سما نيوز / المكلا /خاص
المكلا، حضرموت:
استمرت أصداء المليونية التي نظمها المجلس الانتقالي الجنوبي يوم أمس في مدينة المكلا بمناسبة ذكرى “تحرير الساحل” في إثارة جدل واسع في الأوساط الجنوبية، حيث تزايدت التساؤلات والانتقادات المصاحبة للحضور الجماهيري الكبير الذي شهدته الفعالية.
ورغم الكثافة البشرية التي ظهرت في المليونية، يرى مراقبون أنها عكست “واقعًا مشوهًا” و”حالة الازدواج” التي يعيشها الجنوب. وبرز في المشهد الحضور الرسمي للمؤتمر الشعبي العام على منصة الانتقالي للمرة الأولى منذ ثماني سنوات، بالإضافة إلى هيمنة الزي العسكري اليمني على العرض العسكري الذي أقيم احتفاءً بقوات النخبة الحضرمية.
إلى جانب ذلك، تناقلت شبكات التواصل الاجتماعي على نطاق واسع
تسجيلات صوتية ومقاطع فيديو لمشاركين من حضرموت يؤكدون فيها أن المجلس الانتقالي قام بدفع مبالغ مالية لهم مقابل المشاركة في المليونية، حيث ذكر البعض أنهم تقاضوا ما يقارب سبعة آلاف ريال يمني للفرد الواحد.
وقد أثارت هذه التسجيلات استياءً واسعًا، حيث اعتبرها البعض استغلالًا للوضع المعيشي الصعب الذي يواجهه المواطنون في ظل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة.
وتعززت الشكوك حول حجم المشاركة الحقيقية لأبناء حضرموت في المليونية مع تداول أنباء غير مؤكدة تشير إلى أن الحشود المشاركة تم جلبها من مختلف المحافظات الجنوبية من قبل فروع المجلس الانتقالي والعاملين فيه، وهو ما يتعارض مع محاولات إعلام الانتقالي إظهارها كحشد حضرمي خالص يعكس التأييد الشعبي الواسع في المحافظة.
وقد أثارت هذه التطورات جدلاً أعمق بين الجنوبيين على شبكات التواصل الاجتماعي. فقد ذهب البعض إلى التأكيد على أن حلف قبائل حضرموت قد “سحب البساط” من تحت أقدام الانتقالي، مشيرين إلى أن الدعوة التي وجهها الشيخ عمرو بن حبريش لحشد قبلي لم تشهد مشاركة واسعة من خارج حضرموت، وتميزت بحضور قبلي رفيع المستوى من الشيوخ والأعيان، في تناقض واضح مع ما قيل عن اعتماد الانتقالي على موظفيه في الحشد.
كما استمر الجدل حول مطلب نائب رئيس المجلس الانتقالي، أحمد بن بريك، بإقامة “حضرموت الاتحادية”. وبينما يرى فيه البعض مجرد “خدعة وأكاذيب” يمارسها الانتقالي لامتصاص حالة السخط المتزايدة في صفوف قواعده الشعبية نتيجة “الفشل” في تحقيق أهدافها، يعتبره آخرون “ضغطًا سياسيًا” يهدف إلى توجيه رسالة للخارج بأن الانتقالي يسيطر على حضرموت وأنه الممثل الوحيد للقضية الجنوبية.
وكالعادة، لعب الإعلام التابع للانتقالي دورًا بارزًا في محاولة إبراز المليونية بالشكل الذي يخدم أجندته السياسية. لكن التساؤلات تتصاعد حول كيفية تعاطي المجتمع الدولي مع هذا الواقع والحقائق التي أفرزتها الصراعات السياسية في جنوب اليمن، خاصة في ظل الاتهامات بدفع المال للمشاركين وتضارب الروايات حول طبيعة الحشود.
ويرى قطاع واسع من الجنوبيين أن المجلس الانتقالي قد “فشل فشلاً ذريعًا” خلال السنوات الثماني الماضية في تحقيق أي من الأهداف المعلنة، خاصة في ظل التدهور الاقتصادي الحاد وارتفاع تكاليف المعيشة والأوضاع الصحية المتردية في عدن، بما في ذلك حالة الذعر الناتجة عن انتشار الأمراض والوفيات.
وفي خضم هذه التطورات المتسارعة، يترقب الكثيرون في الجنوب ما ستسفر عنه المشاورات الجارية في الرياض هذه المرة، وما إذا كانت ستأتي بحلول تلامس تطلعات الشارع الجنوبي وتعالج الأزمات المتفاقمة في ظل هذه الانقسامات والاتهامات المتزايدة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news