(عدن توداي)
ما أثقل الفقد حين يأتي على هيئة غيابٍ لا رجعة بعده، وما أوجعه حين يخطف من بيننا من كان للدرب رفيقًا لا يُعوّض.
بقلبٍ يملؤه الحزن ، وعينٍ تفيض بالدمع، أنعى أخي وصديقي ورفيقي محمد يحيى، الذي ارتقى إلى جوار ربه، بعد عمرٍ قضاه بالعطاء، ونفسٍ لا تعرف إلا النُبل، وابتسامةٍ ما غابت عن محياه حتى في أقسى لحظات مرضه.
كان محمد لي أكثر من مجرد صديق… كان منذ الطفولة الأولى، زميلاً في مقاعد الدراسة الابتدائية، حين كبرت بنا الحياة وشدتنا مسؤولياتها. وحين جمعنا العمل في جمعية الإصلاح الاجتماعي الخيرية، لم يكن مجرد زميل، بل كان قلبًا نابضًا بالرحمة، روحًا معطاءة لا تنتظر شكرًا ولا جزاء.
في المركز الطبي، لم يكن وجود محمد عاديًا؛ كان عمادًا يُركن إليه، وكان حضوره يبعث على الطمأنينة، وكان احتكاكه بالناس يزرع فيهم الثقة والسكينة. ما رأيته يومًا متجهم الوجه، أو متضجرًا من خدمة أحد، بل كان كمن اختير ليكون حلقة وصل بين الوجع والرحمة، بين الحزن والدواء.
ثم، حين خطا خطوةً أخرى نحو خدمته للناس بافتتاح صيدليته الخاصة، لم تتغيّر طباعه، بقي كما عهدناه: مبتسمًا، لطيفًا، حاضر القلب، يُداوي بالكلمة قبل أن يُقدّم العلاج، يُعامل الناس وكأنهم أسرته، وكأن كل مريض هو أمانةٌ في عنقه.
ثم جاءت محنة المرض… صامتة في بدايتها، موجعة في تطورها، طويلة في سنيّها. ومع ذلك، لم نسمع منه شكوى، ولم نرَ في عينيه إلا رضا المؤمن الصابر. احتسب الألم، واحتضن البلاء كما يحتضنه الصالحون، حتى سلّم الروح لبارئها، تاركًا لنا ثقل الغياب، ووحشة الفقد، ومرارة الوداع.
محمد لم يكن شخصًا عاديا… كان فصلًا كاملًا من فصولها. كان أخًا، وصديقًا، وكان طيفًا يبعث في النفس السكون، حتى وهو يتألم.
مقالات ذات صلة
رسالة شكر وعرفان لكل من واسانا في مصابنا الجلل فقيد الوطن الشيخ علي ماطر
تنعي الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء ومناضلين الثورة اليمنية وفاة المناضل الخضر علي بن فطام الكازمي
إلى أولاده الأحبة، وإخوانه الكرام، وكافة أسرته النبيلة، نتقدّم بخالص التعازي وعظيم المواساة، نسأل الله أن يُلهمكم الصبر، ويجبر كسركم، ويعظّم أجركم، فما فقدتموه ليس مجرد أب أو أخ أو قريب، بل قامة من الوفاء، وسيرة طيّبة، وذكرى لا يطويها الزمان.
رحمك الله يا أبا علي، بقدر ما أوجعنا رحيلك، وبقدر ما زرعت فينا من محبةٍ وخيرٍ وإنسانية. نسأل الله أن يجعل قبرك روضةً من رياض الجنة، وأن يسكنك فسيح جناته، وأن يربط على قلوبنا الموجوعة بغيابك.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
الأسيف : عبدالعزيز الحمزة
الثلاثاء ٢٩ ابريل ٢٠٢٥م
تحرير المقال
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news