مقال الرأي/كتبه محمد التوي
في يوم 24 من إبريل عام 2016م انتفضت حضرموت من ركام القهر، وارتفعت رايات الكرامة فوق سماء المكلا، حينما تحررت المدينة ومعها كامل الساحل الحضرمي من قبضة تنظيم القاعدة، في لحظة مجيدة خُطّت في سجل المجد بمداد من التضحية والإرادة والشجاعة النادرة، لم يكن ذلك الانتصار مجرد حدث عسكري عابر بل كان لحظة مفصلية أعادت تشكيل الوعي الحضرمي، ورسخت لبنة أولى في مشروع الأمن الحضرمي الذاتي، بُني على سواعد رجاله وقبائله الشامخة.
المكلا تتحرر .. وصوت حضرموت يعلو
واستمرت سيطرة القاعدة على المكلا قرابة عام كامل، عاشت خلاله المدينة كابوسًا من الفوضى والرعب، وبدأت الدولة فيه غائبة، والمصير معلقًا على خيط رفيع من الرجاء، لكن ذلك الغياب لم يكن فراغًا مطلقًا؛ ففي الخفاء كانت هناك طبول تُقرع، ورجال يخططون وحلفٌ يُعيد رسم ملامح القوة الحضرمية.
وفي 24 أبريل 2016 أشرقت الشمس على مدينة مختلفة، دخول القوات المشتركة وعلى رأسها النخبة الحضرمية، مثّل إعادة الاعتبار لحضرموت كقوة فاعلة في معادلة اليمن الأمنية والعسكرية، وكمكون قادر على حماية أرضه دون انتظار أحد.
مقالات ذات صلة
بشعار حب العطاء أجمل من حجم العطاء نخدم عروبتنا
العمّار الجميل والاستثمار الأجـمل… بقلم /عبدالسلام فارع
حلف قبائل حضرموت .. من صوت القبيلة إلى عقل الدولة
قبل التحرير كان حلف قبائل حضرموت قد أثبت نفسه كجسم سياسي واجتماعي نافذ، قادر على جمع شتات القبائل تحت مظلة واحدة، ووسط ذلك المشهد القلق أدرك الحلف أن النهوض لا يأتي فقط من الشكوى والتصريحات بل من الفعل والتأسيس.
فكان الحلف بقيادة الشيخ عمرو بن حبريش العليي، رأس الحربة في الدفع نحو تشكيل قوة حضرمية خالص،. ومن رحم ذلك الضغط الشعبي والقبلي وُلدت “النخبة الحضرمية”، كأول قوة نظامية ذات طابع محلي، تتلقى تدريبها بدعم من التحالف العربي، وتتمسك في آنٍ واحد بهويتها الحضرمية وأدوارها الأمنية والعسكرية.
النخبة الحضرمية .. حماة الأرض والكرامة
لم تكن النخبة الحضرمية مجرد تشكيل أمني بل كانت فكرة مقاومة، ومشروع استقلال أمني ونداء حضرموتي بأن “الأرض لأبنائها”، تولت النخبة مهمة التحرير ثم الأمن، ثم فرض الاستقرار في مختلف مناطق الساحل، فكانت الحصن الحصين من الفوضة، ومثلت نموذجًا أمنيًا يحظى بثقة المجتمع ورضاه.
وما كان لهذه القوة أن ترى النور لولا المواقف الجريئة والرؤية الواضحة لحلف قبائل حضرموت، الذي لم يقف عند حدود البيان والمناشدة، بل انتقل إلى الفعل والتنفيذ، مؤسسًا بذلك عهدًا جديدًا من التمكين القبلي المسؤول، المتجاوز لعقلية الثأر إلى عقلية البناء.
حضرموت تكتب تاريخها بنفسها
في كل عام تحل فيه ذكرى تحرير المكلا، يتجدد السؤال: ماذا يعني أن تتحرر مدينة؟ والجواب، في حضرموت لا يحتاج تأويلاً: يعني أن تعود الروح إلى جسد الوطن، أن تتقدم القبائل كمؤسسات، لا كعصبيات، وأن تكون النخبة الحضرمية شاهدة على أن من يحمي الأرض، هو من يستحق قيادتها.
لقد كتبت حضرموت في ذلك اليوم المجيد سطرًا في كتاب التاريخ لا بالحبر، بل بدماء شهدائها، وإرادة رجالها، ووعي أبنائها، وما زال ذلك السطر مفتوحًا، ينتظر من يكمله بالوفاء للوطن والولاء للكرامة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news