#تمهيد:
نعيش اليوم في عالم لا يستطيع فيه القاضي الفرد مهما أوتي من شجاعة وعزيمة، أن يدافع عن استقلاله، وأن يصمد في مواجهة محاولات التأثير عليه في قضائه. ومن هنا، كان تجمع القضاة في أغلب البلدان - ومنها اليمن - في نقابة؛ لتكون حصنهم ومنطلقهم لرد أي عدوان على إستقلال القضاء.. ومع علمنا الأكيد من خلال المواقع الإخبارية القضائية و وسائل التواصل الاجتماعي، عن أنعقاد المؤتمر التأسيسي الذي سيمهد لإنتخابات نادي القضاة الجنوبي بعدن، نضع هذة النصائح بكل تواضع قبل أنعقاد هذا الموتمر، وقبل المباشرة بانتخاب قيادة النادي، سواءً على مستوى قيادات الفروع أو المكتب العام للنادي.. أملين الالتفات اليها مع إمكانية التعديل او الحذف أو الاضافة. ولكي نبسط هذا الموضوع، سنقسمة الى محورين: سنتناول في الأول تشخيص مشكلة نادي القضاة، ثم نخصص المحور الثاني لطرح بعض التوصيات والمقترحات قدر الإمكان كحلول متواضعه لهذة المشاكل!
#اولا/ تشخيص المشكلة:
١- من المعلوم أن نادي القضاة هو كيان نقابي، يدافع عن حقوق جميع أعضاء السلطة القضائية الواردة في الدستور والقوانين واللوائح والانظمة النافذة.
٢- من المتفق عليه أن نادي القضاة، ليس كيان قضائي (يتبع سلطة المحاكم)، ولا كيان إداري (يتبع سلطة مجلس القضاء)، ولا كيان مالي (يتبع وزارة العدل)، ولا كيان سياسي مدعوم أو تابع لأي تيار أو حزب أو مجلس سياسي.
٣- من البديهي أن تكون علاقة قيادات نادي القضاة مع الهيئات القضائية والسياسية متوازنه، وآن لا يسمح قيادات النادي بتدخل تلك الكيانات في نشاط النادي، وبما يحقق حماية حقوق ومصالح أعضاء السلطة القضائية.
٤- الثابت أن قانون السلطة القضائية، لم يتضمن بابًا خاصًا ينظم اعمال نادي القضاة، كاعتراف تشريعي باعتبار النادي مؤسسة مهنية، تضمن استقلال القضاء، الى جانب الهيئات القضائية المذكورة في القانون… وعلى الرغم، أن البعض قد يرى أن القانون ينظم هيئات السلطة القضائية، أما نادي القضاة فليس من تشكيلات هذه السلطة، وإنما تنظيم كغيرة من التنظيمات المهنية، فيخضع لرقابة وزارة الشؤون الاجتماعية، وفي "راينا المتواضع"، أن النادي يعبّر عن شؤون القضاة، ويدعم استقلالهم ويراعي مصالحهم، وعلى هذا الآساس، فأن النص على إستقلال النادي تشريعيًا، هو جزء من استقلال هيئات القضاء.
٥- لوحظ موخرا أن مناصب نادي القضاة أصبحت نفعيه شخصية، فالعمل النقابي يجب أن لا يكون (حصان طروادة)؛ للوصول الى المناصب العليا في السلطة القضائية، أو الى آي مناصب سياسية، أو مصالح نفعيه مرتبط برواتب، أو امتيازات، أو اكراميات، أو أي مخصصات مالية شخصية لقيادات النادي.
٦- لا يخفى عليكم أن النادي ملك جميع أعضاء السلطة القضائية، معنى هذا، أنه يجب أن لا نمنع آي عضو في هذة السلطة من المشاركة في الانتخابات، سواءً كناخب للادلاء بصوته، أو حقه في الترشح لقيادة النادي.
٧- أثبتت التجارب السابقة أن مجلس القضاء، يتولى أحيانًا تقديم الخدمات لبعض القضاة، كصرف السيارات، ومصاريف العلاج، ودعم رحلات الحج والعمرة، في الوقت ان هذة المهام والخدمات من صميم وصلب عمل النادي بعد توفير الامكانات المادية المتاحه.
٨- لوحظ آن مهام النادي في الفترات السابقه، تقتصر على حقوق القضاة المالية والمادية وترك النادي اختصاصاته الاخرى، كتقديم خدمات تعليمية، ومنها توفير المراجع للقضاة بأسعار زهيدة، وتزويد كل قاض بمكتبة إلكترونية للقوانين والسوابق القضائية.. وياحبذا لو تنشر (مجلة نصف سنوية أو سنوية على الاقل) خاصة بالنادي، تتضمن نشر أخبار النادى والقضاة، وكذا نشر بعض القواعد القانونية والمبادى القضائية الصادرة من المحكمة العليا، بالإضافة الى المقالات والابحاث والدراسات القضائية والقانونية؛ الهادفة للارتقاء بالعمل الميداني وتطوير التشريعات العدلية..
#ثانيا/ التوصيات والمقترحات:
نوصي القيادات القضائية المشرفة والمنظمة لإنتخابات نادي القضاة الجنوبي بالآتي:
١- حتى نضمن الحياد والنزاهه قدر الامكان، نوصي بأن يتولى إنتخابات فروع المحافظات لجنة قضائية - أسوة بانتخابات أندية القضاة العربية - تشكل من رئيس محكمة إستئناف المحافظة نفسها التي تجرى فيها الانتخابات، وبمشاركة عضوين من محكمة الاستئناف نفسها، وعلى نفس السياق، يتولى أحد نواب رئيس المحكمة العليا إنتخابات النادي العام على مستوى محافظات الجنوب، على أن يتنازل من يرأس لجان الانتخاب عن حق في الترشيح بالانتخابات وكذا الفصل في الطعون.
٢- ولكي نضمن نزاهة وشفافية وقانونية إجراءات هذة اللجنة المشرفة على الانتخابات، يكون من أبرز مهامها:
- تلقى أوراق الترشح وفحصها.
- تلقى الطعون والاعتراضات على المرشحين والفصل فيها.
- إعلان القائمة النهائية للمرشحين.
- بدء مرحلة الدعاية الانتخابية..
- تتولى عرض اسماء المرشحين ونشرهم في الصحيفة القضائيه ليتمكن ذي صفة ومصلحة بالطعن
- تحدد اللجنة القواعد المتعلقة بعملية التصويت، والتى من بينها التأكيد على أن يكون التصويت بالبطاقة القضائية.
- تحدد اللجنة مواعيد الاقتراع، ساعة بدايته وانتهائه.
- تستمر مهام اللجنة لما بعد غلق باب التصويت، حيث تقوم هى بإعلان نتائج الانتخابات.
٣- نقترح بأن تكون حصص الترشيح منسّقه وموزّعة بالتساوي وبشكل عادل، وبحسب فئات ودرجات المحاكم والنيابات.. وبشكل أوضح على سبيل المثال: من الفئة الاولى/ ترشيح عضوين يمثلا المحكمة العليا، ويقابلها ترشيح عضوين يمثلا مكتب النائب العام ونيابة النقض، الفئة الثانية/ يسري هذا التوزيع في الترشيح لأربعة أعضاء من محاكم ونيابات الاستئناف، الفئة الثالثة/ ترشيح أربعه أعضاء من المحاكم والنيابات الابتدائية، الفئة الرابعة/ ترشيح أربعه أعضاء، واحد يمثل وزارة العدل، والاخر يمثل مساعدي القضاة ومعاونيهم العاملين في المحاكم والنيابات.
٤- من الواجب عدم الاعتماد على نظام (القوائم المحددة مسبقًا، سواءً للادلاء بالاصوات أو الترشيح)، ولذلك، نرى من الأنسب السماح لجميع أعضاء السلطة القضائية بالمشاركة في العملية الانتخابية كلا في محافظته ودون آي أستثناء .
٥- يستحسن ان يكون ضابط ومعيار المشاركة في إنتخابات فروع النادي في المحافظات هي، أن يكون العضو المشارك فيها من مواليد هذة المحافظة، ولو كانت ولايته القضائية أو الإدارية خارج هذة المحافظة.. فمسقط الرأس ثابت ومستقر، ومقدم على مكان الولاية الغير ثابت والغير مستقر في عمل عضو السلطة القضائية.
٦- نشدد على عدم الجمع بين الولاية القضائية والولاية النقابية، وكذا عدم الاستفادة من أي مناصب سياسية أو قضائية أو ادارية… ونحو ذلك من ظائف أو أي أعمال أخرى؛ إذا كانت تدر له دخل مالي أخر، ولو أضطر الأمر لتعديل النظام الاساسي.
٧- نهيب بعدم جمع أعضاء قيادات النادي المركزية لعملهم النقابي، مع ولا يتهم القضائية الحالية، للتفرغ لنشاطهم النقابي وتأديته على أكمل وجه، مع الاحتفاظ بجميع حقوقهم الماليه، واي تسويات مالية أو قضائية خلال فترة عملهم في قيادات النادي.. على أن تصرف للاعضاء المرشحين نفقات مالية كافية من مخصص النادي، سواءً كانت شخصية أو لتسيير أعمال النادي.
٨- نرى من الأنسب توسيع صلاحية نادي القضاة، الى حد منحه الحق في دعوة مجلس القضاء الأعلى للانعقاد؛ للنظر في مسائل معينة، باعتبار الأهمية المعقودة على النادي في توجيه اعمال مجلس القضاء الاعلى وتصويبها عند الاقتضاء.
٩- من المستحسن أن يحلف العضو المرشح لقيادة النادي اليمين النقابية أمام رئيس لجنة الانتخابات، سواءً على مستوى الفروع، أو على المستوى العام، وآن يكون مضمون صيغتها، العمل على حماية حقوق ومصالح أعضاء السلطة القضائية الذي يمثلهم، وعدم الانتفاع بآي مناصب نفعيه، أو إكراميات ماليه، أو أي دعم شخصي خلال فترة العمل النقابي.
١٠- ندعم فكرة نقل موارد صندوق إغاثة القضاة المرضى بحالات حرجة، لاعتبارها من مهام النادي، على أن يتم تحديد نسبه بسيطة للصندوق من مخصص مجلس القضاء، بإلاضافة الى اشتراكات شهرية من القضاة أنفسهم وما يهدى إليه من تبرعات، على أن يدير هذة الخدمات لجنة وفق أليه واضحة ومحددة وبكل شفافية ونزاهة وأمانه.
تلكم نصائح وتوصيات ومقترحات متواضعة دونتها على عجاله.. نأمل الالتفات إليها بعين الاهتمام والحرص والجدية.. مع تمنياتي بالتوفيق والنجاح لإنتخابات النادي؛ لإبراز دوره كمدافع رصين لحقوق ومصالح أعضاء السلطة القضائية، وحارس أمين على إستقلال القضاء الى جانب الهيئات القضائية الاخرى.
القاضي/
*صالح عبدالله المرفدي
عضوٍ المحكمة العليا للجمهورية
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news