواطن أولًا وأخيرًا.
وإذا كان الرابع من مايو قد شكّل بداية جديدة للمشروع الوطني الجنوبي، فإن الذكرى اليوم تمثل محطة للمراجعة والتقييم، وتجديد العهد مع الأرض والهوية. فالجنوب كان وسيبقى ولّادًا بالرجال، متجددًا بروح أبنائه، صامدًا في وجه المحن، وواثقًا من حقه في أن يكون شريكًا أصيلًا في الإقليم والعالم.
*جسار فاروق مكاوي .
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news