قبل أسابيع فقط، كان شعار #الحوثي_انتهى يُتداول بين ناشطين على منصات التواصل، وكأنه تعبير عاطفي أو أُمنية تتكرر منذ سنوات.
ولكن مع تصاعد الضربات الأمريكية الكثيفة والدقيقة، تغيّر كل شيء، لم يعد الشعار تغريدة، بل عنوانًا لتحول تاريخي في موازين القوى.
والعمليات الجوية التي تنفذها القوات الأمريكية خلال الأيام الماضية ليست روتينية، بل تمثل استهدافًا ممنهجًا للبنية العسكرية الحوثية، منظومات الصواريخ، مراكز القيادة، مستودعات السلاح، وحتى الأنفاق، كلها دخلت بنك الأهداف بدقة متناهية.
وتتحدث التقارير الاستخباراتية عن خسائر فادحة، وارتباك واضح داخل صفوف الحوثيين، وانهيار في منظومتهم الدفاعية. وفي هذا السياق، يبدو أن العبارة "#الحوثي_انتهى" لم تعد سابقة لأوانها.. بل باتت توازي ما يحدث فعليًا على الأرض.
*- تغيّر قواعد اللعبة:*
و ما يميز الضربات الأمريكية هذه المرة ليس فقط كثافتها، بل طبيعتها الذكية والدقيقة، التي تهدف إلى شلّ الجهاز العسكري الحوثي، لا مجرد إضعافه.
وتشمل التقنيات المستخدمة طائرات بدون طيار هجومية، وصواريخ موجهة بدقة، ورصد لحظي من الأقمار الصناعية.
وتشير مصادر ميدانية إلى أن أكثر من 70% من منظومات الدفاع الجوي الحوثية باتت خارج الخدمة خلال أسبوع واحد فقط، كما تم استهداف غرف العمليات ومقرات الاتصالات، ما جعل الجماعة تعيش حالة شللٍ تكتيكيٍ مميت.
و ركزت الضربات كذلك على مواقع في عمق صعدة وصنعاء، لم تُستهدف منذ سنوات، مما أربك القيادة العليا للجماعة.
وكانت الرسالة الأمريكية واضحة: لا خطوط حمراء بعد اليوم، وكل ما يهدد الملاحة الدولية أو الأمن الإقليمي، سيتم سحقه.
*- لحظة الحسم:*
وكل ما كانت تحتاجه الحكومة الشرعية طيلة سنوات الحرب هو توافر "نافذة عملياتية"-حسب قولها- تفتح طريق التحرير، ويبدو أن هذه اللحظة قد جاءت، فمع تهاوي دفاعات الحوثيين، تبدو الفرصة سانحة الآن للتحرك البري الفعّال، دون تكاليف بشرية أو زمنية كبيرة.
وتشير التقديرات العسكرية إلى أن دخول صنعاء والحديدة قد لا يستغرق أكثر من أسبوعين إذا تم التنسيق المباشر مع التحالف والدعم اللوجستي.
وقوات الشرعية بحاجة فقط إلى التحرك الذكي والسريع، وكسر حاجز التردد، قبل أن يعيد الحوثي ترتيب صفوفه.
ويوفر الغطاء الجوي الأمريكي أرضية مثالية لأي عملية تحرير، والأمر الآن بيد القرار السياسي في عدن والرياض، حيث أن الوقت مناسب، والخصم منهار، وكل تأخير سيكون هدية مجانية للميليشيا كي تلتقط أنفاسها.
*- دلالات التحول الدولي:*
ويعكس الدعم الأمريكي المكثف تحولًا جذريًا في الموقف الدولي من ميليشيا الحوثي، من جماعة أمر واقع إلى هدف عسكري مشروع.
وباتت الولايات المتحدة، ومعها بريطانيا، تعتبران الميليشيا تهديدًا للملاحة العالمية، وليس مجرد طرف في صراع داخلي يمني، وهذا التحول فتح المجال لتصنيف الحوثيين كـ"جماعة إرهابية دولية" من جديد، بما يفتح الباب أمام إجراءات قانونية ومالية ضدهم.
كما أن هذا الدعم قد يدفع أطرافًا مترددة — كالأمم المتحدة — إلى إعادة تقييم خطابها "الحيادي"، ومغادرة مربع التوازن المصطنع، فالرسالة واضحة: من يهدد الاقتصاد العالمي والسلم الإقليمي، لن يكون في مأمن من الرد الصارم. وفي الداخل اليمني، هذا يعني أن الحوثيين باتوا في مواجهة مع العالم، لا مجرد اليمنيين.
*- سيناريو ما بعد السقوط..:*
وإذا ما تحقق فعلاً سقوط 90% من القوة الحوثية، فإن التحدي لن يكون عسكريًا فقط، بل إداريًا وأمنيًا وسياسيًا، فالمناطق المحررة تعاني من غياب إدارة رشيدة تمنع الفوضى، وتملأ الفراغ، وتمنع تكرار سيناريوهات سابقة.
وباتت الشرعية مطالبة بوضع خطط واضحة لـ"ما بعد الحوثي"، تشمل إعادة الخدمات، تأمين المدن، وخلق توافق مجتمعي، بدلا من انشغالها بمرتبات موظفي معاشيق، والفراغ أخطر من العدو، وإذا لم يتم استغلال لحظة الانهيار، فقد تفرز الساحة ميليشيات جديدة أو فوضى مناطقية.
وأيضًا، يجب حماية المدنيين، وفتح أبواب المصالحة الوطنية، كي لا يُنظر للتحرير كمجرد نصر لطرف على طرف، فالفرصة ذهبية، لكنها أيضًا دقيقة.. والتاريخ لن يرحم أي تقاعس في لحظة النصر.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news